“من أجل التذكير، بأن العنف بات واقعا مجسدا، وجزءا من بنية هشة اجتماعيا واقتصاديا، تتفاقم فيها المظالم، ويسمح الخلل في علاقات القوة بتسهيل، وتمرير ممارسات القهر، والإيذاء في المجالين العام والخاص”.. يصدر تقرير جديد عن “مرصد العنف” بمركز التنمية والدعم والإعلام “دام” لشهر ديسمبر 2023، متضمناً عينة من الوقائع المتصلة بأشكال العنف المختلفة، القائمة على النوع الاجتماعي.

لقراءة التقرير كاملاً : 

التقرير يأتي حاملاً تحليلاً لـ 48 واقعة عنف مختلفة، نشرتها الصحف خلال الشهر الأخير من العام المنصرم، معظمها حدثت داخل الأسرة، كون العنف الأسري أكثر جذباً للنشر العام، مقابل “تهميش”، ربما يكون غير متعمد للعنف في المجال العام،

ويرصد التقرير أشكال العنف، وجغرافيا توزعه، والفئة العمرية والأسباب، مع إشارة إلى أن العينة ليست صورة مطابقة للواقع، لكنها تحمل مؤشرات هامة عليه، ويمكن اعتبارها “مادة أولية”، يمكن الاستفادة منها.

جاء في التقرير، أن العنف طال النساء، و الأطفال في الفئة العمرية من عام، وحتى 16 عاما، والشباب في المرحلة العمرية من   21 وحتى 35 عاما، خاصة بين المتزوجين، أو ما بعد الانفصال.

بالنسبة لمناطق العنف، تركزت معظم وقائع ديسمبر في القاهرة والجيزة.

بحكم عدد السكان، وبحكم تسليط الإعلام أضوائه عليهما، فضلا عن اعتمادهما كمدن ضخمة بشكل أكبر على آليات الشكوى، والإبلاغ والتقاضي. في ظل تراجع فاعلية الضبط الاجتماعي غير الرسمي كآلية؛ لتسوية النزاعات، كما لوحظ تركز حالات الانتحار في المحافظتين.

وبالنسبة لحوادث القتل تحديدا كونها ذروة السلوك العنفي، لاحظ التقرير ارتباطها بالميراث، والخلافات المالية، والشك في السلوك أو إقامة علاقة خارج إطار الزواج، والخلافات بين الزوجين.

ملامح العنف في ديسمبر 2023

خلال شهر ديسمبر 2023، قامت وحدة البحث بمركز التنمية والدعم والإعلام بتسجيل، وأرشفة 48 واقعة عنف، تضمنت أشكالا من العنف الجسدي والنفسي والاقتصادي، بما في ذلك العنف ضد الذات، حيث رصد التقرير 20 حالة انتحار.

من حيث التوزيع الجغرافي، توزعت معظم العينة على محافظات القاهرة الكبرى، وكانت القاهرة الأولى في تكرار حوادث العنف، وبلغت العينة في القاهرة 21 واقعة، تليها الجيزة، والتي رصد فيها 10 حالات، وجاءت القليوبية بثلاث حالات، وتوزعت باقي العينة على محافظات بينها سوهاج، والمنيا، بثلاث حالات لكل منهما.

وبالنسبة لمجال العنف كمُحَدِد، تركز العنف ضد النساء في الأسرة ومحيط الأقارب، ومعظم وقائع العنف موجه، ضد الشريكة الزوجة، أو المطلقة أو الأطفال، ويمارسها الأب والزوج والأخوات، هذا بجانب العنف، ضد الآباء والأمهات المسنين.

خارج نطاق الأسرة والأقارب، كان الهدف من معظم الحالات السرقة والابتزاز المالي.

بعض حالات العنف والابتزاز النفسي، تمت عبر الإنترنت باستخدام مواد مصورة مفبركة، وتعرضت عدة نساء؛ للابتزاز عبر الإنترنت، سواء باستخدام صور أو إنتاج فيديوهات، ووقع تحت دائرة الابتزاز مشاهير، بينهم مذيعة، وجرت عمليات ابتزاز إلكتروني في عدة محافظات، ولم تقتصر على القاهرة والجيزة.

