ضمن توجه الحكومة؛ لزيادة مشاركة القطاع الخاص في مشاريع حكومية، غيرت الحكومة موقفها القائم على بيع بعض الشركات والمشروعات للقطاع الخاص إلى موقف السعي لمشاركة القطاع الخاص فيها.

وطرحت مؤخرا، مشروعات ضمن قطاع البناء والتشييد، للمشاركة مع شركات عقارية ضخمة، هذا التوجه يعني الإحجام عن البيع، رغم الحاجة للموارد الدولارية.

وقال وزير قطاع الأعمال المصري محمود عصمت، إن الحكومة المصرية تدرس عروض شراكات مع مستثمرين في القطاع العقاري بنحو 8 مليارات جنيه خلال الربع الأول من 2024.

الخطة التي تدرسها الوزارة هي، الشراكة التقليدية بدخول الدولة بحصة الأرض كنسبة من المشروع، على أن يتولى المستثمر أعمال التطوير التي تشمل البناء، والتسويق وإدخال الخدمات.

وأكد عصمت، أن أسلوب الشراكة سيتم تطبيقه على شركة “مصر الجديدة للإسكان”،  نافياً وجود نية لبيع أي حصص منها، لكنه لم يتطرق إلى  شركات أخرى، منها النصر للإسكان، والمعادي للتنمية والتعمير.

الشركات العقارية المصرية.. محافظ أراضي ضخمة

“مصر الجديدة” هي شركة عقارية، تم تأسيسها عام 1905، تقوم بجميع أنشطة التطوير العقاري بنفسها، أو عن طريق الغير.

تتوزع أسهم ملكية الشركة، ما بين أسهم حرة مطروحة؛ للتداول فى البورصة وأخرى،  تمتلكها  القابضة للتشييد والبناء وتبلغ  نسبتها  72.2 % من أسهم “مصر الجديدة”.

وفي سياق عروض مشاركة الحكومة لمستثمرين، قدمت شركة العامرية للاستثمار، وهي شركة سعودية طلبا؛ للاستحواذ على 70% من شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير، وهو ما يعادل تقريبا حصة الملكية الحكومية، وذلك بسعر 400 مليون دولار.

العرض أثار الجدل، خاصة مع امتلاك شركة مصر الجديدة محفظة أراضي ضخمة في مناطق مميزة، والسؤال عما إذا كان العرض يساوي، ما تمتلكه الشركة من أصول، لكن لليوم لم يتم المضي في الصفقة.

بحسب بيانات رسمية، تمتلك شركة مصر الجديدة للإسكان، والتعمير محفظة أراضي غير مستغلة بنحو 80 مليار جنيه، موزعة بين مدينة هليوبوليس الجديدة بمساحة  5888 فدانا، على طريقي “القاهرة– الإسماعيلية” شمالاً، و”القاهرة- السويس” جنوبًا.

كما تمتلك الشركة، قطعة أرض بالقاهرة الجديدة (مشروع هليوبارك) بمساحة 1695فدانًا، بنطاق مدينة القاهرة الجديدة.

إضافة إلى أرض نزهة العبور، والتي تبلغ مساحتها  94 فدانًا، وهي بموقع متميز بالحي الثامن بمدينة العبور، كما تتضمن 153 عمارة سكنية ومول تجاري، بالإضافة إلى عدد من قطع الأراضي السكنية.

تصريحات عصمت، تظهر تغيرًا في موقف الحكومة إزاء شركات العقارات الضخمة التي سبق، أن كلفت بنك الاستثمار “إن آي كابيتال”، باختيار مستشار مالي مستقل؛ لتحديد القيمة العادلة للشركة، بهدف بيعها لمستثمر استراتيجي، وتم تحديد السعر السوقي مبدئيًا عند 20 مليار جنيه.

وثيقة ملكية الدولة تركز على طبيعة العقار

يتماشى التوجه الحكومي مع وثيقة ملكية الدولة التي تضمنت التخارج من 79 نشاطًا، تضمنت قطاعات البناء والتشييد، والملكية العقارية.

بالنسبة لشركة النصر للإسكان التي أنشأت، ما يزيد عن 4000 وحدة سكنية بمدينة المقطم، فلها طبيعة خاصة، حيث جرى  استثمار محفظة أراضيها بالفعل.

خصص 65 ألف متر مربع بالمجاورة الأولى بالمعراج؛ لإقامة مشروع كارفور، بينما 26 ألف متر مربع بالمنطقة ذاتها، بيعت للسفارة الفرنسية؛ لإقامة مجمع مدارس، و4 ملايين متر مربع، بيعت لأحد شركات الاستثمار الإماراتية؛ لإقامة تجمع سكني ترفيهي بالمقطم.

