لا يزال قطاع عريض من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يبلغ عددهم 12 مليون مصري، عاجزين عن الاستفادة من الإعفاءات الضريبية التي أقرتها الدولة لهم الدولة؛ بسبب تجاهل المؤسسات في تنفيذها، رغم تزايد التكنولوجيا في العمل التي تتيح لذوي الإعاقة فرصا أكبر.

يزيد قانون الضريبة على الدخل مبلغ الإعفاء الشخصي بنسبة 50% لكل شخص من ذوي الإعاقة، أو لمن يرعي فعليًا شخصًا ذا إعاقة، كما لصاحب العمل الذي يوظف أشخاصاً من ذوي الإعاقة، يزيدون على نسبة 5% الحق في زيادة نسبة الإعفاء الشخصي بنسبة 5% عن كل عامل، يزيد عن النسبة المقررة لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.

يقول أشرف عبد الغني، خبير الضرائب، إن مجلس الدولة أصدر فتوى في أكتوبر 2021 بإعفاء، من يرعي معاقًا من ضريبة الدخل بنسبة 50%، لكن معظم المؤسسات لا تطبق هذه القاعدة عن جهل أو عن تجاهل، رغم أن وجود شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في العائلة، يؤثر عليها بالكامل، وبالتالي فإن المتضررين من الإعاقة يناهز عددهم 36 مليونًا.

بحسب جمعية الضرائب، فإن الإعفاءات الضريبية ضرورية لدعم ذوي الإعاقة، فـ 18% من الفئة الأشد فقرًا في مصر، هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تتركز النسبة الأكبر منهم بين الذكور 44%، وتنخفض النسبة بين الإناث إلى 17%.

وأضاف عبد الغني، إن القانون يلزم المؤسسات التي تضم 20 موظفًا، أو أكثر بتخصيص نسبة 5% لأصحاب الاحتياجات الخاصة، ونطالب بزيادة النسبة إلى 15%؛ لأنه مع التطور التكنولوجي لم يعد العمل يعتمد على القدرات البدنية، وإنما على المهارات التكنولوجية التي يتميز فيها أصحاب الهمم.

لا تزال طبيعة الأدوار التي يجب أن يؤديها أصحاب الإعاقة في المؤسسات التي يعملون بها، تثير الجدل، بالأخص فيما يتعلق بمدى أهليتهم للعمل كأمين عهدة أو في المخازن، فبعض الجهات تقول، إنها لا تتناسب مع طبيعتهم، خاصة في ظل منح القانون لهم امتيازات، فيما يتعلق بالحضور والانصراف، وجهات أخرى تطالبهم بالعمل بها.

غالبية دول العالم تمنح المعاقين إعفاء كاملا

يشير عبد الغني، إن القانون رقم 10 لسنة 2018 نص على زيادة الإعفاء من ضريبة الدخل بنسبة 50% لكل شخص من ذوي الإعاقة، ونطالب في جمعية خبراء الضرائب المصرية بزيادة النسبة إلى 75%، لا سيما أن معظم دول العالم تعفي أصحاب الهمم من ضريبة الدخل.

ويطالب خبراء الحكومة بمنح ذوي الاحتياجات الخاصة إعفاء ضريبيًا كاملاًل، أو تطبيق طرق أخرى تعتمدها الدول لدعمهم منها رواتب شهرية من الدولة وفقا لشرائح متدرجة تقاس بحسب نسبة الإعاقة.

ينص القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على التزام الدولة بضمان حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على فرص متكافئة للعمل، تتناسب مع مؤهلهم الدراسي وإعدادهم المهني، كما تلتزم بعدم إخضاعهم لأي نوع من أنواع العمل الجبري أو القسري.

كما ينص على توفير الحماية لهم في ظروف عمل عادلة بالمساواة مع الآخرين، والسعي لفتح أسواق العمل لهم في الداخل، والخارج، وتعزيز فرص العمل الخاصة بهم من خلال مباشرة العمل الحر عن طريق أنشطة التنمية الشاملة، ومشروعاتها في ضوء السياسات الاجتماعية للدولة .

