تعرضت أسهم الشركات بالبورصة الأمريكية لضربات عنيفة منذ تنامي دعوات المقاطعة العربية لها احتجاجًا على دعم واشنطن غير المسبوق لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.
ومنذ تنامي دعوات المقاطعة التي بدأت يوم العاشر من أكتوبر المنصرم وعلى مدار عشرين يومًا، تتراجع أسهم الشركات الأمريكية النشطة في السوق المحلية، خاصة في قطاع الأغذية والمشروبات.
دفعت المقاطعة، بعض فروع الشركات للنأي بنفسها بعيدا، ورفع علم فلسطين أو التأكيد على أنها مستقلة.
تراجعت أسهم شركة بيبسي، النشطة في المياه والمياه الغازية ورقائق البطاطس منذ المقاطعة لتبلغ أدنى مستوى لها في عامين إلى 158 دولارًا للسهم.
كما تراجعت كوكاكولا كذلك لأدنى مستوى منذ نوفمبر 2021 ليعاود السهم اختبار منطقة الـ 55 دولارًا.
تعج مواقع التواصل الاجتماعي، حاليًا، بقوائم تتضمن شركات محلية تعمل في مجال تعبئة المياه المعدنية أو المشروبات الغازية والتي انتعش بعضها حتى أن أحد المصانع اضطرت للعمل ورديات إضافية من أجل تلبية الطلبات، بينما كانت شركة آخرى على وشك الإفلاس والبيع، الآن قامت بتسوية مشكلاتها مع الضرائب وعاودت الإنتاج.
منصة فيس بوك، شهد سهمها انخفاضا، حيث تُتهم شركة ميتا بالوقوف مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، ومع هذه الاتهامات تكررت دعوات لتعليق استخدامه والانتقال لمنصات بديله.
انخفض سهم فيس بوك من مستوى 324 دولارا للسهم إلى 296.7 دولار للسهم في خلال 13 يوما فقط، في المقابل ارتفع سهم منصة “إكس” (تويتر سابقا) والذي فتح المجال أمام المدونين العرب دون قيود من مستوى 49 دولارا إلى 54 دولارا خلال الفترة المقارنة ذاتها.
مطاعم الوجبات السريعة: الأسهم تظهر التأثر
تراجعت أسهم “ماكدونالدز” لأدنى مستوى لها منذ 27 أكتوبر 2022، ووصلت الأسهم إلى مستوى قياسي منخفض عند 245.5 دولارًا للسهم الواحد في 12 أكتوبر.
لكنها تحسنت بعض الشيء بعدما أصدرت شركات الامتياز التي تدير فروع “ماكدونالدز” لتركيا ومصر والأردن ولبنان وفي جميع أنحاء الخليج بيانات تنأى بنفسها عن تصرفات نظيراتها الإسرائيلية، وتبرع بعض الفروع فى المنطقة العربية بالأموال لغزة.
عاود السهم التراجع، مجددًا، من مستوى 259.35 دولار إلى 255.92 دولار ، بعد حادث مدينة مرسين التركية، التي تعرض فيها أحد فورع ماكدونالدز للتحطيم وإلقاء زجاجات حارقة بداخله مما تسبب في اشتعال النيران بداخله، احتجاجًا على توزيع فرع الشركة بإسرائيل وجبات مجانية على الجنود الإسرائيليين.
رفضت شركة ماكدونالدز الأم للتعليق على الأنشطة السياسية والخيرية لأصحاب الامتياز،رغم مطالبتها من قبل بعض وسائل الإعلام الامريكية بالتوضيح.
تعتمد الشركات الدولية في إدارة أفرعها على ما يسمى “الامتياز”، وهو اتفاق بين طرفين أحدهما صاحب الامتياز أو الشركة التي لديها منتج تريد أن توسع نطاق بيعه، والطرف الآخر هو الشخص المستثمر الممنوح له حق الانتفاع باسم هذه الشركة في بلد آخر.
يتلقى صاحب الامتياز المدفوعات والعمولة الدورية المتفق عليها كما له الحق في إدارة العلامة التجارية ومطالبة من ستمنحه حق الامتياز بالامتثال لتعليمات التشغيل والوصول للوثائق الضرورية للحفاظ على المبيعات والمخزون وحماية براءة الاختراع وغيرها.
