في مثل هذا اليوم من 11 سنة، لم يكن لأحد أن يتخيل، ما يمكن أن يحدث خلال الـ 18 يوم التالية، كان هناك شباب آمنوا بالتغيير، وحلموا بالمواطن السيد في الوطن السيد، وحين انضمت إليهم تلك الكتل الشعبية الهائلة، بدا أن الحلم قابل للتحقق، وكان الوطن الذي حلم به الجميع على مرمى حجر، ولكن سرعان ما جرت مياه عكرة في النهر؛ ليتحول يوم 25 يناير من كل سنة إلى عيد للشجن لشباب، حلموا بتحقيق أفضل أمانيهم للوطن الذي عشقوه، ثم تجرعوا مرارة، أن يفلت الحلم من بين أيديهم.

المياه التي تدفقت مع الخروج الجماهيري الكبير، كانت قادرة على اقتلاع واحد من أسوأ من حكموا مصر، ثم تعرجت بها السبل، وانداحت المياه في مسارب مختلفة، وضعفت قوة اندفاعها، وتكالبت عليها قوى شتى من الداخل والخارج؛ لتوقف جريان نهر التغيير، بل وتعكس اتجاهه، ويبقى الأمل، في أنها ما تزال قادرة على مواصلة طريقها، حتى تصل إلى المصب، إلى ذلك الحين، لا يسعنا إلا أن ننحني احتراما، ونقف إجلالا أمام تضحيات هؤلاء الذين مدوا أياديهم إلى السماء؛ ليقطفوا قرص الشمس هدية لمصر.

سواء رضي الكارهون لها، أم ابتأس جيلُها، وأصابهم فيروس اليأس، وسواء كنتَ معها أم ضدها، هي الآن حقيقة تاريخية، لا ينكرها أحد، وهي لحظة تاريخية فارقة فعلًا، سوف يؤرخ بها عصر جديد في مصر، سيقولون كان هذا قبل 25 يناير 2011، وحدث هذا بعده، ولا يغرَّنك، أنها تعيش اليوم انتكاستها الثانية، (كانت الأولى حين اختطفها الذين التحقوا بها متأخرين،  ليقطفوا ثمرتها)، فهي ـ مثل الثورات الكبرى في تاريخ البشريةـ سوف يكون لها جولات أخرى، ولن تسلم من انتكاسات جديدة، حتى يستوي عودها، وتتجذر بذرتها في الأرض أكثر فأكثر، وتخرج للناس ثمرتها، بل ثمراتها التي سوف تستمر على مرِّ الزمان.

بحسب موقعك من الثورة، يختلف تعريفك لها، هي «أحداث يناير» من الموقع المضاد، يسمونها «ثورة خساير»، وهي عندهم «مؤامرة» كونية، وإحدى منتجات حروب الجيل الرابع، وهي استهدفت تقويض الدولة وتقسيم الوطن، الذين قاموا بها، أو حرضوا عليها، أو شاركوا فيها، هم خونة الأوطان، الساعون في خراب البلد، الممولون من الخارج، المدربون في أقبية كافة أجهزة الاستخبارات العالمية، شرقًا وغربًا.

«يناير» عند من يحبونها هي نتاج مقدماتها، وهي من صناعة وإنتاج أشرف الأيادي، وإذا كنت ممن شاركوا فيها، ونلت شرف المبيت في ميادينها، فهي عندك أعظم وأجمل الثورات، هي ثورة الأحلام عند أنصارها، وهي في نظر أعدائها أكبر الكوابيس، وهي ثورة «ارفع رأسك فوق أنت مصري»، ثورة العيش والحرية، ثورة العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

الوحيدة «اللي مش مجيدة»

يمجد الحكام الجدد بعد كل ثورة فعل الإطاحة بالنظام السابق، ويوصم زمن الحكام القدامى بأنه «العهد البائد» وهو الاسم الكودي لمن انتهى عصرهم، ودالت دولتهم، وتحوز الثورة صفة «المجيدة» حين تستقر بالقادمين الجدد إلى السلطة على كراسي الحكم، وتقلب الأزمنة التي سبقتها في سلة مهملات التاريخ، حيث يعتبرها حكام العهد الجديد نسيا منسيا، أما ثورات الشعوب فهي إما تمرد تحركه أصابع أعداء الداخل، أو مؤامرة خارجية تستهدف هز استقرار الوطن وضرب استقلاله.