بالنسبة لأشكال العنف، شمل الرصد وقائع عنف منها الاعتداء الجسدي، متضمناً حوادث ضرب وقتل، بلغت 22 حالة، وكذلك العنف النفسي، ويتضمن التهديد والابتزاز، والإساءة والتحرش، بينما العنف الاقتصادي، يتضمن الحرمان من الراتب أو الاستيلاء على الممتلكات، أو الإضرار بها وبلغت 13 حالة.

رصد التقرير حالات اعتداء جسدي في محيط الأسرة، تنوع الجناة بين الأب وأقارب الزوج، وتعددت الأسباب من الخلافات الأسرية، وعدم القدرة على التفاهم وكثرة التشاجر، بما يتضمنه من أشكال عنف تالية عليه.

القتل.. والانتحار  

بالانتقال إلى حالات القتل، نجدها كما يرصدها التقرير 14 حالة، منها 9 حالات في القاهرة الكبرى، والتي تشمل القاهرة والجيزة والقليوبية، بينما توزعت باقي الحالات على محافظات الدقهلية، والغربية، والشرقية.

ورغم تنوع الضحايا عمراً ونوعاً، لكن الاغلب كان بين الإناث، ما بين أطفال وزوجات، وكانت حالات القتل بين المتزوجين غالبا، ما يسبقها مشاجرات، واعتداء لفظي ثم بدني.

وتم رصد قتل 5 أطفال، نفذها الآباء والأمهات وأقارب، وجاء السلوك الجنسي، والمفاهيم المتعلقة به؛ سببا في بعض حالات القتل، وأيضا رُصدت حالات قتل؛ سببها خلافات مالية بينها الميراث.

فيما يتعلق بالانتحار، تم رصد 18حالة، توزعت بين عدة محافظات، هذا غير محاولات الانتحار.

وارتبطت بعض حالات الانتحار، بالدور الاجتماعي، بعضها ارتكبه متعطلون عن العمل أو عمال، لا يكفي دخلهم نفقات الأسرة، وسبقها ضغوط وابتزاز نفسي قبل الانتحار.

وبين حالات الانتحار، كانت تقف ثلاث أسباب رئيسية: خلافات بين الأزواج، وأمراض نفسية، وحالات إدمان.

معظم حالات الانتحار، كانت في المدن، إذ ما بين 18 حالة انتحار، تم رصد 13 منها في محافظات القاهرة الكبرى، وكان ملحوظا قوع حالات الانتحار في المناطق الشعبية الفقيرة، مثل إمبابة ودار السلام.

يَخلُص التقرير إلى عدد من النتائج والمؤشرات تتركز في النقاط التالية:-

  • تركزت وقائع العنف ضد الإناث والأطفال في الفئة العمرية من سن 1 حتى سن 16 عاما، بينما بين الأزواج، تركزت في الفئة العمرية من 21 عاما إلى 35 عاما.
  • من حيث الجناة داخل الأسرة، كان الزوج الأكثر ممارسة للعنف على الزوجة والأولاد، ورصدت حوادث عنف من نساء، ضد الزوج والأطفال.
  • كان بين ضحايا العنف 8 أطفال بينهم 5 حالات قتل.
  • من حيث أسباب العنف داخل الأسرة، يتضح أن العلاقات الجنسية كانت ضمن حالات، تتكرر، وتشمل اعتداء جسدي وتهديد وقتل، ويظهر فيها اختلاف المفاهيم الجنسية أو حدوث خيانة أو زواج ثان.
  • بلغت حالات الانتحار 18 حالة، وحالات القتل 14 حالة، توزعت جغرافيا، لكن القاهرة والجيزة كانت الأكثر تكرارا لوقائع العنف.
  • جاءت الأسباب والضغوط الاقتصادية أيضا ضمن أسباب العنف بين الشركاء، سواء فيما تعلق بالنفقة، أو حالات العنف ضد الذات “الانتحار”.
  • يعد الابتزاز النفسي عبر وسائل التواصل الإلكتروني أحد الجرائم التي تشغل مساحة من الانتشار، وتستهدف النساء بشكل أساسي.