أما “المعادي للتنمية العمرانية” فتمتلك محفظة أراضي، تقدر قيمتها بنحو 10 مليارات جنيه، وحققت مبيعات العام الماضي بنحو 1.3 مليار جنيه، ومن المتوقع أن ترتفع لـ 2 مليار جنيه بنهاية العام الحالي، بحسب تصريحات صحفية، لرئيس مجلس إدارتها محمد عبد الكريم.

بحسب خبراء، أصبح عنصر الأرض عنصرًا مهما في تسعير الوحدات العقارية حاليًا، بعدما بات يشكل 45 % من إجمالي التكلفة الإجمالية للمشروع، وهو ما ينعكس على أسعار بيع الوحدات، وبالتالي دخول الدولة بحصة الأرض، يسهم في تقليل التكاليف على المطورين.

وقال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن القطاع العقاري له خصوصية، لأنه شهد نموًا خلال العامين الماضي والحالي.

يضيف غراب، أن القطاع حقق مكاسب كبيرة للمطورين العقاريين مع زيادة أسعار العقارات بشكل كبير، خاصة بعد ارتفاع معدل التضخم واتجاه المستثمرين، والمواطنين للاستثمار في العقارات، والذهب لحفظ قيمة أموالهم.

مستهدفات كبيرة لوزارة الإسكان

تستهدف وزارة الإسكان زيادة نسبة المساحة المعمورة إلى الضعف (13.7 % من مساحة الدولة)، وقال الوزير عاصم الجزار، خلال محاضرة بسلطنة عمان أخيرًا، إن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، هي خطة اقتصادية بالأساس، وليست خطة للبناء فقط، وتسعى الحكومة إلى توسيع رقعة المعمور، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية.

أضاف غراب، إن مشاركة القطاع الخاص مع  الشركة القابضة للتشييد مع القطاع الخاص، سيساهم في تحقيق معدلات نمو مرتفعة في القطاع العقاري.

مضيفا، أن وزارة قطاع الأعمال تدرس الشراكة أيضا، مع مستثمرين سعوديين خلال الربع الأول من العام القادم.

كاشفا عن مشاركة وزارة قطاع الأعمال بالأراضي في المشروع، ومشاركة المستثمر بأعمال التطوير.

وساهمت 1420مقاولاً وشركة خاصة في تنفيذ المشروعات القومية، والتي تتمثل في مشروعات الإسكان والمرافق، ويبلغ عددها 17500 مشروع عبر أوامر الإسناد، بتكلفة إنشائية تبلغ  تريليوني جنيه.

وفرت تلك المشروعات 6.5 ملايين فرصة عمل، موزعة بين 2.9 مليوني فرصة عمل مباشرة، و3.6 ملايين فرصة عمل غير مباشرة.

تابع غراب، أن فتح الباب؛ لمساهمة القطاع الخاص مع الشركة القابضة للتشييد والتعمير، تتضمن قيام المستثمرين بالبناء والتطوير والتسويق، واعتبره توجها جيدا، موضحا أنه أفضل من البيع الكامل لمستثمر استراتيجي، لأن الشراكات مع مستثمرين تحقق نموا وتوسعًا في الاستثمارات.

تعاونت الدولة مع 76 مطورًا؛ لتنفيذ مشروعات على مساحة بحوالي 16 ألف فدان، بقيمة استثمارات بلغت 1.1 تريليون جنيه، وتوفر تلك المشروعات نحو 310 آلاف فرصة عمل.

قال عبد المجيد جادو، الخبير العقاري، إن العقار له طبيعة خاصة، لا تقل أهميته بالنسبة للإنسان عن الغذاء والدواء، كما أنه صناعة طويلة الأجل، وتحتاج متابعة مستمرة للدولة في بند الصيانة.

تعتمد الدولة على القطاع العقاري، كمحرك للنمو الاقتصادي حاليًا، إذ يشارك بنسبة تربو على 20 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما يوفر فرص عمل لملايين، ما يحقق خطط استهداف البطالة، والحفاظ على معدل نمو مرتفع.

وأضاف أن وجود الدولة كشريك للمطورين، يمنحها القدرة على التدخل؛ لضمان الجودة وسعر عادل، يراعي المشتري، خاصة أن العقار مرآة، تعكس ثقافة المجتمع والحفاظ على الثروات العقارية ضروري، باعتبارها أصول للدولة.