ويطالب الخبراء البنك المركزي بإطلاق مبادرة؛ لتقديم قروض بشروط ميسرة لأصحاب الهمم لإقامة مشروعات صغيرة، خاصة أن هناك إعفاء لمدة 10 سنوات من ضريبة الأرباح التجارية للمشروعات الصغيرة لأصحاب الهمم.

قال عبد الغني، إن البنك المركزي تبنى في سبتمبر 2021 مبادرة؛ لتيسير حصول أصحاب الاحتياجات الخاصة على المنتجات والخدمات المصرفية، لكن معظم البنوك تتوانى عن تقديم قروض ميسرة لأصحاب الهمم، وربما كان بنك ناصر هو الوحيد الذي يقدم قروضًا بدون فوائد لأصحاب الاحتياجات الخاصة.

فئات محرومة من بطاقات الخدمات المتكاملة

يقول مسئول بوزارة المالية، إن الدولة تولي أهمية خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، عبر منحهم بطاقة الخدمات المتكاملة، وتتيح الحق لحاملها بالتعامل بها أمام جميع الجهات الحكومية، على أنه من ذوي الهمم، مع خصومات على وسائل النقل والمواصلات، والإعفاء من الضرائب في الحدود المسوح بها، والحصول على سكن حكومي مناسب، والجمع بين معاشين. والكشف المجاني في المستشفيات.

بحسب المسئول، فإن تلك البطاقات تتيح لهم الدمج في المعاهد والجامعات، والتعيين بنسبة 5% من عدد العاملين، والإعفاء الجمركي على السيارات المجهزة لأصحاب بطاقات الخدمات المتكاملة، والإعفاء الجمركي على الأجهزة التعويضية، وخصومات على اشتراكات مراكز الشباب، والسماح بدخول المناطق الأثرية والمتاحف مجانًا.

لكن تؤكد الدراسات، أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون تحديات في العثور على عمل؛ لأسباب من بينها، القوالب الفكرية النمطية، والمواقف السلبية تجاه المعاقين، والافتقار إلى المهارات المطلوبة؛ نتيجة الاستبعاد من التعليم أو التدريب المهني.

كما يعاني المعاقون أيضًا من وصمة التحيز ضد الإعاقة، فبعض أرباب العمل الذين يوظفون الأشخاص ذوي الإعاقة، قد يميلون إلى تثبيطهم عن القدوم إلى العمل، أو قد يقومون بدفع أجور غير عادلة لهم، كما يفضل بعض ذوي الإعاقة الاستفادة من راتب الضمان الاجتماعي بدلًا من العمل في القطاع الخاص، خاصة أن معظم الوظائف المتوفرة غالبًا ما تكون خارج المحافظة التي يقطنها ذوو الهمم.

وطالبت دراسة وضعها مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء مؤسسات القطاع الخاص بزيادة إسهامها المادي في دعم المشروعات والبرامج والأنشطة التي تتعلق برعاية، وتأهيل ذوي الإعاقة وتحفيزهم؛ لاستيعابهم مقابل امتيازات، مثل الإعفاءات والامتيازات الضريبية.

وقدمت النائبة منى عمر عضوة مجلس النواب، مقترحا برلمانيا بإدراج ذوي العين الواحدة ضمن حاملي بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الهمم، موضحة أن هذه الفئة كانت ضمن المدرجين للاستفادة من كارت الخدمات المتكاملة، ولكن بعد إعادة تقييم من وزارة التضامن الاجتماعي، تم استبعادهم.

بحسب النائبة، فإن تلك الفئة تم استبعادها من نسبة الـ 5% أيضًا، ما يحرمهم من حقوق ذوي الهمم، مثل توفير مزيد من فرص العمل بكافة المنشآت، وتوفير الخدمات التدريبية والتأهيلية الملائمة لهم، وحماية حقوقهم المقرّرة دستوريًا، وغير ذلك من الخدمات، وهو ما يضر بهم ولا يراعي حالتهم الصحية.