حتى الانقلابات التي جرت عند قمة السلطة لتصفية جماعة الحكم القديمة، سميت «ثورة مايو» سنة 1971، وحازت لقب «المجيدة»، واعتبر البعض حبس الآلاف من السياسيين والكتاب والمثقفين والناشطين في العمل العام سنة 1981 بمثابة «ثورة سبتمبر»، ولم يبخلوا عليها بالمجيدة التي هي الصفة الأثيرة لكل ثوراتهم.

وحدها «ثورة يناير» التي لم تحظَ بلقب «المجيدة» المصروف لكل الثورات، بل عملوا منذ الساعة الأولى لانطلاقتها على وصم كل من شارك فيها بالعمالة، والخيانة، واتهموهم بشتى الاتهامات، ألصقوا بالثورة كل نقيصة، وشوهوا الثوار بشتى أنواع الاتهامات المنحطة، وحمَّلوها مسئولية الفوضى واختلال الأمن، وصارت هي السبب وراء مضاعفة الديون الداخلية وتفاقم الديون الخارجية، واختلال الميزان التجاري، وزيادة عجز الموازنة، وتصاعد نسب التضخم، وتدهور قيمة الجنيه، وتناقص أموال الاحتياطي من النقد الأجنبي، وارتفاع نسب البطالة، وتجريف الأراضي الزراعية، وربما لم يبخل عليها البعض بالمسئولية عن اتساع ثقب الأوزون.

والمحزن أن كل هذه الاتهامات (وغيرها كثير) وجهت إلى «ثورة» لم تصل إلى الحكم، ولم تحكم يوما واحدا، ومع ذلك ما زالوا يعتبرونها أكبر المؤامرات.

مؤامرة الـ 25 مليون مواطن

«مؤامرة» يشترك فيها كل هذه الملايين، وتستمر لمدة 18 يوم، ويؤيدها الجيش، وينحني لها العالم احتراما، أكيد هي «مؤامرة» سوف يحترمها التاريخ، وستبقى الحقيقة الناصعة كالشمس أن «25 يناير» كانت ثورة حتمية، لا هي مؤامرة، ولا مصنوعة، وهي مستمرة طالما لم تتحقق أهدافها.

كانت لها أسبابها ولها مقدماتها، وفتائلها التي أوقدت شعلتها، وربما أعود للحديث عن تلك الأسباب لاحقًا، ولكني اكتفي هنا وأنقل عن موقع «هيئة الاستعلامات المصرية»، ستجد من أسباب الثورة بنص الهيئة الرسمية: (المسئول عن الثورة هي كل المقدمات التي دفعت إليها، وجعلتها نتيجة منطقية لهذه المقدمات، هي الأسباب التي جعلتها حتمية لا مفر منها). فلا يمكن لشعبٍ حرٍ أن يستمر في حال اغتصاب حقوقه والحجر على حرياته طويلا، ولا يمكن لشعب تنبض في عروقه الحياة أن يبقى طويلا تحت حكم الاستبداد والفساد.

في أسباب «ثورة يناير» أسباب اقتصادية، وأخرى اجتماعية، وثالثة سياسية، وفيها أيضا أسباب شخصية لكثيرين ممن شاركوا فيها، أذكر شابا وهو يقول لي ونحن وقوف على أحد أطراف الميدان في أيام التحرير: (أنا كنت فقدت الأمل في قدرتي على الحياة في مصر، واستقر في يقيني أنني أرتكب أكبر الذنوب لو أنني سمحت لنفسي أن أكون أسرة في بلد لا حقوق فيه تُصان، ولا كرامة فيه للإنسان، كنت أرى أنه حرام عليَّ أن يكون لي ولد أو يرزقني الله ببنت أرمي بهم في وطن لا قيمة فيه لإنسانية الإنسان).

