تفاعلت الأسواق المصرية بشكل متباين مع صفقة رأس الحكمة، ففي حين تراجعت أسعار السلع غير الأساسية مثل، الذهب والسيارات، لم تتفاعل أسعار السلع الأساسية بشكل سريع، وعاد بعضها للارتفاع مجددًا بعد انخفاض مؤقت، تبع توقيع الصفقة الاستثمارية الأكبر مباشرة.

تأثرت السلع التي ترتبط بشكل مباشر بسعر صرف الدولار الأمريكي بالسوق السوداء في تقييم قيمتها محليًا بشكل سريع، على عكس السلع التي تدخل في صناعتها مستلزمات مستوردة من الخارج، وهي المنتجات وثيقة الصلة بالمواطن في نمط حياته اليومية.

انخفضت أسعار السيارات في فئة المستعمل، بنسبة تراوح بين 5 و10 % في الماركات المتوسطة والفاخرة، بحسب رابطة تجار السيارات، بينما تراجعت ببعض الفئات الشعبية ذات السعر الأقل والعمر الأقدم بنسبة 20 %.

وبدأت أسعار بعض قطع غيار السيارات في الاستقرار، بعدما سجلت ارتفاعات تناهز 400 %؛ بسبب صعود الدولار، أمام الجنيه وعدم قدرة المستوردين على توفيره.

ورجح المهندس خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعي السيارات، المزيد من تراجع أسعار السيارات خلال الفترة المقبلة في السيارات، مع استقرار سعر صرف العملة.

لم تصل الانخفاضات للسيارات الجديدة، حتى الآن في ظل نقص المعروض بالسوق، والذي ظهر جليًا بمبيعات العام الماضي “2023” التي تراجعت بنسبة 51 %؛ لتبلغ 90 ألفًا و359 مركبة، مقابل 184 ألفًا و771 مركبة في 2022، وفقًا لمجلس معلومات سوق السيارات “أميك”.

لكن خالد سعد، يرى انخفاض الأسعار مرتبط في الأساس بثبات العملة، إذ يبدأ المواطن الشعور بانخفاض سعر السيارات الجديدة عقب 3 أو 4 أشهر من تاريخ ثبات سعر العملة.

تراجع أسعار الذهب.. انتهاء المضاربات

 

الذهب
الذهب

كانت سوق الذهب الأكثر تفاعلًا مع صفقة رأس الحكمة، إذ خسر الجرام 500 جنيه، مع تراجع سعر الدولار بالسوق الموازية، من مستويات 65 جنيها إلى ما بين 48 و45 جنيها.
وتراجعت أعيرة الذهب عيار 24 و21 و18 إلى 3371 جنيهًا و2950 جنيهًا و2528 جنيها على الترتيب مطلع مارس/ آذار الحالي، بعدما سجلت 4149 جنيهًا و3630 جنيهًا و3111 جنيهًا على الترتيب منتصف فبراير السابق عليه.

وكان تجار الذهب يسعرون الدولار عند مستوى 70 جنيها للدولار، فيما عرف باسم “الدولار الذهبي”، وكذلك الحال بالنسبة لتجار السيارات وشركات العقارات، ما أوجد عدة أنواع من الدولار بالسوق المحلية.

يقول “م. س” تاجر ذهب، إن عددا كبيرا من المواطنين اشتروا الذهب عند مستويات مرتفعة على أمل حدوث تعويم، والبعض خسر مبالغ كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية؛ بسبب المضاربات السعرية على الدولار بالسوق الموازية.

أغرى الصعود التاريخي لأعيرة الذهب المواطنين على اقتنائه كوسيط لحفظ القيمة، فعيار 21 على سبيل المثال، ارتفع خلال الربع الأول من العام الماضي بنسبة 31.4 %؛ ليرتفع من مستوى 1690 جنيهًا لـ 2220 جنيها للجرام في ثلاثة أشهر فقط.

