أثار الارتفاع المتتالي لأسعار السكر بالسوق المحلية التي سجلت 50 جنيهًا، في بعض المناطق تساؤلات، عن الأسباب في ظل تحقيق اكتفاء ذاتي يتجاوز 90 %.

ليس السكر سلعة ذات أهمية للمستهلكين وحسب، هناك بعض الصناعات التي تعتمد عليها كمستلزمات إنتاج، وفي الحالتين لا يمكن استبدالها بسلع أخرى.

أمام الأزمة، ضخت وزارة التموين كميات من احتياطي السكر الذي يكفي 5 أشهر، على أن يتم تعويضها مجددًا من محصول القصب المقرر توريده للمصانع ديسمبر القادم، إضافة إلى محصول البنجر الذي يتم توريده في مارس من العام 2024.

يقول كريم جمعة، معاون وزير التموين، إن الوزارة ضخت كميات؛ لتغذية السوق تتراوح بين 150و 160 ألف طن، بجانب 65 ألف طن للسكر التمويني.

تنتج مصر ما بين 2.6و 2.8 مليوني طن من السكر، بينما يصل استهلاكها لحوالي 3.2 ملايين طن، باكتفاء ذاتي يتجاوز 90 %.

ويشير جمعة، إلى أن نسبة العجز تعادل 10 % وهي منخفضة كنسبة، لكن مرتفعة كقيمة، إذ تعادل 800 ألف طن، ويرجع  ارتفاع الأسعار؛ بسبب سعر الصرف، والذي بناء عليه يتم احتساب قيمة السكر بالبورصة العالمية.

هذا بجانب صعوبات فتح الاعتمادات المستندية، ما يرفع سعر إنتاج الشركات الخاصة، كذلك يؤكد لا توجد أزمة بالمعروض من السكر.

لم تحل الأزمة الإجراءات الحكومية، ومنها رفع وزارة الزراعة سعر طن محصول القصب إلى 1500 جنيه للموسم الجديد بزيادة 400 جنيه عن العام السابق، وكذلك طرح وزارة التموين كميات من السكر في منافذ البيع بسعر 27 جنيهًا، على أن تكون حصة المواطن 2 كيلو فقط.

وما زالت أزمة السكر مستمرة، بما فيها شكاوى مواطنين من أمرين، ارتفاع أسعاره، وعدم توافره في أحيان كثيرة.

ما سبب الأزمة

ينفي هشام الدجوي، رئيس شعبة المواد الغذائية باتحاد الصناعات، نقص السكر بالأسواق، ولكن يشير إلى تذبذب في أسعاره.

بحسب الدجوي، توجد ثلاث شرائح سعرية للسكر الأولى، لحاملي البطاقات التموينية، ويزيد سعره عن 12 جنيها، والثانية بسعر 27 جنيها في الشوادر، ومنافذ الشركات التابعة للشركة القابضة، أما الثالثة في الأكشاك والمحال التجارية، والتي يباع فيها السكر المستورد.

كما توجد 23 مليون بطاقة تموين، يستفيد منها 64 مليون مواطن، فيما يستفيد 73 مليونا من دعم الخبز مع وجود مواطنين، يحصلون علي خبز فقط، دون سلع تموينية أخرى.

يضيف الدجوي، لـ “مصر 360″، أن السكر المستورد الذي ارتفعت أسعاره في البورصة العالمية، بجانب ارتفاع تكلفة تكريره محليًا مع زيادة أسعار الغاز الطبيعي المورد للمصانع، يرفع الأسعار.

على صعيد سنوي، ارتفع سعر رطل السكر من مستوى 19.93 سنتا في نوفمبر 2022 إلى مستوى 27.18 سنتا في 2023. (الرطل يساوي 0.45 كيلوجرام، أي ما يناهز نصف كيلو).

يطرح هذا الوضع أمام الحكومة، خيار زيادة الكميات المعروضة من السكر في الأسواق عن طريق الاستيراد؛ لسد حاجة المستهلكين، خاصة مع اتهامات بتعطيش السوق من شركات، وتجار بهدف زيادة الأرباح.

في هذا السياق، تعاقدت هيئة السلع التموينية على ‏‏100 ألف طن سكر أبيض في نوفمبر الماضي، وأكدت أن الهدف منها توفير الاحتياجات ‏ضمن مبادرة خفض الأسعار.

أما على صعيد توفير السكر كمستلزم للإنتاج الصناعي يقول الدجوي: “الدولة وفرت في البورصة السلعية السكر للمصنعين بسعر 24.5 جنيها؛ لتدعيم الإنتاج الصناعي، خاصة صناعة المخبوزات والحلويات.

الصناعات الغذائية تحذر من أزمة

لكن في المقابل، طالبت شعبة صناعة الحلوى والسكر والشيكولاتة بغرفة الصناعات الغذائية وزير التموين والتجارة الداخلية بالتدخل العاجل؛ لمواجهة نقص إمداداتها من السكر المستخدم للتصنيع.

وطالبت الشعبة، في بيان، بإعادة مشاركة مصانع الصناعات الغذائية في جلسات البورصة السلعية؛ لتوفير احتياجاتهم، محذرة من أن نقصها يؤدي لخسائر اقتصادية، واجتماعية سلبية على المجتمع الصناعي والعمال والاستثمار.

في شهر أغسطس الماضي، أدرجت وزارة التموين السكر على منصة البورصة السلعية، وباعت في أول جلسات تداول 5 آلاف طن بسعر 24.3 ألف جنيه للطن.

مافيا السكر

ويقول محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنين ضد الغلاء، إن وصول السكر لـ 50 جنيهًا جريمة، تتطلب من الحكومة التدخل؛ لمواجهة ما أسماه بـ “العشرة الكبار اللاعبين بالسوق الذين تمثل تحركاتهم، ما يشبه المافيا”.

تمتلك مصر 15 مصنعًا للسكر منها 8، تنتجه من القصب و 7 للبنجر، 3 منها مملوكة للقطاع الخاص، ورابع مملوك للقطاع الخاص لا يزال قيد الإنشاء.

يقول العسقلاني، لـ “مصر 360″، إن الجمعية رصدت تلاعبات من التجار بالسوق، وتجاوزهم بكثير سعر التكلفة الذي لا يتجاوز 20 جنيهًا للكيلو، رغم عدم وجود أزمة مع احتياطي، يكفي نحو 5 أشهر وإنتاج جديد من القصب خلال أسابيع.

إنتاج على الأبواب.. هل يحل الأزمة؟

تبلغ مساحة زراعة قصب السكر للموسم الجديد 360 ألف فدان، مقابل 325 ألف فدان للموسم السابق، وتتركز المساحات بجنوب مصر، خاصة محافظة أسوان التي لديها وحدها 89 ألف فدان.

ارتفعت المساحة المزروعة من البنجر في مصر إلى 610 آلاف فدان، تدر مليون 750 ألف طن سكر سنويا من محصول البنجر، بينما يدر القصب إنتاجا من السكر يناهز 900 ألف طن سنويًا.

لحل الأزمة حسب ما يتصور العسقلاني، يجب بمراجعة وضبط السوق، والاعتماد على صغار البقالين ومحال السوبر ماركت الصغيرة في طرح السكر بسعر 27، بدلاً من القطاع الخاص.

بينما أشار كريم جمعة، معاون وزير التموين، أن الوزارة عقدت قبل ساعات اجتماعات عدة مع شركاء السوق من شركات التعبئة والتجارية، ذلك بهدف إعادة توزيع السكر بطريقة منضبطة، وأيضا لكي تصل كميات السكر في كل أنحاء الجمهورية.