هل نعلن فشل ثورة يناير؟

بعد كل هذه التطورات خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية، وبعد كل هذه المياه التي عكَّرت مجرى النهر يطرح السؤال الصعب نفسه من جديد: هل يمكننا إعلان فشل ثورة يناير؟ أم ما زال الوقت مبكرًا لتقييمها؟

في حوارٍ بين «تشو إن لاي» أول رئيس وزراء لجمهورية الصين الشعبية، (تقلد مهام منصبه بدءًا من أكتوبر 1949 حتى وفاته في يناير 1976)، وبين واحد من ألمع وزراء الخارجية الأمريكية سأله الدكتور «هنري كسينجر» عن تقديره لتأثير الثورة الفرنسية في التاريخ الحديث؟، السؤال استدعى برهة من التأمل كانت بعدها إجابته العميقة بأنَّ «الوقت ما زال مبكرا للتقييم، لأن أفكار الثورة الفرنسية ما زالت تتفاعل مع مجريات الأحداث.

البعض ممن شاركوا في الثورة يركبهم اليأس فيرى أنها فشلت، وأن علينا أن نعترف بذلك، وألا نكابر، وتنوعت الأسباب في آراء أصحاب هذا الموقف بين (نعم، لأنها لم تحقق أيا من أهدافها)، وبين (الثورات ليست قطارًا نركبه إلى أن يوصلنا لمحطتنا، فلا شيء اسمه الثورة مستمرة، الثورة فعل استثنائي لا يمكن أن يدوم، أو أن يبقى مستمرًا، هذا إذا افترضنا جدلًا أن ما حدث في يناير كان ثورة).

أما الفسطاط الأكبر فيرفض بشكل قاطع وكلمات حاسمة، ومبررات بعضها حالم، والبعض الآخر يتمسك بمقولة أن «الثورة مستمرة » حتى تحقق أهدافها، وهي سوف تفعل، والبعض الثالث استوحى مبرراته لرفض إعلان فشل الثورة  من تاريخ الثورات في العالم، وعلى رأسها «الثورة لفرنسية»، وذكر أحدهم أنه التقى مع أحد الفرنسيين العام الماضي وجرى بينهما حوار حول ما جرى في مصر خلال السنوات العشر من عمر الثورة، وذكَّره صديقه الفرنسي بأن الثورة الفرنسية كان لها مشوار طويل في التاريخ، وحين قال له صاحبنا المصري أن «ثورة يناير» هي بدورها سوف يكون لها مشوارها الطويل إلى أن تنتهي، كما انتهت الثورة الفرنسية، فنظر إليه صاحبه ضاحكًا وقال: «الثورة الفرنسية لم تنتهِ يا سيدي، نحن مازلنا للآن في الثورة».

أخرون يرون أن «يناير» مجرد مرحلة أو حلقة من حلقات حراك الشعب المصري الممتد تاريخيًا من قبل «ثورة ١٩١٩»، وحتى يحقق ما يتوق إليه من استقلال وتنمية وعدالة اجتماعية من خلال نظام سياسي وطني، وأن« 25 يناير» نجحت في الإلهام وكسر الخوف وزرع بذور الثورة ومعاني الحرية والتحدي في الأرض المصرية، لكنها فشلت في إتمام مهمتها في أقصر وقت، نجحت في أن تزيل جزءًا من الصديد، ولكنها فشلت في التخلص منه كله، هي ـ إذن ـ تتأرجح بين الفشل والنجاح لكنها ـ في كل الأحوال ـ مستمرة، بما أحدثته من توعية وكشف لحجم الفساد ورجاله، ومازالت تفاعلاتها مستمرة، وإن كان أوان عودتها للسطح بقوة يحتاج للمزيد من الوقت، أو ربما كانت إرهاصات للثورة الحقيقية التي لم تبدأ بعد.

