بدأ مجلس النواب مناقشات مشروع موازنة الدولة للعام المالي 2024/2025، الاثنين، بحضور الدكتور محمد معيط وزير المالية؛ تمهيدا لإقراراها قبل نهاية العام المالي الحالي في يونيو المقبل، وسط استمرار التساؤلات حول مدى تناسب الزيادات مع الاحتياجات الملحة؛ لتطوير الخدمات الصحية والتعليمية.
قبل النقاش حول المخصصات الجديدة في مجلس النواب، أعلنت وزارة المالية رفع مخصصات القطاع الصحي إلى ٤٩٥,٦ مليار جنيه في العام المالي الجديد 2024/ 2025 مقارنة بـ ٣٩٦,٩ مليار جنيه في العام المالي الحالي 2023/ 2024 بمعدل نمو سنوي ٢٤,٩ ٪.
وفقًا للوزارة، تم رفع مخصصات قطاع التعليم إلى ٨٥٨,٣ مليار جنيه، مقارنة بـ ٥٩١ مليار جنيه خلال الفترة المقارنة بمعدل نمو سنوي ٤٥ ٪، وزيادة مخصصات البحث العلمي لأكثر من ١٣٩,٥ مليار جنيه، مقارنة بـ ٩٩,٦ مليار جنيه بمعدل نمو سنوي ٤٠,١ ٪.
حقوقي: أرقام جيدة لكن مبهمة
يقول محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الصحة، إن الأرقام التي أعلن عنها وزير المالية جيدة، لكنها “مبهمة”، ولم تحدد كيفية إنفاق الزيادة، ومدى مراعاتها للاحتياجات المستقبلية، خاصة أن مصر يولد لها سنويًا 1.6 مليون طفل، فهل تم حساب ذلك العدد؟
يشمل قطاع الصحة في الموازنة الجهات التالية: ديوان وزارة الصحة ومديريات الشئون الصحية بالمحافظات والمستشفيات العامة والمستشفيات الجامعية، والمراكز الطبية المتخصصة والهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية ومعهد بحوث أمراض العيون وصندوق مكافحة، وعلاج الإدمان والتعاطي وهيئة الإسعاف المصرية والهيئة العاملة للاعتماد، والرقابة الصحية وهيئة الدواء المصرية.
أما قطاع التعليم في الموازنة فيشمل الجهات التالية: وزارة التربية والتعليم، ومديريات التربية والتعليم بالمحافظات، ووزارة التعليم الحالي، والجامعات، والأكاديمية المهنية للمعلمين، والمركز القومي للبحوث التربوية والتنموية، والمركز القومي للامتحانات، والهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، والهيئة العامة للأبنية التعليمية، وصندوق تطوير التعليم.
وقال فؤاد، إن الاستثمار في الصحة والتعليم هو المستقبل، لكننا في حاجة لأرقام من وزارة المالية أكثر تحديدًا، فالحد الأدنى من الخدمات الصحية يتطلب، ألا تقل موازنة وزارة الصحة عن 3 % من الناتج المحلي، بما يراعي تحسين رواتب التمريض والأطباء، بما يمنع هروبهم من المستشفيات الحكومية أو نزوحهم إلى الخارج، وكذلك تلبية الاحتياجات الملحة؛ فالعثور على سرير رعاية مركزة، قد يحتاج ما بين 60 لـ 80 ساعة، بحسب تقرير تم رفعه لوزير الصحة أخيرًا.
تعهدات حكومية بالزيادة
يقول الدكتور محمد معيط، وزير المالية، إن الوزارة مستمرة في العمل على تخصيص المزيد من الموارد للإنفاق على الصحة، والتعليم خلال تنفيذ الموازنات المقبلة؛ لتطوير كل عناصر المنظومتين الصحية والتعليمية، وتوفير كل متطلبات استدامة تطور المنظومة الصحية؛ بما يضمن توفير خدمات صحية ذات جودة.
يقضي الدستور المصري الصادر عام 2014 في المواد 18، و19، و20 و21 بإلزام الحكومة بإنفاق ما لا يقل عن 3 % للصحة، و4 % للتعليم قبل الجامعي (المدرسي)، و2 % للجامعي، و1 % للبحث العلمي، ويفترض أن تحسب كل النسب من إجمالي الدخل القومي/ الناتج المحلي.
يشدد فؤاد، على أن الالتزام بالنسبة الدستورية ضروري؛ فالوزارة اضطرت أخيرًا؛ لاستئجار أسرة رعاية في مستشفيات خاصة؛ من أجل مواجهة نقصها، كما تم زيادة تكلفة جلسات الغسيل الكلوي، فيما لا يجاوز العلاج على نفقة الدولة لبعض الحالات 3 آلاف جنيه، وهو مبلغ محدود، خاصة أن 35 % من المواطنين، ليس لديهم تأمين صحي.
