مع استقرار سعر صرف الدولار، تزايدت المخاوف بالسَوق العقارية، حاليًا، من إمكانية حدوث فقاعة، خاصة مع شراء قطاع عريض، العقار لأغراض استثمارية، وليس لأغراض السكن، وارتفاع مستويات الأسعار لمستويات مبالغ فيها، وصلت لـ 200 ألف جنيه للمتر ببعض الأماكن.

يأتي ذلك رغم تأكيد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن مصر غير معرضة لحدوث فقاعة عقارية، مثلما حدث في بعض الدول، قائلاً إن هناك دورة لقطاع العقارات، من حيث الارتفاع والتباطؤ مثل أي قطاع استثماري، ولكن في مصر لم نشهد هبوطًا لقيمة العقار.

يشدد مدبولي، على أن أسعار العقار بمصر مستقرة، ولن تشهد هبوطا حادا مثل بعض الدول، لأن الطلب على العقار بالسوق المحلية، ما زال كبيرًا ومستدامًا في ضوء الزيادة السكانية الكبيرة.

سجلت مصر معدلا للنمو السكاني بنسبة 1.4% في 2023، بما يعادل نحو مليوني مولود جديد منخفضاً بمقدار 15%، مقارنة بعام 2018، و7% مقارنة بـ2022، وفق آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

مآلها الانفجار

على مدار الأسابيع القليلة الماضية، يواصل هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، تحذيراته من إمكانية حدوث فقاعة بالسوق، فعندما يبتعد “السعر” عن “القيمة” تحدث فقاعة مآلها الانفجار.

تحدث الفقاعة العقارية حين وقوع أزمة اقتصادية، تجعل العملاء غير قادرين على سداد ثمن الوحدة الممولة من البنوك، فتضطر الأخيرة لاستردادها، وبيعها بسعر أقل، مثلما حدث بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008، المعروفة بأزمة “الرهن العقاري”.

لكن ما يقصده توفيق هو حدوث ارتفاع غير مبرر في أسعار العقارات، يتبعه انخفاضا ملحوظا وكبيرا، ويرتبط بمشكلة، تعاني منها بعض الشركات العقارية التي بالغت في تقدير سعر صرف الدولار في مشروعاتها إبان أزمة السوق السوداء، ولا تستطيع حاليًا تخفيض الأسعار لتتماشي مع استقرار الدولار بالسوق الرسمية، حتى لا يتعرض هؤلاء العملاء لخسائر.

يضيف توفيق، أنه عندما تشترى الأغلبية العقار ليس للسكن، وإنما بغرض إعادة البيع بربح سريع عند طرح المراحل التالية الأعلى سعرًا، فهي كرة ثلج مصيرها كمصير الفقاعة، على حد تعبيره.

استحالة

في المقابل، يرى كبار المطورين، أن الطلب على العقار سيظل موجودا بقوة في ظل ارتفاع عدد الزيجات السنوية مصر، لما يزيد على نصف مليون زيجة، مضيفين أن الأسعار ارتفعت بسبب؛ أعباء قيمة الأرض وأقساطها، والتي تمثل 45% من إجمالي تكاليف المشروع.

بحسب المطورين، فإن البنوك لا تعمل كضامن للوحدة في السوق المحلية مثل الخارج، ولا تقرض الوحدات قيد الإنشاء، ولكن الوحدات مكتملة التشطيب ومسجلة بالشهر العقاري، وبالتالي حال تعثر العميل، فإن المطور العقاري هو الذي يسترد الوحدة، بعد أن يدفع للبنك مستحقاته، ولا يقوم ذلك المطور ببيع تلك الوحدات، بل يحتفظ بها لإعادة بيعها بسعر أعلى أو ما يعرف بـ “ريسيل”.

ونصت تعليمات البنك المركزي الصادرة في شهر فبراير 2020، على عدم تجاوز القروض التي يمنحها البنك للتمويل العقاري وفق قانون التمويل العقاري، ما يعادل 10% من إجمالي محفظة القروض للبنك باستثناء بنكي “العقاري المصري”، و”التعمير والإسكان”، أي أن نسبة القروض العقارية لا تمثل سوى رقم محدود من إجمالي محفظة القروض.

المهندس داكر عبد اللاه، عضو لجنة التطوير العقاري والمقاولات بجمعية رجال الأعمال المصريين، من أنصار استحالة حدوث فقاعة عقارية بمصر، مشيرا إلى ارتفاع معدلات الطلب مقابل عدد الوحدات التي يتم إنشاؤها سنويا للضعف.

بحسب البيانات الرسمية، بلغ عدد الوحدات السكنية المنفذة خلال عام 2022/2023 239.9 ألف وحدة، مقابل حجم طلب يناهز ضعف عدد الوحدات المنفذة، خاصة في المدن العمرانية الجديدة.

العودة للمعدلات الطبيعية

يضيف عبد اللاه، أن استقرار سعر الدولار أعاد الطلب بسوق العقارات لنسبته الطبيعية بعد الارتفاع الكبير بنهاية الربع الأخير من 2023، وحتى فبراير 2024 بدافع حفظ الأموال في العقارات و الاستثمار في العقار بعيدا عن تذبذب الدولار، فالعقار ملاذ آمن من التضخم، فالحد الأدنى لسعر العقار يزيد بقيمة 10% بشكل سنوي.

تسبب ارتفاع الدولار في السوق السوداء في زيادة الطلب على الدولار، والذهب كوسيلة لحفظ قيمة المدخرات من التآكل خلال الربع الأخير من ً2023، وحتى نهاية الربع الأول من 2024، وهي الفترة التي شهدت انتعاشًا للدولار بالسوق السوداء، وارتفاع مستوى التضخم.

وسجل المعدل السنوي للتضخم العام 33.3% في مارس 2024، مقابل 35.7 % في فبراير السابق عليه، بينما بلغ الدولار في تعاملات السوق السوداء، حينها مستوى غير مسبوق عند 62 جنيهًا.

وقالت مؤسسة «ذا بورد كونسالتينج» المتخصصة في تحليل أداء السوق العقارية، إن قطاع العقارات المصري سجل خلال الربع الأول من العام الجارى حركة مبيعات غير مسبوقة مسجلا قفزة بالمبيعات بنسبة 217%، مقارنة بنفس الربع العام الماضي 2023.

وشهد الربع الأول مبيعات بقيمة 235 مليار جنيه لأكبر عشر شركات بالسوق المصرية، بإجمالي عدد وحدات 18300 وحدة، بنمو نسبته 217%ن مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي 2023.

وأوضح عبد اللاه، أن زيادة مبيعات العقارات في فترة ما قبل استقرار الدولار أدى إلى تباطؤ مبيعات العقارات، لكن المبيعات حاليًا تواصل الصعود ومعدلاتها طبيعية.

وتقوم بعض الشركات حاليًا بتنشيط المبيعات عبر طرح عروض ترويجية وزيادة فترات السداد، وخصومات قياسية على السداد الفوري بنسب وصلت إلى 50%، بالإضافة إلى تقليص قيمة وديعة الصيانة للوحدات العقارية.