يبدو أن مصر على موعد مع جولة جديدة من المواجهات السياسية والدبلوماسية مع إثيوبيا، علماً أن نتيجة الجولة الأخيرة المتعلقة بالنيل وسد النهضة لم تُحسم عقب القرار المصري بالتوقف عن التفاوض.
إقليم الشرق الأوسط لا زال مضطرباً، مع توسع نقاط الاشتباك الساخنة، الحوثيون يردون بعد أقل من 24 ساعة من القرار الأمريكي بإدراجهم ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة، وإسرائيل تواصل قصف غزة بعد تأكد فشلها في القضاء على حماس بالقطاع، كما يكرر رئيس وزرائها كل يوم تقريباً، ورغم تأكيد وزير الخارجية الأمريكي له، أنه غير قادر على حل الأزمة عسكرياً.
في مصر صعدت الخارجية من لغة خطابها تجاه إثيوبيا، التي وقعت اتفاقاً، يتيح لها النفاذ للبحر الأحمر، ورفعت هيئة قناة السويس رسوم العبور، بينما تراجعت رهانات انخفاض الجنيه بعد اقتراب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لزيادة “حزمة الإنقاذ.
الخارجية المصرية تتهم إثيوبيا بمخالفة القانون الدولي وقواعد حسن الجوار
اعتبرت الخارجية المصرية الاتفاق الإثيوبي مع إقليم “أرض الصومال” الخاص بمنحها منفذا على البحر الأحمر، وقاعدة عسكرية مقابل الاعتراف به جمهورية مستقلة، خرقا لمبادئ حسن الجوار، ومخالفة للقانون الدولي.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، إن مصر سبق، وحذرت من مغبة السياسات الإثيوبية الأحادية، التي تهدف لفرض الأمر الواقع، دون أن تأخذ في الاعتبار مبادئ القانون الدولي، وأعراف حسن الجوار.
كانت إثيوبيا عقدت اتفاقا مع “أرض الصومال” الذي أعلن استقلاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال عام 1991، ولم تعترف به أي من دول العالم، يتيح لها ميناء وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر من خلال منفذ، يبلغ طوله خمسين كيلو متراً، وهو ما اعتبرته مصر “عدم اكتراث بمصالح الدول والشعوب الإفريقية”، وأعلنت عن دعمها الكامل لحكومة الصومال الأم، فيما يبدو أنه تمهيد لجولة مقبلة بين البلدين “مصر وإثيوبيا” بعد سنوات من المواجهات الدبلوماسية المتعلقة بنهر النيل.
هذه المرة كانت مصر أكثر صرامة في اتخاذ الخطوة الأولى، حيث أعلنت عن ” تنسيق جار؛ لتوفير ما يلزم للجانب الصومالي من تدريب ودعم لكوادره، وبما يمكنه من تحقيق سيادته على كامل أراضيه”.
ودعت مصر الأطراف العربية والدولية لدعم الصومال، والتعبير عن احترامها لسيادته ووحدة أراضيه، ورفض أي اجراءات من شأنها الافتئات على تلك السيادة، أو على حق الشعب الصومالي في الانتفاع بموارده ووفقا لإرادته بأي صورة”.
رد حوثي سريع.. غارات إسرائيلية على لبنان.. تصدع في الموقف الإسرائيلي.. والأدوية وصلت غزة
لعل المشهد الأبرز في “الحرب شبه الإقليمية” الدائرة في الشرق الأوسط، كان الرد الحوثي السريع على القرار الأمريكي بتصنيف الجماعة ضمن المنظمات الإرهابية الخاصة، وهو تصنيف “مائع” كونه مؤقتا، ويطبق بعد ثلاثين يوماً، ويختلف عن تصنيف الجماعات الإرهابية الذي يضم منظمات كحماس وحزب الله مثلاً.
جماعة أنصار الله “الحوثيين” من جانبهم، نفذوا هجوماً على سفينة أمريكية في خليج عدن بصواريخ بحرية، “انتصارًا للشعب الفلسطيني ودعماً، وإسنادا لصمود الأشقاء في قطاع غزة”. حسب بيان المتحدث العسكري باسم الجماعة.
بعدها بساعات نفذت الطائرات الأمريكية غارات على ما قالت، إنها منصات لصواريخ الحوثيين، معتبرة أن هذه الغارات ممارسة لـ “حقها المكتسب في الدفاع عن النفس”.
جبهة لبنان شهدت قصفا إسرائيليا على بلدتي بليدا، وعيترون في الجنوب، ردت عليه المقاومة الإسلامية باستهداف تجمع للجنود في محيط موقع الراهب بـ “الأسلحة المناسبة”.