ويلفت إلى أن هناك جوانب جيدة جدا في القطاع الصحي بمصر منها البنية الإنشائية، خاصة مسشتفيات التأمين الصحي الجديدة، بجانب المبادرات الرئاسية التي وصلت حاليا لـ 75% من المصريين بداية من فيروس سي، ونهاية بالكشف المبكر على الأورام التي شملت 4 ملايين سيدة، لكن بعضها واجه تحديات فيما يتعلق بسعر الصرف مثل: قوائم الانتظار، خاصة أن مكونات الرعاية الصحية مستوردة من الخارج.
مهتمون بهذا الشأن يقولون، إن الوزارة لم تحقق نسب الاستيفاء الدستورية فعليًا للسنوات الماضية، مثل الدكتورة مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب، التي أكدت أن النسب الدستورية التي كانت مقررة منذ 2014، لم يتم تحقيقها حتى الآن أي منذ عشر سنوات، منتقدة إضافة خدمة الدين في بنود وزاراتي الصحة والتعليم.
في الميزانية الحالية 2023/ 2024 على سبيل المثال، تتضمن مصروفات الصحة: 73.8 مليار جنيه للأجور، و527.1 مليون جنيه لفوائد الديون، و33.1 مليار جيه للشراء السلع والخدمات، وسداد قروض بقيمة 274.1 مليون جنيه، وتبلغ حصة ديوان الوزارة من إجمالي المخصصات 1.3 مليار جنيه أجور، و8.5 مليارات جنيه شراء سلع وخدمات.
الأمر ذاته ينطبق على التعليم، التي تتضمن “أجور وتعويضات عاملين” بقيمة 6.4 مليارات جنيه، وشراء سلع وخدمات بقيمة 7.1 مليارات جنيه، و103 ملايين جنيه للإيجار، وتضمنت مصروفات ديوان عام الوزارة 1.8 مليار جنيه أجور، و6 مليارات جنيه شراء سلع وخدمات.
فيما يقول معيط، إن الوزارة ستعمل على التوسع في مبادرات «الرعاية الصحية»، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات، وزيادة الدعم الموجه لبرامج التأمين الصحي، ومد مظلة التأمين الصحي الشامل بالمحافظات؛ باعتباره أداة رئيسية؛ لتوفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة لكل أفراد الأسرة المصرية.
النجار: متدنية وتذهب للإدرة
تطرق الدكتور أحمد السيد النجار، الخبير الاقتصادي، للنقطة ذاتها في مشروع موازنة العام الحالي وقت إعدادها، وقال إنها تضمنت تخصيص نحو 230 مليار جنيه؛ للإنفاق العام على التعليم الجامعي وقبل الجامعي، بما يعادل 1,9 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهي واحدة من أدنى نسب الإنفاق على التعليم في تاريخ مصر الحديث، بحسب قوله.
أضاف النجار، أن مخصصات الإنفاق على التعليم والبحث العلمي في موازنة عام 2023/ 2024، تقل عن 32 % من النسبة التي يفرضها الدستور على الحكومة، التي أضافت حصة قطاع التعليم من سداد القروض القديمة وفوائدها؛ فأصبح الإنفاق العام على التعليم الجامعي وقبل الجامعي نحو 592 مليار جنيه، وحتى هذا الرقم يعادل 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وليس 6 % كما ينص الدستور.
أما الإنفاق على البحث العلمي؛ فبلغ نحو 100 مليار جنيه، تعادل 0,9 % من الناتج المحلي الإجمالي، بما جعله قريبا من النسبة التي حددها الدستور بـ 1%، لكن غالبيته الساحقة تذهب للإنفاق على الهيكل الإداري، والأجور وليس على العلماء وتمويل الأبحاث.
ووفقا لبيان أخير لوزارة المالية، فإن الموازنة الحالية تضمنت زيادة الأجور للأطباء والتمريض والمعلمين، وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، بعد تخصيص ٨,١ مليارات جنيه، لإقرار زيادة إضافية في أجور المعلمين بالتعليم قبل الجامعي، تتراوح بين ٣٢٥ جنيهًا إلى ٤٧٥ جنيهًا، و١,٦ مليار جنيه، لإقرار زيادة إضافية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمعاهد والمراكز البحثية، و٤,٥ مليارات جنيه، لإقرار زيادة إضافية لأعضاء المهن الطبية وهيئات التمريض، تتراوح من ٢٥٠ إلى ٣٠٠ جنيه في بدل المخاطر للمهن الطبية، وزيادة تصل إلى ١٠٠ ٪ في بدل السهر والمبيت.