شهد الدولار في السوق الموازية خلال الأسبوع الماضي، ارتفاعات كبيرة، حيث بلغ سعر الشراء في  تعاملات صباح الخميس الماضى 48 جنيها للدولار الواحد، ليتراجع بعدها إلى حدود 44 جنيها.

ويأتي الارتفاع المفاجئ والذي يزيد عن السعر الرسمي 14 جنيها؛ نتيجة عدد من العوامل، لكن يبقى الفارق كبيرا نسبيا، والبعض يراه غير مبرر.

وسبق وأكدت أجهزة الدولة، عدم وجود نيه؛ لتخفيض سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكي في المدى القريب، ذلك رغم مطالبات صندوق النقد الدولي بتسريع اتخاذ خطوة تخفيض سعر الصرف.

تعليقا على ارتفاع الدولار في السوق الموازي “السوق غير الرسمية”، قال مصدر مصرفي لـ”مصر 360”: إن ما تشهده السوق أمر “مريب” فلا مبرر لتلك الارتفاعات، حاليًا.

مشيرا إلى أن بعض تجار المشغولات الذهبية والمستوردين دأبوا على استخدام بطاقات الخصم المباشر والائتمان بجمع العملة الأجنبية.

وقرر البنك المركزي وقف استخدام بطاقات الخصم المباشر للعملاء في خارج مصر، على أن تُستخدم فقط داخل البلاد، وشكل هذا القرار، ضغوطًا على التجارة الإلكترونية.

كما كرر البنك الأمر ذاته مع بطاقات الائتمان، ووضع لها سقًفا أعلى للاستخدام في الخارج، لا يتجاوز 250 دولارًا.

وأوضح البنك المركزي، أن بعض حملة تلك البطاقات يسيئون استخدامها في عمليات شراء من الخارج، كما استخدمها بعض التجار الذين كانوا يحملون أكثر من 100 بطاقة، يجمعونها من أصحابها للقيام بمشتريات بها من الخارج، ويتم تسويتها عبر البنوك المحلية، بينما ترتفع أسعار السلع والبضائع التي يبيعها التجار.

لكن بعض حملة تلك البطاقات أكدوا، أن استخدامها من صميم عملهم كشركات الدعاية واستيراد منتجات إلكترونية، وخدمات تصميم المواقع والاستضافة والخدمات التعليمية من دفع الرسوم للكورسات والدورات التدريبية، وغيرها من أنشطة تحتاج الدفع بالدولار .

ويقول المسئول المصرفي، إن شائعات التعويم لا تزال تسيطر على السوق، رغم تأكيد الدولة، على أنها لن تتخذ تلك الخطوة، حال وجود أي ضرر بالطبقات الفقيرة، وفي ظل مستويات التضخم المرتفعة حاليًا.

على جانب آخر، فإن إيرادات الدولة الدولارية تزايدت في الفترة الأخيرة، واستطاعت تخفيف الضغط على العملة باتفاقيات المبادلة.

حيث وافقت الصين، أخيرًا، على برنامج لمبادلة الديون مع القاهرة للمرة الأولى في تاريخها، إضافة إلى إعلان شركات صينية ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار، لإنتاج الوقود الأخضر والتصنيع. إضافة لتقديم تمويلات ميسرة؛ لإنشاء المرحلتين الثالثة والرابع من مشروع القطار الكهربائي الخفيف.

عمليات الخصخصة.. هل ترضي صندوق النقد؟

وفيما يتعلق بسعر الصرف، قال مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور، على هامش الاجتماع السنوي للصندوق والبنك الدوليين بالمغرب.

إن الصندوق لا يضع توقعات بخصوص صرف الجنيه، حيث يحدد العرض والطلب سعر الصرف الحقيقي لأي عملة، لكن وجود سياسة مرنة جزء أساسي؛ لحماية الاقتصاد بمواجهة الصدمات العالمية.

وأكد بنك “بي إن بي باريبا” أن عمليات الخصخصة التي تم تنفيذها مؤخرا في مصر، وما زالت تجري ، تتوافق نسبياً مع متطلبات صندوق النقد الدولي.

حيث بيعت أصول بقيمة ما يقرب من ملياري دولار خلال العام المالي 2022/2023، بينما ستطرح شركات تقدر بحوالي 6 مليارات دولار للعام المالي الحالي 2023/2024.

وبحسب البنك المركزي، فإن احتياطي مصر من العملات الأجنبية ارتفع إلى 35 مليار دولار في نهاية السنة المالية السابقة. ومن المتوقع، أن يستمر في الارتفاع إلى 39 مليار دولار، خلال السنة المالية الحالية، قبل أن يصل إلى 40 مليار دولار في السنة المالية القادمة.

لكن في مقابل هذه الزيادة، تشير بيانات البنك المركزي لوجود التزامات خارجية على مصر بنحو 11.327 مليار دولار، ويحين موعد سدادها خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري 2023.

وتتوزع الالتزامات بين نحو 2.96 ملياري دولار سعر فائدة (عبء الدين)، و8.367 مليارات دولار أقساط قروض.

 مطالبات بإجراءات حكومية لفرملة الدولار

وحذر الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، من ارتفاع سعر صرف الدولار، دون إجراءات لـ”فرملته” باعتباره، سيزيد من التضخم.

مشيرا إلى أن معظم التجار والمستوردين والأفراد يلبون احتياجاتهم من الدولار من السوق السوداء، وبالتالي ستنتقل تلك الارتفاعات لأسعار السلع .

وارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في شهر سبتمبر الماضي إلى 40.3% مقابل 39.7 % أغسطس الماضي، بحسب بيان من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ليسجل بذلك مستوى قياسيا جديدا بعد تحطيم رقم أغسطس.

وقدرت مصلحة الجمارك البضائع المتراكمة بنحو 4.8 مليارات دولار حتى نهاية سبتمبر، وأوضح البنك، أن القيود التي تؤثر على الواردات تعوق النشاط الاقتصادي في مصر بدرجات متفاوتة.

وشهدت الفترة الأخيرة تسريعًا في الإفراجات الجمركية، حيث تم  الإفراج عن بضائع بقيمة 9 مليارات دولار في غضون 45 يوماً بداية من سبتمبر، وحتى منتصف أكتوبر.

ويقول الإدريسي، إن الدولة تتحرك من أجل ضخ ودائع جديدة بالبنك المركزي لزيادة الاحتياطي، وحل سريع لنقص النقد الأجنبي وتأخر التعويم، الذي بسبب تأخيره تكلفته تزيد يوميًا.

ويضيف: قرار التعويم لو تم اتخاذه في يونيو الماضي، كان الدولار لن يتجاوز مستوى 34 أو 36 جنيها.

وكانت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أعلنت خفض تصنيف ديون مصر السيادية بالعملة المحلية، والعملات الأجنبية طويلة الأجل من درجة B إلى-B مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وتوقعت الوكالة مزيدًا من الضعف في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مضيفة أن تداعيات أزمة العملة الأجنبية؛ ستتسبب في تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أكبر بالسنة المالية 2024.

بينما حددت نظرتها المستقبلية للبلاد على أنها “مستقرة”، وجاء إعلانها بعد نحو أسبوعين من قرار وكالة موديز بخفض تصنيف ديون مصر السيادية إلى درجة Caa1 بدلا من درجة B3.