قصف كلامي من نوع آخر، شهدته الجبهة ذاتها، حيث اعتبر رئيس الأركان الإسرائيلي، أن الحرب مع حزب الله باتت احتماليتها أكبر بكثير خلال الأشهر القليلة القادمة.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف بن جفير، أكد كلام رئيس الأركان قائلاً: لا مفر من بدء حرب حقيقية”.
في غزة واصل جيش الاحتلال الاشتباك مع مقاومين شرق جباليا في شمال القطاع، بالتزامن مع تواصل القصف على مناطق متفرقة في القطاع.
كانت طائرتا مساعدات وأدوية قد وصلتا غزة قادمتين من قطر، بوساطة قطرية مقابل إيصال أدوية للأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدي الفصائل.
بينما واصلت قوات جيش الاحتلال اقتحاماتها في الضفة، وفرضت حصاراً على بعض المناطق، وهاجمت مخيم الأمعري، في رام الله، ما أسفر عن إصابة سبعة شبان فلسطينيين، واقتحمت بلدة بني نعيم شرقي الخليل، واعتلى القناصة أسطح المباني، قبل أن تنسحب القوات في وقت لاحق.
الجانب الإسرائيلي بدا منقسما، في مشهده السياسي، حيث ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حزب العمل سيقدم مقترحا، بسحب الثقة من الحكومة؛ بسبب فشلها في استعادة الأسرى الذين تحتجزهم حماس.
وأكدت صحيفة هآرتس، أن ثمن صفقة التبادل سيكون اعتراف الحكومة، والجيش بالفشل والإخفاق في تحقيق أهداف الحرب على غزة، وقال مدير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي “بعد فشلها العسكري في غزة، وبعد 100 يوم من دون “القضاء على حماس”، فإنّ على “إسرائيل” دفع أثمان سياسية”.
وكشفت شبكة إن بي سي الأمريكية، أن وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن على بلاده أن تعترف، أن “لا حل عسكري ممكن مع حماس “، بينما لا يكف نتنياهو عن ترديد جملته الأثيرة “حربنا مستمرة حتى القضاء على حماس واستعادة الأسرى”.
رفع رسوم العبور في قناة السويس.. والعقود الآجلة تنخفض في انتظار “حزمة الإنقاذ”
قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن العمل بالرسوم الجديدة للمرور في القناة سيتم احتسابها ابتداء من 15 يناير الجاري، وذكر أن الزيادة تتراوح بين 5% لسفن “البضائع الصب الجافة، وسفن البضائع العامة، وسفن الدحرجة، والسفن الأخرى”. وصولاً لـ 15% بالنسبة لـ “ناقلات البترول الخام، وناقلات المشتقات البترولية، وناقلات الغاز البترولي المسال، وناقلات الغاز الطبيعي المسال وناقلات المواد الكيميائية، والمواد السائلة الأخرى، بالإضافة إلى سفن الحاويات، وحاملات السيارات وسفن الركاب، والوحدات العائمة الخاصة”.
وشدد الفريق أسامة ربيع على عدم توقف حركة الملاحة في القناة؛ بسبب هجمات الحوثيين، وقال إن تعليق بعض الشركات لرحلاتها “أمر مؤقت”.
وتوقع أن تتجاوز القناة الأزمة خلل أسابيع قليلة.
قناة السويس هي أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، وأكثرها نشاطاً، كما أنها مصدر رئيس للعملة الصعبة، إذ حققت دخلا بلغ 2.54 ملياري دولار في الربع الثاني من عام 2023.
وحسب بيانات الهيئة، زادت أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 17.6% في العام 2022-2023، لتبلغ 26 ألف سفينة.
في سياق متصل، تراجعت الرهانات على خفض جديد للجنيه المصري مقابل الدولار في أسواق “العقود الآجلة غير القابلة للتسليم على المدى القصير”، بعد أن بدأت توقعات التخفيض تتلاشى مع قرب التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي؛ لزيادة “حزمة الإنقاذ”.
وتمّ تداول عقود الجنيه لأجل ثلاثة أشهر، دون 40 جنيهاً للدولار يوم الأربعاء، بعد تعافيها من أدنى مستوى إغلاق على الإطلاق عند 45 جنيهاً، أواخر ديسمبر، مما أدى إلى تضييق الفجوة مع السعر الرسمي.
وقال خبراء، إن تعزيز حجم قرض صندوق النقد سيصاحبه “تعديل عاجل في سعر الصرف وسط ضغوط إضافية على ميزان المدفوعات؛ بسبب حرب غزة”.