ارحل ليست حلًا

في يناير وفبراير 2011 كان الشعب حاضرا، فأبطل كل ما عداه، ووفر للنصر عدته، وحين انصرف، انصرفت معه قوة الحضور المقرِّر، فراح كل طرف يقرر لنفسه ما يشاء، وخرجت الثورة من الميادين لتدخل في دهاليز وفجاج معوجة، وانتهى بها المطاف إلى التوهة الكبرى، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، وإن تغيرت الوجوه، لنجد أنفسنا من جديد أمام المهمة نفسها، ولكن للأسف هذه المرة في غيبة الناس، سواء كانت غيبة تغييب، أم غيبة إحباط.

وأسوأ ما في تلك الحالة أن البعض ممن كانوا معا في الميادين، يتصورون أنهم أمام مهمة إعادة السيناريو نفسه، بنفس تفاصيله، وكأن عجلة الأيام تدور على منوال واحد، لا يتغير بتغير الظروف، ولا يتبدل بتبدل الأوضاع.

قناعتي ويقيني أن «ارحل» ليست حلا؛ سوف تقودنا من جديد إلى نفس الطريق، لنجد في آخرها وجه جديد من نفس النظام، جربنا التغيير في الأشخاص، وبقيت نفس السياسات؛ بقي جوهر النظام.

الحل هو صناعة البديل القادر على تغيير طبيعة النظام؛ والبديل ليس أشخاصا؛ البديل هذه المرة لابد له أن يكون برنامجا للتغيير الشامل يبدأ بقضية استقلال القرار الوطني، ولا ينتهي إلا بالتوافق الوطني العام على الكيفية التي تحقق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

التغير بالضربة القاضية نتيجته معروفة، صناعة التغيير لا تقتصر على شكل واحد ولا أداة بعينها، التغيير بالنقاط هو الحل؛ معارك صغيرة يفضي الانتصار في أي معركة منها إلى الدخول في المعركة التي تليها؛ معركة يحضر الشعب فيها ولا يغيب عنها، معارك تهمه ويهتم بها، معارك تدافع عن حقوقه ومصالحه ولقمة عيشه، وبغير ذلك فأبواب التغيير الحقيقي تبقى مسدودة، والأمل في فتحها يظل بعيدا.

الشعب دائمًا يفاجئ نخبته

أهم دروس الثورات المصرية: أن الشعب المصري دائمًا ما يفاجئ نخبته وحتى طليعته بما لم تتوقعه، وأن مواعيد الثورات لا يحددها أحد غير الشعب، هو صاحب الكلمة الفصل في متى يثور وكيف يثور؟، وما زال الشعب يعلم نخبته أن الثورات لا تقوم بأزرار أو مقابس بمجرد الضغط عليها تندلع الثورة أو تنفجر شرارتها، وهي لا تقوم بمواعيد موسومة في أجندات أو مسجلة في نتائج تعلق على الحوائط، الثورات تقوم بأسبابها، وتزول فرص قيامها بزوال تلك الأسباب، ولا يمكن لعاقل أن يستبعد قيام الثورة رغم استمرار أسباب اندلاعها.

وكل مرة يثبت هذا الشعب أنه لا يموت إلا في نظر حكامه ونخبته، التي غالبًا ما يحكمها يأسُها في النظرة إلى قدرات هذا الشعب وحيويته، حتى الذين بشروا بالثورة وكانوا يؤمنون بأن الأوضاع التي كانت قائمة لا يمكن لها أن تستمر، حتى هؤلاء فاجأتهم الثورة حين اندلعت، وفاجأهم أكثر الأداء الشعبي والحضور المكثف والواعي والحاسم.

تأتي الثورات الشعبية عبر تراكم متصاعد من التفاعلات، وتوسيع مستمر لهامش الاحتجاج، حتى تنفرج منه الزوايا وتتسع الدوائر، ويحضر الشعب، حيث في حضوره يصغر كل حضور، وفي مقامه تتوارى كل المقامات.

