قال محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، إن المركز يرفض مشروع قانون تطوير المنشآت الصحية الذي أحالته الحكومة إلى مجلس النواب شكلا وموضوعًا، وقدم مذكرة بالتعاون مع 50 جمعية حقوقية، تطالب الدولة بإعادته لوزارة الصحة؛ لإجراء حوار مجتمعي بشأنه للوصول لحلول وسط قبل إقراره.

ينص مشروع القانون على جواز منح المستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين، إنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية، أو لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية القائمة، وذلك وفقًا لإحدى الطرق المبينة بقانون تنظيم التعاقدات التي تُبرمها الجهات العامة الصادر بالقانون رقم 182 لسنة 2018، بحسب طبيعة كل مشروع.

محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء
محمود فؤاد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء

وأضاف فؤاد، في حوار مع “مصر 360″، أن مشروع القانون “هرَس” المادة الـ 18 من الدستور التي تنص، على أن “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب، ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل”.

وأوضح أن القانون الجديد فتح الباب، دون ضوابط أو مواربة للقطاع الخاص، سواء أكان محليًا أم أجنبيًا أو فردًا أو مؤسسة لإدارة، وتشغيل مستشفيات وزارة الصحة ووحدات الرعاية الصحية في القرى والنجوع؛ بدعوى توفير خدمة طبية جيدة، وهو أمر يفتح الباب أمام التساؤلات، خاصة أن القانون جاء بعد سلسلة قرارات، تجعل الصحة حق لمن يستطيع الدفع.

وتضمنت الشروط والقواعد التي تضمنها مشروع القانون، الحفاظ على المنشآت الصحية، وما تشتمل عليه من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة لتشغيلها، والالتزام في تقديم الخدمات الصحية بأحكام القوانين، والقرارات المطبقة على المنشآت الصحية، وكذا المُنظمة؛ لتقديم الخدمات المكملة الموجودة بها، وأن يتوافر في الملتزم الخبرات اللازمة لتشغيل المنشأة الصحية.

كما نصت على عدم التنازل عن الالتزام للغير، دون الحصول على إذن من مجلس الوزراء، وألا تقل مدة الالتزام عن 3 أعوام، ولا تزيد على 15 عاماً، مع أيلولة جميع المنشآت الصحية بما فيها من تجهيزات وأجهزة طبية لازمة؛ لتشغيلها إلى الدولة في نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة.

وأشار فؤاد، إلى أن وزارة الصحة لا يجب أن تتخلى عن دورها في تقديم الخدمة الصحية بأسعار مخفضة لمحدودي الدخل، مشيرًا إلى صدور قرارات مثيرة للجدل من وزارة الصحة برفع تذكرة المستشفيات إلى 10 جنيهات، على أن تزيد أكثر من مرة في العام الواحد، وصرف دواء واحد فقط من المستشفيات لكل مريض، رغم أنه يعتبر المالك للمستشفى، على اعتبار أن تمويها من الضرائب التي يدفعها، وتساءل: “لماذا أتوجه للمستشفى، ما دمت لن أحصل على دواء؟”.

وأضاف أن من بين القرارات أيضًا إلغاء وجبات الأطباء العاملين بنظام 36 ساعة، ما يعطل سير العمل، وتلقي المرضى الخدمة، حال خروج الكادر الطبي؛ لتناول الوجبات خارج المستشفى، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت أكثر من 44 استجوابا، بمجلس النواب لزيادة العلاج على نفقة الدولة.

يتعارض مع مشروع التأمين الصحي

أشار إلى أن القانون الجديد يتعارض مع مشروع التأمين الصحي الشامل الذي كان حلمًا طال انتظاره، ويمثل أفضل قانون ـــ صحي اجتماعي في الخمسين عامًا الأخيرة، في ظل افتقار 61% من المصريين للتأمين الصحي بنظاميه الجديد أو القديم.

وقال إن الرجوع لقانون الإلزام، أي منح المستشفى لإدارة مستثمر لمدة، تتراوح بين 5 و15 عامًاـ مع إلزامها بسعر لتقديم الخدمة الصحية غير منطقي، فهل يقبل مستثمر على تقديم الخدمة الصحية بمقابل 10 جنيهات فقط؟.. وكيف يحقق الربح حينها؟.

