احتلت مصر مرتبة متراجعة في تقرير السعادة العالمية لعام 2024، الذي صدر الأربعاء 20 مارس، والذي يقيس العديد من المؤشرات المتعلقة، بمستويات معيشة الأفراد، والرفاهية والتمتع بالحريات عبر مختلف الأعمار والأجيال.
وصدر التقرير بمناسبة اليوم الدولي للسعادة الذي تنظمه الأمم المتحدة، وبياناته مدعومة من استطلاع جالوب العالمي، وتقيس مدى شعور الأفراد بالرضا في حياتهم، والدخل الإضافي والدعم الاجتماعي، وغياب الفساد ومستوى الحرية التي يتمتع بها الأفراد.
ترجع إلى الخلف
جاء ترتيب مصر في المرتبة الـ 127 عالميًا من بين 143 دولة شملها التقرير بوجه عام، وبعد العديد من الدول الإفريقية التي سبقتها بمراحل في التقرير، مثل جنوب إفريقيا التي احتلت المرتبة الـ 83 عالميًا، والجزائر التي جاءت في المركز الـ 85 والكونغو في المركز الـ 89. يذكر أن ترتيب مصر العام الماضي 2023 كان الـ121 أي أنها تراجعت في عام واحد فقط 6 درجات. ويذكر أن تقرير العام الماضي 2023 شمل 137 دولة.
سبق مصر هذا العام 2024 في الترتيب من الدول الإفريقية أيضًا: الجابون في المركز 95، وغينيا في الـ97 ، والسنغال 99، والكاميرون 104، ونامبيا 106، والمغرب 107 ، والنيجر 109 ، وزامبيا 112، وتشاد 113، وكينيا 114، وتونس 115، وبنين 116، وأوغندا 119، وغانا 120، وليبريا 121، ومالي 122، وتوجو 124.
على المستوى العربي، لم يأت بعد مصر سوى دولتين فقط هما اليمن التي احتلت المرتبة 133 ولبنان التي احتلت المرتبة 142 وهو المركز قبل الأخير في التصنيف وقبل دولة أفغانستان فقط، بينما جاءت الكويت بمقدمة الدول العربية بالمركز الـ 13 والإمارات في المركز 22، ثم السعودية بالمركز 28، والبحرين بالمركز الـ 62 عالميًا.
وعلى مستوى الفئات العمرية، احتلت مصر المرتبة الـ 130 في مؤشر سعادة صغار السن، والمركز الـ 24 لكبار السن، و126 بين فئة الفئات العمرية المتوسطة، وفي تقييم رضا المراهقين عن حياتهم حصلت مصر على 4.48 نقطة فقط.
أمريكا خارج الـ 20 الأوائل
على المستوى العالمي تصدرت فنلندا القائمة الشاملة للسنة السابعة على التوالي، بينما كانت أكثر الدول تقدما في تقييمات الحياة هما لاتفيا التي احتلت المرتبة 46، والكونغو برازافيل التي جاءت بالمرتبة 89، مع صعودهما بنحو 44 و40 مركزًا على الترتيب بين عامي 2013 و2024.
وخرجت الولايات المتحدة الأمريكية من قائمة أفضل 20 دولة للمرة الأولى منذ نشر تقرير السعادة العالمي لأول مرة عام 2012 لتحتل المركز الـ 23 ، بعد الانخفاض الكبير في رفاهية الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا، بينما حافظت أفغانستان على تذيلها للقائمة لتحتفظ بلقب الدولة الأكثر تعاسة بالعالم.
مفارقات كبيرة.. وضع إسرائيل وفلسطين
من مفارقات التقرير احتلال دولة الاحتلال الإسرائيلي المركز الخامس عالميًا في السعادة، ومجيئ دولة فلسطين المحتلة في لمركز الـ 103 في التصنيف الذي تم إعداده قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية المدمرة حاليًا على قطاع غزة.
