أثار قانون رعاية حقوق المسنين جدلاً كبيرًا، بعد نشره في الجريدة الرسمية الثلاثاء،  فرغم المزايا الكبيرة التي يتضمنها لصالح كبار السن، فيما يتعلق بالرعاية الصحية والاجتماعية ومواجهة عقوق الأبناء، إلا أنه تضمن في الوقت ذاته زيادة في رسوم بعض الخدمات الجماهيرية لصالح تمويل إنشاء صندوق رعاية المسنين. وهو الجانب الذي يثير العديد من التساؤلات.

بحسب القانون، والذي تصدر لائحته التنفيذية خلال 6 أشهرـ يتم تأسيس صندوق له الشخصية الاعتبارية بالقاهرة، يتبع الوزير المختص، وله مدير تنفيذي، ويجوز لمجلس إدارته إنشاء فروع أخرى له في المحافظات، على أن يكون تمويله عبر فرض رسوم جديدة على 19 خدمة، تؤديها الدولة بقيمة 5 جنيهات، بجانب الهبات والمنح.

كيف يتم تمويل صندوق رعاية المسنين؟

من المزمع أن تكون موارد الصندوق عبر رسوم خدمات: رخصة السلاح، والتذاكر المباعة الخاصة بحضور المباريات الرياضية، والمسرح والسينما، وتذاكر الحفلات، والمهرجانات الغنائية بجميع أنواعها، ويستثنى من ذلك الحفلات والمهرجانات التابعة لوزارة الثقافة أو التي تقيمها، وطلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية.

تضمنت الرسوم الجديدة أيضًا: طلبات اشتراكات النوادي، والاشتراكات في النوادي الرياضية، وتجديد العضوية السنوية فيها، وتصاريح العمل للمصريين المستخرجة طبقًا لأحكام القانون رقم 173 لسنة 1958، باشتراط الحصول على إذن قبل العمل بالهيئات الأجنبية، وكراسات الشروط والمواصفات للمناقصات والمزايدات التي تبرمها الجهات العامة، وعقود المقاولات والتوريدات التي تبرمها الجهات العامة، ورسوم تراخيص البناء، وإنشاء المباني، وطلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي أو الوحدات التي تتيحها الدولة بالمدن العمرانية الجديدة.

تشمل الرسوم كذلك: طلب قيد مؤسسات العمل الأهلي، وطلب الترخيص أو تجديد ترخيص عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية، ورسم ترخيص جميع الدور والمؤسسات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، والقيد في السجل التجاري، والقيد في النقابات العمالية والمهنية، ورسوم الشهر والتوثيق المقررة بموجب القانون رقم 70 لسنة 1964، بشأن رسوم التوثيق والشهر، وشهادة إيداع مصنفات الملكية الفكرية، ورسم القيد في سجل المصدرين أو تجديده أو تعديله، ورسوم فحص الصادرات.

يسمح القانون للصندوق بتلقي التبرعات والمنح والهبات التي تحقق أغراضه، والقروض التي تعقد لصالحه والغرامات التي تقضي بها أحكام القانون، والمساهمات التي قد تخصصها الموازنة العامة للدولة، بجانب إدارة أمواله على أسس اقتصادية واستثمارية، تحفظ له الاستدامة والتوازن المالي، بحسب أحكام القانون، على أن يخضع لرقابة وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات، وكذلك تٌعفى أمواله من جميع الضرائب والرسوم.

 الغرامات.. مورد مهم في الصندوق

يتضمن القانون عقوبات مالية وجنائية في جميع الحالات باستثناء حالة واحدة، تتعلق بالإهمال الذي يفضي لجرح المسن أو وفاته، فمادته الـ 44 تنص على معاقبة كل من عرض مسنًا لحالات الخطر بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة تتراوح بين 5 و50 ألف جنيه، أما المادة 45؛ فتنص على عقوبة بالسجن المشدد أو السجن وغرامة بين ألفي جنيه و10 آلاف جنيه لكل من زور بطاقة المسن الأولى بالرعاية، أو استعملها مع علمه بالتزوير.

وتنص العقوبات على حبس سنة وغرامة، لا تقل عن ألف جنيه، ولا تزيد عن 10 آلاف لكل شخص مكلف برعاية المسن، أهمل في القيام بواجبه مع زيادة العقوبة للحبس سنتين، وغرامة تتراوح بين ألفي جنيه و20 ألف جنيه لكل مكلف، امتنع عن القيام بواجبات الرعاية أو استغل المسن، وإذا ترتب على ذلك الإهمال جرح أو إيذاء المسن، تكون العقوبة الحبس، وإذ نشأ عنها عاهة أو وفاة المُسن، تكون العقوبة الحبس ما بين 3 و5 سنوات.

تضمنت الغرامات عقوبة ما بين 100 و500 ألف جنيه، لكل من أنشأ مؤسسات اجتماعية لرعاية المسن، أو تقديم خدمات ثقافية وترفيهية ودينية ورياضية لهم، دون الحصول على ترخيص، ومنح سلطة ذلك الترخيص من الوزارة المختصة أو مديرياتها بعد سداد رسم، لا يتجاوز 100 ألف جنيه، يتم تحصيله بطرق السداد غير النقدي.

