في الصفوف الأمامية منذ قرن من الزمان أثناء اندلاع ثورة عام 1919 كانت النساء في كفاح متواصل من الانتصارات والإخفاقات والنساء، مثلما كانت النساء أيضًا في يناير في الصفوف الأمامية جنبًا إلى جنب مع الرجال، افترشن الأرض، وواجهن عصي الأمن المركزي، وضرب البلطجية مثلهن مثل الرجال، ونادين بنفس الشعارات، ووزعن البطاطين والمأكولات، والأدوية، وشاركن في تأمين الميدان، كما اشتركن في تنظيف شوارع وميادين مصر بعد ذلك.

نالت النساء حظها من القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، والأهم من كل هذا أنهن نلن شرف الشهادة مثلهن مثل رجال الثورة. كان الحضور النسائي في الثورة شديد التنوع، فهتفت النساء المتعلمات وغير المتعلمات، القبطيات والمسلمات، المسنات والشابات، كلهن في صوت واحد مطالبات بحقوق جميع المصريين المهدرة.

وعلى الرغم من نجاح النساء في تحقيق بعض المكاسب على الصعيد التشريعي، بداية من تغليظ عقوبة التحرش حتى الحصول على نسبة غير مسبوقة في البرلمان، إلا أن هذه المكاسب ظلت محدودة، ولم تصل أبدًا إلى تحقيق المناصفة مع الرجل في الحقوق، كما كان طموح الثائرات في الميدان. لكن يظل المكسب الأهم أن الثورة وما شهدته من تواجد قوي للمرأة خلق توازنًا قويًا جديدًا جعل النساء أكثر قدرة على المطالبة بحقوقهن.

وفيما يلى نلقى نظرة على التشريعات الخاصة بالنساء ما بعد ثورة يناير:

حقوق النساء في دستور 2014:

نص الدستور المصري الصادر في عام 2014 لأول مرة، على الاهتمام بقضايا النساء. بدءًا من ديباجة الدستور الذي يتضمن أكثر من 20 مادة تخاطب المرأة بشكل مباشر بما يكفل للمرأة الفرص المتكافئة ومشاركتها في المجتمع، والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق بدون تمييز.

أكد دستور 2014 في المادة 11 على ما يلي:

تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، وفقًا لأحكام الدستور.

تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبًا في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون.

تكفل الدولة للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها.

وقد حرص الدستور في مادته 180 على تخصيص 25% من مقاعد المجالس المحلية للمرأة. وبالتالي يصبح عدد المقاعد المخصصة للمرأة 13,500 مقعد. أيضًا تمنح المادة ٦ من الدستور الحق للمرأة المصرية في نقل الجنسية لأطفالها.

قانون رقم 23 لسنة 2012 بشأن نظام التأمين الصحي على المرأة المعيلة:

صدر القانون رقم 23 لسنة 2012 بشأن نظام التأمين الصحي على المرأة المعيلة، حيث ينشأ بموجب هذا القانون نظام للتأمين الصحي على المرأة المعيلة. ويقصد بها المرأة التي تتولى بمفردها رعاية نفسها أو أسرتها، ولا تتمتع بمظلة التأمين الصحي تحت أي قانون آخر. لكن على الرغم من أهمية هذا القانون فإن معظم النساء المعيلات لا يعرفن أصلاً بوجوده بسبب عدم الاهتمام بالإعلان عنه أو عن كيفية تنفيذ الإجراءات الخاصة به. وهو الأمر الذي أتمنى أن يحدث من خلال تعريف النساء المعيلات به عبر الراديو والتليفزيون حتى يمكن لهن الحصول على حقوقهن في عضوية نظام التأمين الصحي الخاص بهن.

قانون الميراث:

تعد مشكلة الامتناع عن تسليم الميراث الخاص بالنساء من المشكلات المنتشرة في المجتمع المصري. وقد اختص تعديل البرلمان للقانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، بالتصدي لجريمة منع تسليم الميراث للورثة.

جاءت التعديلات كالتالي:

  • أقرت عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، على كل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين.
  • في حالة العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة.

التحرش الجنسي:

تم اتخاذ الإجراءات القانونية خلال الأعوام السابقة، والتي أسفرت عن إجراء تعديلات هامة على قانون العقوبات، ومنها تشديد عقوبة التحرش الجنسي، الذي صدر بموجب القانون رقم 50 لسنة 2014، حيث أن تعديلات 2011 لم يرد فيها نصًا صريحًا بمصطلح التحرش الجنسي. وبمقتضى ذلك تم استبدال نص المادة 306 مكررًا (أ) وإضافة مادة جديدة برقم 306 مكررًا (ب).