يضيف التاجر، أن السوق تعاني حاليًا من الركود المعتاد الذي يسبق شهر رمضان مع تغير توجهات المواطنين نحو شراء السلع الأساسية التي يحتاجوها خلال الشهر الكريم، والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير، مضيفا أن الأمر ذاته ينطبق على سوق العقارات والإلكترونيات.

وتراجع الحديد لمستوى 62 ألف جنيه إلى 55 ألف جنيه للطن في المتوسط، في ظل تفاوت كبير بالأسعار بين المصانع، يصل إلى 6 آلاف جنيه في الطن. وكذلك أسعار الأجهزة الكهربائية التي بدأت في الاستقرار مع توقعات لشعبة الأجهزة الكهربائية بانخفاضها بنسبة، تزيد عن 20 % خلال شهر رمضان المقبل.

بحسب الخبير الاقتصادي هاني توفيق، فإن الأسعار دائمًا ما تكون غير مرنة عند الهبوط، ومرنة جداً عند الصعود، وهي قاعدة مؤلمة للمستهلكين، وبالتالي فانخفاض سعر الدولار، لن ينعكس فوراً على سعر السلع في الأسواق.

الدكتور ابراهيم عشماوي مساعد وزير التموين، يؤكد على الفكرة ذاتها، فمنظومة الأسعار ـ تخضع لـ 22 عنصرا؛ فكيلو اللحوم الحمراء على سبيل المثال، يخضع للنقل والمجازر التي تمثل الجزء اللوجستي لدخولها الي البلاد، وسعر الصرف، والعلف، وعناصر أخرى مثل المناشئ، وهل اللحوم حية أم مبردة؟

ارتفاع الدواجن

 

الدواجن

وعاودت أسعار الدواجن الارتفاع مجددا؛ ليبلغ سعر الكيلو 94 جنيهًا تسليم مزرعة، و105 جنيهات للكيلو للمستهلك، أو يزيد في بعض المناطق، بينما تراوح سعر “البلدية” بين 125 و140 جنيها للكيلو.

بحسب أصحاب المزارع، فإن أسعار العلف لا تزال مرتفعة، فسعر علف بادي، يبلغ نحو 28 ألف جنيه، وعلف نامي نحو 27700 جنيه، وعلف ناهي نحو 27600 جنيه، وبادي نامي نحو 27 ألف جنيه.

يقول الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار أعلاف الصويا والذرة تراجعت، ومن المنطقي أن يحدث تراجع في أسعار الأعلاف، باعتبارهما المكونان الأساسيان اللذان يتحكمان في أسعار الأعلاف الذي يحكم تسعير الدواجن.

ويبلغ سعر الكتكوت ٣٠ جنيهًا في المتوسط، ويحتاج ٤ كيلو جرام من العلف، حتى يصبح دجاجة صالحة للأكل بجانب تكاليف الأمصال والعمالة، ما دفع بقطاع عريض من المربين لإغلاق مزارعهم.

يضيف السيد، إن تراجع الأسعار مرهون بزيادة الإنتاج، وانخفاض سعر مستلزمات الإنتاج الذي يعيد شريحة من المربين، خرجوا من المنظومة الإنتاجية؛ بسبب عدم الجدوى الاقتصادية.
المنطق ذاته ينطبق على باقي السلع التي لم تتفاعل حتى الآن مع تراجع سعر صرف الدولار بالسوق السوداء، إذ استقرت أسعار الدقيق في التجزئة عند 29.60 جنيها، كما استمرت المخابز السياحية في بيع الرغيف بجنيه ونصف للحجم الصغير، رغم تراجع سعر الدقيق الحر مطلع الشهر بنحو 3 آلاف جنيه في الطن، ليسجل نحو 20 ألف جنيه حاليا.

يحكم تأثير تسعير السلع أيضًا الطلب الموسمي مثل، الفول الذي ارتفع في التجزئة إلى 60.6 جنيها للكيلو، وكذلك اللحوم التي شهدت انخفاضًا طفيفًا بنحو 20 جنيهًا في الكيلو من المربين في العجول الحية، لكنها لا تزال عند مستوياتها السعرية المرتفعة التي تتراوح بين 340 و400 جنيه للكيلو.