بعد 48 يوما من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إثر هجوم السابع من أكتوبر 2023، دخلت هدنة إنسانية برعاية مصرية وقطرية حيز التنفيذ لمدة أربعة أيام؛ ليتم فيها إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع؛ ولتصبح متنفسا مؤقتا؛ لتقييم أطراف النزاع لمواقفهم، ومدى تحقيق أهدافهم خلال الفترة الماضية، ناهيك عن الاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب، إن لم تعد مرة أخرى.
لقراءة الملف كاملا :
لقد بدا الحصاد مرا؛ لنتائج تلك الحرب التي قُتل، وأصيب فيها الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، ودمرت البنية التحتية لغزة، إلا أن البعض يرى، أن الهدنة المؤقتة تعد دليلا جليا على صمود المقاومة الفلسطينية في مواجهة القوة العسكرية الإسرائيلية، وحلفائها الغربيين، فمهما كانت الكلفة الباهظة التي تحملها الفلسطينيون، فقد رضخت تل أبيب؛ لاتفاق تبادل الرهائن، بينما لم تستطع حتى الآن، تحقيق هدفها بالقضاء على حركة حماس في غزة.
مع ذلك، أسفرت الحرب أيضا عن تغييرات ميدانية في قطاع غزة. فقد ضغطت إسرائيل عبر القصف المستمر على الفلسطينيين؛ لتهجيرهم من شمال إلى جنوب القطاع، بغرض إنشاء منطقة عازلة، كما حولت غزة إلى منطقة غير قابلة للحياة، وسط تصورات لنتنياهو بإعادة السيطرة الأمنية عليها بعد الحرب، وهو ما ترفضه واشنطن. تكمن خطورة تلك التغييرات في كونها، قد تكون خطوة تدريجية إسرائيلية؛ لتهجير سكان غزة، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية، برغم الرفض الرسمي لذلك من قبل مصر والأردن.
وبينما أعادت الحرب القضية الفلسطينية إلى صدارة تفاعلات الإقليم والعالم، بعدما توارت لأكثر من عقد بفعل الثورات العربية المتعثرة، وبروز مسارات التطبيع الخليجي- الإسرائيلي، واتجاه واشنطن؛ لبناء تحالفات إقليمية؛ لمواجهة إيران، فإنها على الجانب المقابل، بدت لحظة كاشفة لحالة العجز الرسمي العربي، عن ردع العدوان الإسرائيلي الذي انتهك كل الأعراف، والقوانين الدولية للحروب. وستكون لتلك اللحظة، كغيرها من اللحظات الكبرى التي عرفتها المنطقة في العقود الماضية، تداعيات قد تطال دول المنطقة. فالعنف الإسرائيلي الذي شاهدته المجتمعات العربية على الشاشات، وسط شعورها بالعجز والضعف، قد يجد له متنفسا غاضبا في المستقبل القريب أو البعيد.
في هذا السياق، تبدو التساؤلات والسيناريوهات مطروحة حول اليوم التالي للحرب، ليس فقط حول مستقبل قطاع غزة، ومسار تسوية القضية الفلسطينية عبر “حل الدولتين”، بل ومنطقة الشرق الأوسط ككل، وفي قلبها مصر التي تشكل القضية الفلسطينية جزءا، لا يتجزأ من أمنها القومي. وبينما سعت القاهرة؛ لحشد الجهود الدولية؛ لوقف إطلاق النار، وممارسة أدور الوساطة، وتسهيل المساعدات عبر معبر رفح، إلا أن ثمة أسئلة وتحديات كبرى تنتظرها بعد الحرب، لا سيما أن أي سيناريو محتمل لمستقبل غزة سيؤثر على مصالح مصر وأمنها.
في هذا الملف، 11 مقالا، نٌشرت على موقع مصر 360، على مدار الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعضها يطرح الأسئلة التي فرضتها حرب غزة على مصر، وكيف تتعامل معها في ظل مخططات التهجير الإسرائيلية لسكان غزة. والبعض الآخر، يقيم السيناريوهات المختلفة حول مستقبل قطاع غزة في ظل طروحات نظرية حول الإدارة الإقليمية، أو الدولية أو الأممية أو عودة السلطة الفلسطينية، وهي طروحات تفترض تحقيق الهدف الإسرائيلي بالقضاء على حماس، وهو أمر صمدت المقاومة الفلسطينية في مواجهته حتى الآن. تناقش المقالات أيضا مستقبل الشرق الأوسط وتوازناته وتحالفات، ما بعد الحرب التي عرقلت مسار التطبيع السعودي- الإسرائيلي، وطرحت تساؤلات حول الدور الإيراني وحلفائه في المنطقة، خاصة في العراق واليمن ولبنان في دعم القضية الفلسطينية.