بالتالي، جاءت التعديلات لتجريم التحرش الجنسي. وتعريف مفهومه لأول مرة بموجب القانون المصري. وعليه يُعاقب القانون على التعرض لأنثى سواء كان بالإشارة أو القول أو الفعل أو أي وسيلة بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية. وقد شدد المشرع العقوبة إذا كانت تلك الأفعال بغرض الحصول على منفعة جنسية “تحت مسمى التحرش الجنسي”.  وتتراوح العقوبات بالحبس مدة تبدأ من 6 أشهر وتصل إلى 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 50،000 جنيه مصري.

وأضاف المشرع إلى حالات تشديد العقوبة المنصوص عليها في المادة 267 من له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية أو استخدم ضغطًا وارتكاب الجريمة من شخصين أو أكثر أو احدهما يحمل سلاح. وذلك لتوسيع نطاق التجريم ليشمل النطاق الأسري، الدراسي، وأماكن العمل. ما يمثل خطوة رئيسية نحو تحقيق السلامة للنساء والفتيات المصريات في الأماكن العامة والخاصة.

ختان الإناث:

خلال النصف الثاني من يناير 2021 صدر القرار عن رئاسة مجلس الوزراء بشأن إجراء بعض التعديلات بقانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937. وجاءت التعديلات في المادتين “242مكرر” و”242 مكرر أ” المتعلقتين بجريمة ختان الإناث. وهو الشئ الإيجابي، الذي جاء نتيجة العمل الدؤوب لمنظمات المجتمع المدني، واستمر لما يقرب من أربع عقود.

وتنص التعديلات التي جاءت بتجريم ختان الإناث على ما يلي:

“يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية، أو سوى، أو عدل، أو شوه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات”.

كما نصت التعديلات في المادة “242 مكرر أ” على أن “يعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه، على النحو المنصوص عليه بالمادة (242 مكرر)، كما يعاقب بالحبس كل من روج ، أو شجع، أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (171) لارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر”.

جدير بالذكر أن التعديل السابق في عام 2016 بموجب القانون رقم 78 لسنة 2016 تم تشديد العقوبة المنصوص عليه بالمادة 242 مكرر من قانون العقوبات الخاصة بختان الإناث، حيث تم رفع الجريمة من جنحة إلى جناية. وتتراوح العقوبة هنا بين السجن من خمس إلى سبع سنوات لمن يمارسون تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان). ويمكن أن تصل إلى 15 عامًا إذا أسفرت القضية عن العاهة المستديمة أو وفاة.

كما استحدث المشرع جريمة جديدة بنص المادة 242 مكرر “أ “وهي عقاب طالب الختان بالحبس إذا تمت الجريمة بناءً على طلبه. وتأتي أهمية ذلك التعديل للحد من الدعوات التي يطلقها البعض لإجراء الختان سواء كان شخص له صلة بالمجني عليها أو يقوم بالدعوة لارتكاب تلك الجريمة بشكل عام.

قانون سرية بيانات المجني عليهن في جرائم العنف الجنسي:

على الرغم من الخطوة الهامة نحو حماية النساء من التحرش والعنف الجنسي، وتشجعيهن على الإبلاغ عن المتهم في حالة ارتكاب جريمة، وحمايتهن من الوصم المجتمعي من خلال عدم الكشف عن شخصياتهن في الجرائم التي تتصل بالتحرش، هتك العرض، التعرض للغير الواردة في قانون العقوبات، قانون الطفل خشية إحجام المجني عليهن عن الإبلاغ عن تلك الجرائم، وإن من شأنه طمأنة النساء بأن بياناتهم سرية في حال تقدمهن للإبلاغ عن جريمة تحرش أو اعتداء جنسي، حيث وافق مجلس الوزراء على قانون حماية سرية أقوال المجني عليها في تلك القضايا. وهو الأمر الذي يعد استجابة من الدولة بعد تحقيقات النيابة العامة مع المتهم أحمد بسام زكي. إلا أننا ما زلنا نطالب بصدور قانون حماية الشهود والمبلغين لاتخاذ التدابير الاحترازية بشأن حماية كل شاهد أو شارك في كشف جريمة وثبت انه مهدد أو أن حياته مهددة بالخطر.

وأخيرًا، يجب التأكيد على أنه هناك محاولات ايجابية حدثت على صعيد وضع استراتيجيات وطنية تستهدف النساء مثل الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء  2015 -2020، واستراتيجية تمكين المرأة المصرية 2030. لكن إلى الآن لم يتم إنشاء المفوضية المستقلة لمكافحة التمييز التي أقرها الدستور المصري كأحد الأدوات الهامة لتحقيق العدالة والمساواة ما بين المواطنين والمواطنات.

وإلى الآن أيضًا لم يخرج للنور القانون الموحد لتجريم العنف ضد النساء، وقانون الأحوال الشخصية، بالإضافة لقانون العمل. وهو الأمر الذي يستوجب العمل بجدية حتى إنجاز تلك المهام، التي من شأنها تمهيد الطريق لمحاولات تمكين النساء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.