مواجهة عقوق الأبناء

يفرض القانون على الأسر التزامات واضحة، فيما يتعلق برعاية المسن والمحافظة عليه والإشراف على شؤون حياته، وذلك وفقا لترتيب واضح، يتضمن الأولاد، ثم الأحفاد، ثم الإخوة، وإذا تعدد أفراد الفئة؛ اختاروا من بينهم، من يتولى رعاية المسن، أما إذا لم يتم الاتفاق بينهم، ولم يتقدم أحد من أقارب المسن لرعايته، ترفع الوزارة المختصة الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة المختصة؛ ليصدر أمراً على عريضة بتكليف، من يتولى من الأقارب المشار إليهم أو من غيرهم رعاية المسن، أو تقرير إقامته في إحدى دور الرعاية الاجتماعية، بحسب كل حالة وظروفها الخاصة.

بحسب القانون، فإن الرعاية تكون من أموال المسن، فإذا كانت أمواله لا تكفي، تحملها الأولاد ثم أولاد الأولاد ثم الإخوة وفقا للاتفاق الذي يعقد بينهم، ويحدد نصيب كل منهم فيها، فإذا لم يتفقوا؛ ترفع الوزارة المختصة الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة المختصة؛ ليصدر أمرا على عريضة بتقدير قيمة هذه التكاليف، ومن يلزم بها.

تساؤلات عن دور الدولة

وكما تثير المواد المتعلقة بتمويل صندوق الرعاية التساؤلات، كذلك يثير دور وزارة المالية تساؤلات من قبل الكثيرين حول الدور، الذي يجب أن تقوم به موازنة الدولة في رعاية المسن، باعتبار أن الصندوق ممول من المواطنين في المقام الأول، دون دور واضح للخزانة العامة، خاصة مع استخدام عبارة “المساهمات التي قد توفرها الخزانة العامة” في موارد الصندوق، و”قد” تعني “الاحتمالية” أو عدم وجود إلزام لوزارة المالية بهذا الصدد.

ونص القانون على التزم الوزارة المختصة بتوصيل خدمة المعاش الخاص للمسن، أو المساعدة المستحقة للمسن الأولى بالرعاية لمحل مسكنة، مقابل رسم قدره نصف في المئة فقط من قيمة المعاش أو المساعدة، ما لا يتجاوز 100 جنيه، على أن تحدد اللائحة التنفيذية فئات ذلك الرسم، ويتم تحصيل الرسم بوسائل الدفع غير النقدي.

وقال مسئول بوزارة المالية، لـ “مصر 360″، إن الحكومة خصصت 5 مليارات جنيه لصندوق رعاية كبار السن، كما تم إدراج حقوقهم واحتياجاتهم في برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة، كما تستفيد فئات كبيرة من كبار السن من البرامج الاجتماعية، التي سبق أقرتها الحكومة وفي مقدمتها “برنامج كرامة”، الذي يستفيد منه 700 ألف من كبار السن بإجمالي 4 مليارات و700 مليون جنيه.

أضاف أن الحكومة تقدم إعفاءً للمسنين فوق سن 70 عاما، من مصروفات المواصلات العامة، بما يشمل السكك الحديدية ومترو الأنفاق، وإعفاء من بلغوا 65 عاما، من مصروفات المواصلات العامة بنسبة 50%، وتتحمل الوزارة سداد التكاليف عوضا عنهم، إضافة إلى ما يتم تقديمه من خدمات للكبار بلا مأوى، وبطاقات تموين وتأمين صحي.

ويوضح النائب أحمد فتحي، وكيل أول لجنة التضامن بمجلس النواب، أن من بين بنود القانون، أن المسن الأولى بالرعاية له الحق في الحصول على مساعدة ضمانية شهرية في حالة عدم حصوله على معاش تأميني، وتوفير خدمة توصيل المعاش الخاص بالمسن أو المساعدة المستحقة بحسب الأحوال إلى محل إقامته مقابل رسم رمزي، ولا يجوز قبول المسنين بدور الرعاية أو إبقائهم بها دون رضاهم.

بحسب النائب، يُعفى المسن الأولى بالرعاية الذي ليس لديه مكلف برعايته، من تحمل تكاليف الإقامة والإعاشة في مؤسسات الرعاية الاجتماعية لرعاية المسن، وتلتزم جميع المواقع الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية بتسويق الصورة الإيجابية للمسن، وتسليط الضوء على مساهماتهم الإيجابية، وتوفير الرعاية الوقائية والعلاجية الجيدة وفقًا لقوانين وقواعد التأمين الصحي.

كما يتضمن تيسير تعاملات المسنين مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، على أن يكون هناك نافذة، تُخصص لحصولهم على الخدمات، دون مزاحمة مع غيرهم، ومنح المسن إعفاءً جزئيًا من رسوم الاشتراك في الهيئات الرياضية، ومراكز الثقافة والمسارح وبعض المتاحف والمواقع الأثرية المملوكة للدولة.