بات رفع الاحتياطي الإلزامي القانوني أحد الخيارات التي تدرسها لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي في اجتماعها، اليوم الخميس، لحسم أسعار الفائدة.
الاحتياطي الإلزامي آلية تستخدمها البنوك المركزية؛ لمواجهة التضخم عبر سحب السيولة، وتمثل نسبة من إجمالي ودائع العملاء بالبنوك بالعملة المحلية أقل من 3 سنوات، يفرض البنك المركزي على البنوك إيداعها لديه، دون حصولها على عائد مقابل الإيداع.
تمنح تلك الآلية البنك المركزي القدرة على سحب السيولة من السوق؛ لخفض التضخم بدلا من رفع سعر الفائدة التي تتضمن أضرارا على الاستثمار والمديونية الحكومية، ويمكن اتخاذهما معا، حال توقع حدوث موجة تضخمية.
الاحتياطي الإلزامي آلية حكومية لمواجهة التضخم
رجحت الدكتورة عالية المهدي، الخبيرة الاقتصادية، رفع الاحتياطي القانوني للبنوك من ١٨٪ حالياً الي ٢٠% للحد من القوى الشرائية في السوق، مع رفع سعر الفائدة ما بين ١ و ٢٪ لكبح التضخم.
سبق للبنك المركزي رفع الاحتياطي القانوني العام الماضي من مستوى 14% إلى 18%؛ بهدف امتصاص السيولة الضخمة في البنوك، ويتوقع أن يكرر المركزي الأمر ذاته العام الحالي.
يملك البنك المركزي ثلاث أدوات؛ لإدارة السياسة النقدية بينها سعر الفائدة، والاحتياطي الإلزامي أو القانوني، والثالث هو عمليات السوق المفتوح، وهي التي يتم من خلالها بيع وشراء السندات المالية الحكومية التي يصدرها البنك المركزي لصالح وزارة المالية.
رفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 11% في 6 اجتماعات للسياسة النقدية خلال آخر عامين، موزعة بين 8% في 2022، و 3% في 2023، ليبلغ مستواها حاليًا 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض.
ارتفاع كبير بالسيولة في الجهاز المصرفي
بحسب البنك المركزي، ارتفع حجم السيولة المحلية لدى القطاع المصرفي المصري إلى 8.787 تريليونات جنيه، بنهاية نوفمبر 2023، مقابل 7.402 تريليونات جنيه بنهاية ديسمبر 2022، بارتفاع 1.384 تريليون جنيه.
تتكون السيولة المحلية من المعروض النقدي، وأشباه النقود، والأول يتضمن الودائع الجارية غير الحكومية بالعملة المحلية لدى كافة وحدات الجهاز المصرفي مطروحًا منها أرصدة الشيكات، والحوالات المشتراة. أما أشباه النقود، فتتكون من الودائع الخاصة غير الجارية بالعملة المحلية، مطروحا منها الشيكات والحوالات المشتراة.
بحسب البنك المركزي، فإن المعروض النقدي ارتفع إلى 2.334 تريليون جنيه، بينما سجل النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي 1.062 تريليون جنيه، فيما بلغت الودائع تحت الطلب بالعملة المحلية 1.272 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر 2023.
يرى مصرفيون، أنه كلما زادت السيولة، ارتفع الطلب على شراء السلع، ومن ثم ارتفعت معدلات التضخم، والعكس، بالتالي يمثل الاحتياطي الإلزامي أحد الآليات الهامة للتأثير في التضخم.
ومن هذا المنطلق، رجحت بعض بنوك الاستثمار وشركات الاستشارات المالية مثل، “الأهلي للاستثمارات المالية” و”كايرو كابيتال”، أن يلجأ البنك المركزي إلى رفع الاحتياطي النقدي الإلزامي على البنوك بنسبة 6%، ليسجل الإجمالي 24% دفعة واحدة مع توقعات بارتفاع التضخم في يناير.
تحفظ على رفع الاحتياطي الإلزامي
لكن عز حسنين، الخبير الاقتصادي، يتحفظ حاليًا على رفع الاحتياطي الإلزامي على البنوك، باعتباره يتضمن أثرا سلبيا علي تكلفة أموالها.
يرى البعض، أن الفائدة والاحتياطي الإلزامي لديهما قدرة محدودة في استهداف التضخم الذي يحدث في مصر؛ بسبب أزمة سعر الصرف، وارتفاع تكلفة الخامات المستوردة، ومستلزمات الإنتاج بوتيرة متسارعة، منذ تعويم 2016.
يضيف حسنين، أن الاحتياطي الإلزامي قد يدعو البنوك إلى المغالاة في طلب سعر فائدة تعويضية في أدوات الدين الحكومية، مما يؤثر سلبًا على عجز الموازنة العامة.
تستهدف الموازنة العامة للدولة 2023/2024، خفض عجز الموازنة إلى مستوى 5%، بجانب تواصل تراجع معدل المديونية الحكومية إلى أقل من 80% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية 2027.
لكن صندوق النقد الدولي رجح أن يتسع عجز الموازنة المصرية إلى 10.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي، مقابل 6.4% في العام المالي الماضي، ويعتبر ذلك الرقم أكبر عجز في الموازنة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، منذ العام المالي 2015 – 2016.
ويمثل رفع الاحتياطي الإلزامي تكلفة مرتفعة، تتحملها البنوك على اعتبار، أنها ودائع لا يتم تحقيق أرباح منها، ومن المتوقع أن يتم تعويضها من خلال زيادة سعر الفائدة على بعض قروض الشركات والأفراد؛ لتعويض التكلفة.
وبلغ متوسط العائد على أدوات الدين قصيرة الأجل، ارتفاع في آخر طروحات أدوات الدين الحكومية؛ ليسجل 26.144% للسندات استحقاق 91 يومًا و27.30% للسندات استحقاق 273 يومًا.