تترقب السوق المصرية اجتماع لجنة السياسة النقدية، غدًا الخميس، مع تضارب التوقعات من قبل بنوك الاستثمار حول رفع الفائدة، وإمكانية اتخاذ البنك المركزي قرارًا بتحريك سعر صرف الدولار أمام الجنيه رسميا، والذي لا يزال عند مستوى 30.9 جنيها.

خلال شهر يناير الجاري، تزايدت الفجوة بين سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في السوقين الرسمية والموازية، إذ بلغ سعر الدولار مستوى 30.85 جنيها في البنوك، بينما تراوح في السوق السوداء ما بين 65 و70 جنيًها.

ربط الكثير من المحللين حاليًا، بين اجتماع لجنة السياسة النقدية وإمكانية تحريك ملف العملة، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوزير المالية محمد معيط، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط، لأمريكا ولقاء مسئولي صندوق النقد الدولي.

وفي استطلاع لوكالة بلومبرج، توقعت 6 بنوك استثمارية من أصل 10، أن يتجه البنك المركزي المصري خلال اجتماعه الأول لعام 2024 غدا الخميس، إلى رفع أسعار الفائدة، بما يتراوح بين 200 و300 نقطة أساس لكبح جماح التضخم.

في المقابل رجح 10 من أصل 16 محللاً، استطلعت آراءهم وكالة “رويترز” إبقاء سعر الفائدة على الودائع، دون تغيير عند 19.25%، وفائدة الإقراض عند 20.25%، بينما رجح 6 فقط إمكانية رفع الفائدة من 1 إلى 3%.

وقالت المجموعة المالية “هيرميس”، إن قرار لجنة السياسة النقدية يعتمد على نتيجة مناقشات صندوق النقد الدولي التي لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، وبالتالي من الصعب توقع قرار اللجنة.

 مصير الفائدة مرهون بالتعويم

الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، يؤيد الرأي السابق، مضيفًا أنه حال خفض البنك المركزي الجنيه مقابل الدولار، فقد يلجأ حينها لرفع سعر الفائدة، لكن استبعد حدوث تلك الخطوة في الوقت الحالي.

توقع أن يتجه المركزي لتثبيت سعر الفائدة، خاصة بعد قيام البنك المركزي الأوروبي، وكذلك الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” بتثبيت سعر الفائدة، مضيفا أن رفع سعر الفائدة ليس كافيا للحد من التضخم المرتفع، لكن يمكن للبنك المركزي اللجوء؛ لرفع الاحتياطي الإلزامي على البنوك.

يمثل الاحتياطي الإلزامي نسبة من الودائع بالعملة المحلية، تلتزم البنوك بإيداعها لدى البنك المركزي، بدون عائد كإجراء احترازي؛ لاستخدامها في حال، واجهت سحبًا مفاجئا لودائع العملاء.

يشير غراب، إلى طرح البنوك شهادتي الادخار ذات العائد المرتفع 27% و23.5% الأيام الماضية بعد انتهاء آجال شهادة 25%, وهي خطوة من شأنها سحب السيولة من الأسواق، خاصة بالتزامن مع موعد استحقاق شهادة الـ 25%، والذي صاحب استمرار انخفاض معدلات التضخم خلال شهري نوفمبر وديسمبر.

تراجع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 34.2% في ديسمبر 2023، مقابل 35.9% في نوفمبر 2023، بينما يتوقع صندوق النقد انخفاض معدل التضخم في مصر إلى 18.2% في نهاية عام 2024.

يعتبر غراب، أن ارتفاع أسعار الذهب لدرجة كبيرة، وتذبذب سعره في الأسواق جعله غير جاذب للسيولة لدى الأفراد والمستثمرين، ولذا لا يفضل الأفراد وصغار المستثمرين الاستثمار به خلال الفترة الحالية، حتى ينخفض سعره، وهذا يدفع بعضهم للادخار في شهادات الادخار للحصول على عائد دوري مرتفع.

الموازنة تعاني عبء الفائدة الثقيل

اعتبر غراب، أن رفع سعر الفائدة في الوقت الحالي يضيف أعباء على الموازنة العامة، دون جدوى ما يزيد من التكلفة التمويلية على المنتجين، وانعكاس ذلك على الأسعار بالأسواق على المستهلك.

بحسب البيان المالي للموازنة العامة لمصر للعام 2023/ 2024، فإن كل زيادة للفائدة 1%، سيرفع مدفوعات الفوائد بنحو 70 مليار جنيه، وتبلغ مخصصات الفوائد في الموازنة الحالية نحو تريليون و120 مليار جنيه.

تقول سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية أيضًا، بتثبيت أسعار الفائدة، لكنها تشير إلى أن البنك قد يتخذ موقفا مغايرًا حال وضعه في الاعتبار توقعات التضخم المستقبلية،

ويتفق الخبراء على ارتفاع التضخم خلال شهر يناير الجاري، والذي من لمزمع إعلان معدله يوم 10 فبراير، بعد رفع أسعار بعض الخدمات المحددة إداريا مثل، الكهرباء والإنترنت والاتصالات.

أضافت الدماطي، أن معدل التضخم تراجع خلال شهري نوفمبر وديسمبر، لكن التوقعات المستقبلية تشير إلى العكس، وحال وضع البنك تلك التوقعات في الاعتبار، فقد يرفع الفائدة 1%، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعا بمعدل الاستهلاك.

توقعات بارتفاع التضخم لشهر يناير

بحسب وزارة التموين، فإن الاستهلاك الشهري للمصريين للأغذية يبلغ 60 مليار جنيه، لكنه يتضاعف في شهر رمضان 120 مليار جنيه.

يقول أيمن فودة، الخبير الاقتصادي، إنه ما لم يحدث تعويم للجنيه، فإن القرار المتوقع للجنة السياسية النقدية هو التثبيت؛ تحاشيا لارتفاع عبء الدين العام، مشددًا على وجود ارتباط وثيق حاليًا بين سعر الصرف والفائدة.

شكلت مصر مجلسًا للتنسيق بين السياسات النقدية والمالية، يضم كلاً من محافظ البنك، ووزيري التخطيط والتنمية الاقتصادية والمالية، ونائبا محافظ البنك المركزي ونائب وزير المالية للسياسات المالية، وعدد من الأعضاء ذوي الخبرة؛ لوضع آلية التنسيق بين السياسات ومنع تضاربها.

كان المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، قد أكد وجود تنسيق مع البنك المركزي؛ لضبط سعر الصرف، مشيرًا إلى أن المشاورات مع بعثة صندوق النقد مستمرة.

يضيف فودة، أن قرار التعويم وشيك، لكن ربما يكون في اجتماع استثنائي بعد اجتماع السياسية النقدية، حتى يكون لدى البنك المركزي الحصيلة الدولارية الكافية التي يمكن عبرها الدفاع عن قيمة الجنيه، ومنع التضخم من الارتفاع.