وشدد على أن المستثمر هدفه الربح فقط من التواجد بمصر التي تمثل أكبر إنفاق على الصحة في الشرق الأوسط بمبالغ، وصلت إلى 150 مليار جنيه في 2023، لافتًا إلى أن إحدى المستشفيات الخليجية التي اشترت العديد من المستشفيات العاملة بالسوق المصرية، حققت العام الماضي 365 مليون جنيه أرباح.

تغول الخاص

وحذر مما أسماه بـ “تغول القطاع الخاص” على القطاع الحكومي، لافتًا إلى اعتراض المنظمات الحقوقية على مواد مبهمة بالقانون مثل “الحفاظ على حقوق المرضى والأطباء” إذ لم تحدد كيفية التعامل مع العمالة، خاصة في ظل هجرة 45 ألف طبيب مصري للخارج في آخر 5 سنوات، كما لم تحدد طبيعة التعامل معهم حال رغبة المستثمر في إنهاء التعاقد مع الحكومة.

ورفض فؤاد استقدام الأجانب للعمل في الكادر الصحي بالمستشفيات، خاصة في ظل وجود عدد كبير من اللاجئين بمصر، مضيفا أن بعض المقيمين العرب يعملون بالفعل في صيدليات على سبيل المثال، برواتب متدنية في ظل عدم وجود فرص عمل لهمن ما يؤثر على فرض العمالة المحلية.

وينص مشروع القانون على “تحديد نسبة الأطباء وأفراد هيئة التمريض والفنيين الأجانب العاملين بالمنشأة الصحية محل الالتزام بقرار من الوزير المختص بالاتفاق مع الوزير المختص بشؤون العمل، وبعد أخذ رأي الجهات المعنية، على أن يصدر لكل منهم ترخيص مؤقت؛ لمزاولة المهنة داخل المنشأة فحسب وفقا للشروط والضوابط التي يصدر بها قرار من الوزير، وعلى النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية”.

وأكد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، أن إدخال وحدات الرعاية الصحية للقانون “أمر مستغرب”، فهي وحدات تم تأسيسها في الستينيات؛ بهدف تقديم خدمة طبية للمواطنين في القرى في الحالات الطارئة مع بعد المستشفيات عن القرى، وتعمل حاليا بوحدة رصد من الدرجة الأولى، أي رصد الأمراض المعدية، وتقديم ألبان الأطفال، وتقديم بياناتها للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ما يعطي المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار.

وتابع: لا أحد ضد الاستثمار أو ضد الرعاية الصحية، والمواد المثيرة للجدل في القانون الجديد، رحبنا بها في التأمين الصحي الشامل لاختلاف الهدف، فالتأمين الصحي الشامل، يقوم على الشراكة مع القطاع الخاص في تقديم الخدمة بأسعار واضحة، وليس منح البيع والتملك للقطاع الخاص لفترة زمنية.

ويغطي نظام التأمين الصحي الشامل خدمات صحية أولية، وخدمات علاجية تشخيصية وحالات الطوارئ، وتتحمل الدولة علاج واشتراكات غير القادرين، وتعفيهم من المساهمات في العلاج، على أن تكون نسبة مساهمة المواطن في تكلفة العمليات 5% بحد أقصى 300 جنيه فقط، مهما بلغت تكلفة العملية الجراحية، ونسبة مساهمة المواطن في ثمن الأشعة والتحاليل 10% بحد اقصى 750 جنيها، في المرة الواحدة، ونسبة مساهمة المواطن في ثمن الأدوية 10% بحد أقصى 1000 جنيه في المرة الواحدة.

كما يعفى أيضًا أصحاب الأمراض المُزمنة والأورام من نسبة المساهمة في العلاج، ويستفيد المواطنون بنظم التأمين الصحي المتاحة بالدولة، إلى أن يتم تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل بمحافظاتهم.

توقيت غير مناسب

وأكد فؤاد، أن الوقت الحالي غير مناسب لطرح قانون إدارة المنشآت الصحية في ظل معدلات التضخم، وارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تدفع المصريين؛ لتقليل إنفاقهم الصحي، فإنفاق المصريين على الصحة، لم يتجاوز 10% خلال العام الماضي، وفي الشهور الثلاثة الأخيرة من العام ذاته، تراجعت تلك النسبة إلى 5% فقط.