مع تكرار هجوم الحوثيين على السفن المملوكة لإسرائيل، بالتزامن مع الحرب على غزة، وجدت تل أبيب في التعاون مع الإمارات حلا مثاليا؛ لتتفادي تهديدات سفنها بالبحر الأحمر، حيث وقِع مؤخرا، اتفاق بين مينائي “دبي” و”حيفا”؛ لنقل البضائع لدولة الاحتلال.

ويمثل الاتفاق حلاً لمشكلات اقتصادية، منها وقت التسليم، والتي تعاني منها شركة الملاحة الإسرائيلية “زيم”، بعدما حولت تحرك السفن الواردة لدولة الاحتلال من طريقها المعتاد لرأس الرجاء الصالح.

وجاء تحريك الطريق، بشكل إضطراري، منذ اختطاف السفينة “جالاكسي ريدر” بالبحر الأحمر، وتعرض 3 سفن أخرى، لهجمات بصواريخ وطائرات مسيرة.

وتسبب الطريق الجديد من دولة الاحتلال إلى آسيا في تأخير الشحنات الإسرائيلية، ما بين شهر وشهرين، ما يرفع أسعار المنتجات المستوردة في إسرائيل، وكذلك يؤخر مواعيد تسليم صادراتها، وكلاهما يضغط على الاقتصاد الإسرائيلي المأزوم.
وبلغ حجم صادرات دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى الدول الآسيوية أكثر من 16.5مليار دولار أمريكي في 2022، بينما استوردت ما قيمته 24.6 مليار دولار.

وتشكل الصين، أكبر الدول في التبادل التجاري مع إسرائيل، حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع الواردات الإسرائيلية من الصين من 6.75 مليارات دولار إلى 13.12 مليار دولار في 2022، ذلك بنسبة بزيادة تبلغ 71 %.

حيفا ـ دبي.. أطراف أخرى

 

ميناء حيفا
ميناء حيفا

كانت المعلومات عن الاتفاق في البداية محدودة، فصحيفة “معاريف” الإسرائيلية التي تحدثت عن المشروع البديل للمرور لباب المندب، اكتفت بالإشارة السريعة إلى الاتفاق، دون تحديد مساره، متحدثة عن حضور رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتزوج، قمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 28” التي تستضيفها الإمارات، ولقائه رئيسها محمد بن زايد.

لكن زميلتها “جويش برس” كانت أكثر تحديدًا، إذ نشرت عن الاتفاق تحت عنوان “وداعاً للحوثيين.. تشغيل الجسر البري بين مينائي دبي وحيفا”.

وقالت الصحيفة حول الاتفاق، إن الحوثيين لن يستطيعوا استهداف السفن في البحر الأحمر،  بفضل اتفاق السلام الذي أبرمته إسرائيل عام 2020 مع الإمارات والبحرين والمغرب.

وحسب التقرير فإن الشركات التي تنقل البضائع والإمدادات الأخرى في البحر الأحمر، أصبح  لديها خيار إرسال حمولتها من ميناء دبي على الخليج العربي إلى ميناء حيفا على البحر الأبيض المتوسط عن طريق البر.

قائلة نصًا: “لا يحتاج المرء إلا إلى إلقاء نظرة على الخريطة؛ ليرى أن السعودية والأردن ضمن الاتفاق أيضًا”.

وقدمت وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة للولايات المتحدة لربط موانئ إسرائيل البحرية مع الإمارات والسعودية والأردن عبر جسر بري بدعوى تسهيل نقل البضائع مع تقليل التكاليف بشكل كبير، إذ تعتقد إسرائيل أن الطريق البري بين الدول الأربع سيوفر ما يصل إلى 20% من تكاليف الشحن.
الخطة تفترض تمكين وصول شاحنة واحدة وسائقها من دبي إلى ميناء حيفا، على سبيل المثال، دون تغيير السائقين والشاحنات في المعابر الحدودية بين الدول، والمسار سيعتمد على الطرق الحالية، لكنه سيتطلب تطوير بعض الطرق وإنشاء أقسام معينة، وتتطلع الخطة إلى ضم البحرين وعمان إلى الجسر البري المقترح في مرحلة لاحقة.