أهم دروس «يناير» ألا نحاول تكراره مرة أخرى، لقد ثبت باليقين أن أسلوب الضربات القاضية لا تسقط النظام، بل تجدده، يغير جلده، ويبدل وجوهه، ويبقى جوهره قائما، وثبت بالتجربة أيضًا أن الإصلاح ولو جاء بطيئًا أفضل من الفورات، أو الهبات ولو زادت حدة هبوبها، وأن الفوز بالنقاط هو حصيلة النفس الطويل، وأثره أنجع وأبقى وأدوم.

حكام مصر إما داخل القصر أو في جوف القبر

طوال تاريخنا الحديث (على الأقل) لا يوجد حاكم سابق بطريقة عادية، انتهت مدة ولايته (مثلًا)، أو تنازل عن الحكم طواعية، كلهم ظلوا على دكة الحكم، حتى ذهبوا إلى القبر، الاستثناءات على هذه القاعدة كانت تحمل طابعًا واحدًا هو الخلع أو العزل، وهو ما جرى مع «الخديوي إسماعيل» الذي عزله الانجليز والفرنسيون بمباركة تركية عثمانية، ومن بعده «عباس حلمي الثاني» عزله الإنجليز مثلما جرى مع جده، ومن بعده خلع «الملك فاروق»

ومن بعد ثورة يوليو 1952 ظل الأمر على المنوال نفسه، كل الرؤساء ماتوا وهم في الحكم، إلا اثنين «مبارك» الذي خُلع و«مرسي» الذي عُزل، وهما الاثنان (المخلوع والمعزول) اللذان خلعتهما الإرادة الشعبية، أسقطت أولًا مبارك من عرشه الذي استمر فوقه ثلاثين سنة، وكان يعد لتوريثه لنجله من بعده، ثم أسقطت بعد أقل من عامين «مرسي» بعد سنة في الحكم فشل خلالها في أن يثبت أنه يمكن أن يكون رئيسًا لكل المصريين، وبدا أنه مجرد واجهة لحكم وتحكم المرشد وجماعته.

وهذه واحدة من أهم وأعظم إنجازات «ثورة يناير» التي أثبتت (للمرة الثانية، بعد خلع الولاة العثمانيين وتولية «محمد علي» حكم مصر) أن الإرادة الشعبية يمكنها أن تخلع، وأن تعزل متى أرادت، وتوفرت الأسباب.

سؤال آخر يطرح نفسه الآن بقوة على الضمير الوطني: وماذا بعد «25 يناير»؟

إجابة مثل هذه الأسئلة الكبرى يحتاج إلى دراسة متأنية، وجهد جماعي يشارك فيه المؤمنون بقضية التغيير، خاصة ونحن اليوم أمام هندسة جديدة للوضع السياسي العام، جعلت السياسة نفسها شيئًا كريهًا؛ وأطاحت بكل التكوينات السياسية خارج دائرة الفعل السياسي؛ ما يعني أننا صرنا في قلب لعبة ليس لها أطراف متعددون؛ اللهم الا إذا أطلقنا صفة المباراة على طرف يفرض، ويحتكر حيازة «الكرة» وحده، وأطراف أخرى إما غائبة أو مغيبة، ولن يكون مسموحًا لها بالإياب من الغياب، وليس مسموحًا لها بالعودة من التغييب، لأن قواعد اللعبة قد تغيرت كثيرًا لصالح «عرض الرجل الواحد».

لكن يبقى أن ما فعلته «ثورة يناير» قادرُ على زرع بحور الأمل في نفوس المؤمنين بها، أما الكارهون لها فينسون، أو يتناسون، أنها استقرت في وجدان ووعي جيلٍ كامل، ولا تزال تشد إلى جوهرها أجيالا جديدة ستكون لها الكلمة الأخيرة، حينها ستكون ثورة «مجيدة» كما لم تكن ثورة قبلها.

**