ويحق لمن سيحصل على حق الامتياز، أن يتلقى الإعداد والتدريب اللازم لإدارة العمليات المختلفة للشركة المانحة والربح.
مواقع التواصل الاجتماعي ترصد المحال الخالية
على مواقع التواصل الاجتماعي، يتباري داعمو المقاطعة في تصوير محال فروع الشركات الأمريكية خالية وتصوير المتواجدين فيها كما لو كانوا يأكلون ويشربون من دم ولحم الفلسطينيين. واجتذبت للمرة الأولى فئات من الأطفال وصغار السن على عكس الحملات السابقة.
وتراجع سهم “كنتاكي فرايد تشيكن” مع تنامي الدعوات للمقاطعة والترويج للمنتتجات السورية والمصرية له بقوة ليهبط من مستوى 1300 دولار للسهم إلى 1294 دولارًا.
ورغم أن “ستاربكس” التي تجتذب فئة من الأثرياء ضمن حملة المقاطعة لكنها لم تتأثر كثيرًا في البداية لكن مع تكثيف الهجوم عليها تراجع السهم من مستوى 94.88 دولار في 23 أكتوبر إلى 92دولارًا يوم الجمعة الماضي.
هل المقاطعة سلاح فعال؟
التأثير الأكبر للمقاطعة يحتاج ــ بحسب خبراء إلى قرار رسمي- فحجم صادرات أمريكا للدول العربية والإسلامية يبلغ نحو 150 مليار دولار خاصة بعدما زاد حجم التبادل التجارى بين الطرفين عن 300 مليار دولار خلال عام 2022.
كما أن الصادرات الأوروبية إلى الدول العربية تعادل 3.7% من الصادرات الأوروبية الكلية وربع صادرات إسرائيل العسكرية اشترتها دول عربية بحوالي ثلاثة مليارات دولار.
لكن الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، يرى أن الاصل أن تكون الأولوية للمنتج المحلي في كل الأحوال وليس بأوقات المقاطعة فقط، لكن يجب أن تكون تلك الحملات منظمة تتخذ قرارات مدروسة معلنة البدايات والنهايات فلا مقاطعة للأبد.
يضيف جاب الله أنه يجب دراسة تأثير المقاطعة على الاقتصاديات المحلية ونسبة مشاركة رجال الأعمال المصريين بها وكذلك أوضاع العمالة.
ويشير إلى إن المقاطعة لا يجب أن تكون عشوائية، فالعقوبات والمقاطعة الأوروبية أضرت بأوروبا أكثر من روسيا، والدولة حاليا تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أضافة إلى التأكد من ملكية الشركة التي يتم الدعوة لمقاطعتها من ناحية الملكية التي تتغير باستمرار في ظل شراء الأسهم بالبورصات، كما تتنامي في تلك الأوقات محاولات استغلال المنافسين للموقف.
لكن الباحث الاقتصادي أبو بكر الديب يعتبر المقاطعة الشعبية في الدول العربية والإسلامية أهم سلاح يمكن اللجوء له خاصة أنه يعرض أمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول لخسائر، ويعطي رسالة اعتراض علي الهجوم الوحــشي لقوات إسرائيل على سكان غزة ومحاولة الإبادة وتهجيرهم .
يقدر الديب الخسائر التي قد تتعرض لها التكتلات سابقة الذكر بتريليوني دولار في ظل ما يقرب من ملياري مسلم يمكنهم مقاطعة منتجات وشركات الدول الداعمة لإسرائيل.
فى تقدير الديب أن تلك الدول ستضطر لمراجعة مواقفها وتصحيحها، خاصة أنه يمكن استبدال الواردات منها بواردات من دول أخري كالصين وروسيا وغيرها، فأهم الصادرات الأمريكية للعالم العربي هي المنتجات الاستهلاكية والسيارات والمعلوماتية والمنتجات الزراعية والأغذية والأسلحة والمعدات الحربية والمنتجات الطبية.