مواني دبي.. رغبات قديمة

الصحف الإسرائيلية تحدثت عن المشروع كرد فعل لهجمات الحوثيين، لكن تبدو رغبات مواني دبي العالمية أكبر  من تلك النقطة.

قبل عامين قدمت دبي عرضًا لميناء حيفا الإسرائيلي؛ للمشاركة في مناقصة خصخصة الميناء، كجزء من الاتفاقيات الموقعة بين مواني دبي العالمية، ودوفر تاور، والأخيرة، شركة مملوكة لشلومي فوجل، وهو المالك المشارك لأحواض بناء السفن الإسرائيلية وميناء إيلات.

فضلت إسرائيل منح الميناء لمجموعة “أداني” الهندية، التي استحوذت على حصة 70 %، بينما اشترت مجموعة جادوت الإسرائيلية نسبة الـ 30 % المتبقية، وتم استبعاد الشركة الصينية التي كانت تدير الميناء، حتى عام 2017؛ لإرضاء واشنطن، وقبل الحرب التجارية بينها وبين بكين حينها.

وأرجعت تل أبيب منح شركة هندية إدارة الميناء إلى الدور خلال الحرب العالمية الأولى، حينما كان الجنود الهنود يساعدون، فيما أطلقت عليه إسرائيل تحرير مدينة حيفا التي كانت موقعًا رئيسيًا لبناء الدولة الصهيونية.

رئيس مركز أبحاث السياسة البحرية والاستراتيجية في جامعة حيفا، شاؤول خوريف، قال إن ميناء حيفا  “يحظى بأهمية استراتيجية كبيرة لإسرائيل في أوقات السلم والحرب”، مضيفاً أنه يشكل بوابة  إلى العالم؛ لاستيراد السلع الحيوية، وتصدير منتجاتها، إذ يمكن عبره استيراد الأسلحة والذخائر.

وجه جديد لمشروع “تطبيع النقل”

تتماشى الاتفاقيةـ التي لم تعلنها الإمارات أو إسرائيل رسميًا، ولم تعلق عليها السعودية أو الأردن”، مع مشروع تجاري، تم الكشف عن ملامحه في قمة العشرين في 11 سبتمبر الماضي، يربط دول الخليج بإسرائيل والهند.

على هامش القمة التي استضافتها الهند، تم توقيع مذكرة تفاهم اتفق عليها القادة، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على المشروع الذي يمتد عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات، ثم يعبر السعودية والأردن وإسرائيل، قبل أن يصل لأوروبا.

كان ميناء حيفا الإسرائيلي حاضرًا في كل المشروعات الخاصة بالتطبيع الخليجي الإسرائيلي، ومن بينها إحياء  “سكة حديد الحجاز” الذي يربط آسيا وأوروبا بالسعودية، والذي فكر فيه العثمانيون؛ لتسهيل الحج لمكة المكرمة، لكنه لم يكتمل؛ بسبب الحرب العالمية الأولى وتقسيم المنطقة.

كوب 28.. حضور إسرائيلي لافت

في “كوب 28″، افتتحت إسرائيل جناحًا صغيرًا، لكن وفدها كان كبيرًا،  إذ ضم 30 شخصًا، فيهم خمسة فقط من وزارة حماية البيئة، وقال المدير العام للوزارة جاي ساميت، إن هناك تعطشا للتكنولوجيا الإسرائيلية في المؤتمر بشكل عام، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص.

أحضر الوفد الإسرائيلي أربع شركات لتكنولوجيا المناخ من المنطقة الجنوبية الملاصقة لغزة، وهي “يوي بي كيو” من مستوطنة كيبوتس تسيليم، أكولوجيك من سديروت، وأجيل من شعار هنيجف، وأمنوتيون من رهط، لإبرام صفقات تجارية.

ناقشت إسرائيل إمكانية، أن تصبح شريكًا في صندوق المناخ للخسائر والأضرار، والذي تم جمع 400 مليون دولار له بالفعل في ” كوب 28″؛ للمساعدة في دعم البلدان المعرضة للمخاطر المناخيةـ وتقديم تكنولوجيات منخفضة التكلفة.