تشهد منطقة الشرق الأوسط إعادة تشكل كبرى، لم تعرفها، منذ عقود ذلك أن علاقات وأولويات القوى الدولية والإقليمية تتغير على نحو متسارع، وهو ما ينعكس بدوره على الترتيبات الأمنية في المنطقة. وفي ظل إعادة التشكل تلك، يتصاعد الدور الخليجي، خاصة السعودية والإمارات في أمن المنطقة، لا سيما أنهما تلعبان أدوارا أساسية في أزمات وصراعات المنطقة، وصياغة المحاور الإقليمية والدولية، معتمدتان في ذلك على الوفرة الاقتصادية والاستثمارية، وبناء تحالفات مع إسرائيل واختراق وتهميش القوى الإقليمية المنافسة، خاصة مصر وتركيا.
للاطلاع على الملف كاملا:
لهذا، يطرح موقع مصر360 هذا الملف الخاص، الذي يضم تقارير وتحليلات متنوعة، تحلل الدور الخليجي، خاصة للسعودية والإمارات في أمن منطقة الشرق الأوسط، من حيث دوافعه وأهدافه وعناصر سياساته الأمنية في الإقليم. يناقش الملف، أولًا: كيف يفكر الخليجيون في التعامل مع سياسات القوى الكبرى على المنطقة، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، والصين لحماية أمنهم ومصالحهم، وما إذا كانت قدرتهم على انتهاج سياسات متوازنة؛ للاستفادة من التنافس الدولي قابلة للبقاء من عدمه، في ظل لعبة خلط الأوراق في الأزمات والقضايا. ثم ينتقل، ثانيًا: إلى مناقشة التحالفات الإقليمية الجديدة، خاصة مع إسرائيل وتركيا، وتبعات ذلك على أمن المنطقة، وما يجابه ذلك من معضلات أمنية وسياسية.
ولعل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أعقاب الهجوم المفاجئ لحماس في 7 أكتوبر 2023 أظهر مدى هشاشة وانكشاف الرؤية الخليجية في الاعتماد على إسرائيل، كأحد محاور سياسة “الأمن البديل” في الإقليم بعد التراجع الأمريكي النسبي في الشرق الأوسط، فضلا عن أن الهجوم قد أربك مسار التطبيع الخليجي- الإسرائيلي، خاصة مع الإعلان عن محادثات الرياض وتل أبيب.
من جهة ثالثة، يفسر الملف أدوار الخليج في الصراعات الأهلية في المنطقة، وما إذا كانوا رعاة للحروب بالوكالة أم فاعلون طفيليون يتغذون على الصراعات؟، فإذا كانت السعودية والإمارات لا تملكان القدرة اللازمة على إشعال تلك الحروب؛ لكونها تعبيرا عن أزمات داخلية بالأساس، لكن البلدين تنهجان سياسات برجماتية توظف الحروب بالقدر الذي يخدم مصالحهما في إعادة تشكيل معادلات الأمن، وبناء قوتيهما في الشرق الأوسط.
من جهة رابعة، يحلل الملف أدوار السعودية والإمارات في “أمننة البحار”، حيث تصوغ الدولتان شبكات أمنية وتجارية للسيطرة على البحار والمواني في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وآسيا لتحقيق الرؤى الخليجية الجديدة في تعزيز قوتها الاقتصادية والأمنية العابرة للحدود. مع ذلك، فإن هذه الرؤى الخليجية لا تبدو منسجمة، إذ يثور صراع سعودي- إماراتي، تتصادم فيه المصالح والرؤى السياسية والاقتصادية.
خامسا وأخيرا، يطرح الملف علاقات القاهرة ودول الخليج، خاصة مع نظرة النخب الخليجية الجديدة، بأن مصر ليست أكبر، من أن تتراجع. فالسعودية والإمارات لا ترفضان، فحسب، الدور القيادي الإقليمي لمصر في الشرق الأوسط، وإنما تسعيان إلى الاستيلاء عليه سياسيا وثقافيا وتاريخيا عبر تهميشه، والسيطرة عليه من خلال مساعداتهم المالية التي قيدت حركة السياسة الخارجية المصرية في الشرق الأوسط، وقللت من قدرتها على ممارسة دور مستقل وفاعل، حتى في الأزمات الإقليمية التي تمس مباشرة الأمن القومي المصري، كسد النهضة والسودان وغيرها. وبرغم أن الخليج وضع شروطا للمساعدات لمصر مع تراجع الاحتياج الإقليمي لها، فلا يزال يخشى من أن أي عدم استقرار فيها قد يهدد أنظمة الخليج التي تعاني هشاشة هيكلية، مهما أظهرت من مصادر قوة ظاهرية.