لكن بعد أحداث السابع من أكتوبر، انخفضت تقييمات الحياة بشكل حاد في إسرائيل وفقا للتقرير بنسبة تصل إلى 0.9 على مقياس من 10 نقاط، وهو أمر يتماشى مع تضرر اقتصاد دولة الاحتلال من الحرب والهجرة العكسية لنحو 370 ألف إسرائيلي فروا إلى الخارج.
وتستند التصنيفات إلى متوسط ثلاث سنوات لكل مجموعة سكانية فيما يتعلق بنوعية حياتهم، ثم يحاول خبراء متعددو التخصصات من مجالات الاقتصاد وعلم النفس وعلم الاجتماع وغيرها شرح الاختلافات بين البلدان ومع مرور الوقت باستخدام عوامل مثل الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر المتوقع، والدعم المجتمعي والشعور بالحرية، وتصورات الفساد.
وقال البروفيسور جون إف هيليويل، أستاذ الاقتصاد الفخري في كلية فانكوفر للاقتصاد بجامعة كولومبيا البريطانية، إن التغطية الواسعة والدراسات المسحية السنوية لاستطلاع جالوب العالمي تمثل مصدرًا لا مثيل له للبيانات حول نوعية الحياة في جميع أنحاء العالم مع وجود بيانات تعود إلى عام 2006، تمكن من تحليل العمر وأنماط الأجيال للسعادة.
أضاف: “هناك تنوع كبير بين البلدان في السعادة النسبية بين السكان الأصغر سنا والأكبر سنا، ومن ثم فإن تصنيفات السعادة العالمية تختلف تمامًا بين الصغار والكبار، إلى حد تغير كثيرًا على مدى السنوات الاثنتي عشرة الماضية.
قال جون كليفتون، الرئيس التنفيذي لشركة جالوب، إن البيانات تعتمد على بيانات موثوقة وتصورات الناس عن الحياة، وهدفنا تزويد القادة بالمعلومات الصحيحة حول ما يقوله الناس تجاه ما يجعل الحياة جديرة بالاهتمام.
لماذا الدول الإسكندنافية؟
احتلت دول “فنلندا وايسلندا والسويد” مراتب ضمن الخمسة الأوائل في مؤشر السعادة العالمي وهي دول لها مرتبة مرتفعة أيضًا في مؤشر التقدم الاجتماعي الذي يقيس مستويات المعيشة.
يعتمد المؤشر على ثلاثة معايير هي الاحتياجات البشرية الأساسية كالرعاية الصحية والمسكن، ووفرة مؤسسات الرخاء ومن أهمها التعليم والتكنولوجيا، والفرص المرتبطة بالحقوق الشخصية وحرية الاختيار ومستويات التسامح العام، وجمع المؤشر بين المعايير الثلاثة ومنح كل بلد درجة من مائة.
تقدم فنلندا وايسلندا والسويد تعليمًا جامعيًا مجانيًا لمواطنيها، ما يمكن أن يساعد في منح الناس فرصًا أكثر مساواة في الوصول إلى فرص العمل ذات الأجر المرتفع، بحسب كلوديا بيرنهارد أوتيل، أستاذة علم النفس التنظيمي في جامعة ستوكهولم بالسويد.
تضيف أن الأبحاث أظهرت أن أسعد البلدان تقل فيها الفجوة بين الأغنى والأفقر، فالدول التي تحتل مرتبة عالية في كل من السعادة والمساواة بين الجنسين وفرت مناخ يشعر فيه الناس بأنهم قادرون على النجاح، ويتم دعمهم في مساعيهم التعليمية أو المهنية.
كما تقدم تلك الدول سياسات الإجازات مدفوعة الأجر الأكثر سخاءً للآباء في العالم، ففي النرويج، يحق للآباء الجدد الحصول على إجازة إجمالية مدتها 49 أسبوعًا بأجر كامل أو 59 أسبوعًا بأجر 80٪، منها 15 أسبوعًا مخصصة للأم، و15 أسبوعًا للأب، ويمكن تقسيم الأسابيع الـ 19 المتبقية بينهما حسب ما يرونه مناسبًا.