نظم مركز التنمية والدعم والإعلام “دام” مع منصة “مصر 360″، ندوة بالتعاون مع مجموعة “محاميّ الطوارئ” السودانية حول “تحديات ومآلات تمديد ولاية البعثة الدولية المستقلة في السودان”.

 البعثة تشكلت بموجب قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ 54 في أكتوبر 2023، وذلك للتحقيق في ملابسات ارتكاب طرفي الحرب في السودان انتهاكات للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان.

جانب من الحضور

مجموعة محامو الطوارئــ وهي تحالف من المحامين السودانيين تشكل في العام 2018، إبان الحراك السياسي للدفاع عن المعتقلين وتقديم المساعدة القانونيةــ أطلقت في 3 سبتمبر الجاري حملة وطنية، تضم 64 تكتلا نقابيا ومهنيا ونسويا وسياسيا، وسميت بالحملة الوطنية لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق.

 تهدف الحملة إلى حث المجتمع الدولي والإقليمي؛ لتمديد ولاية البعثة الدولية المستقلة، والتي أنهت تكليفها السبت الماضي، بنشر تقريرها الذي تضمن ارتكاب قوات الجيش والدعم السريع لانتهاكات، قد ترقى لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية وحرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية، كما تضمن التقرير توصية بإدخال قوة دولية لحماية المدنيين.

نشرت الحملة الوطنية خلال اليومين السابقين بيانا مشتركا، ورسائل لمجلس حقوق الإنسان وخطابات لمبعوثي الدول الـ 47 الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، دعت فيه المجتمع الدولي للنظر بعين الاعتبار للانتهاكات المستمرة في السودان، وحجم الكارثة والدواعي التي تؤيد قرار تمديد ولاية البعثة.

مركز التنمية والدعم والإعلام “دام” وفي إطار اهتمام خاص بالملف السوداني، استضاف مع منصة “مصر 360”- مجموعة محاميّ الطوارئ وحقوقيين وصحفيين سودانيين في ندوة، ناقشت تداعيات الحدث الأبرز في الساحة السودانية الآن.

شارك في الفعالية محمد صلاح بناوي، المحامي السوداني والناشط الحقوقي، وإقبال أحمد، عضو المكتب التنفيذي لمجموعة محاميّ الطوارئ، والمعز حضرة المحامي والناشط السياسي.

دور الحقوقيين

بداية تحدث بناوي حول الحملة الوطنية، وأهمية العمل لوقف الانتهاكات التي أنهت حياة الآلاف من السودانيين، والدور الكبير الذي قام به الحقوقيون السودانيون في المطالبة بتشكيل بعثة دولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة من قبل طرفي الحرب، وتوجت هذه الجهود بتشكيل البعثة المستقلة الدولية في أكتوبر من العام الماضي، بهدف الإبلاغ عن الانتهاكات وتقديم المعلومات والأدلة؛ كتمهيد لإنهاء أزمة الإفلات من العقاب التي لازمت السودان.

البعثة الدولية

المعز حضرة، أجاب عن تساؤل حول خلفية الصراع العسكري في السودان قائلا، إن الصراع بدأ بعد سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 2019، وظهر جليا في حادثة فض الاعتصام في 11 إبريل 2019، وتبعته إثارة نزاعات في دارفور وجنوب كردفان، ألقت بظلالها على مجريات الأمور في السودان. واتهم “حضرة” حزب المؤتمر الوطني بإشعال فتيل النزاعات والحروب بحكم سيطرته على مفاصل الدولة، وخاصة الأجهزة العدلية والقضائية.

المعز حضرة

 وأضاف أن تشكيل البعثة الدولية لتقصي الحقائق هي مجهود لحقوقيين وطنيين، وقارن بين بعثة تقصي الحقائق ولجنة التحقيق السابقة برئاسة القاضي أنطونيو كاسيسي، في دارفور والتي قابلت الضحايا على عكس البعثة، وجمعت شهادات من الأطراف المعنية.

وعلق (حضرة) على تقرير بعثة تقصي الحقائق الصادر الجمعة الماضي، بأنه حقيقي وواقعي، وخاصة التوصية المرتبطة بتوسيع ولاية لجنة التحقيق في دارفور؛ لتشمل كافة أنحاء السودان، وذلك لأنها تساهم بشكل أكبر في منع الإفلات من العقاب بحكم، أنها توجه إدانات صريحة، مشيرا إلى أنه كان يجب الدعوة لتكوين لجنة تحقيق؛ للحفاظ على الأدلة والبيانات؛ لأنها مهددة بالفقدان.

 وذكر “حضرة” أن النظام العدلي في السودان منهار بالكامل، ويقع تحت سيطرة المجموعات العسكرية المتنازعة، وضرب مثالا باللجنة الوطنية للتحقيق في جرائم الدعم السريع، التي قال إنها تعبر عن جانب واحد وتفتقد الاستقلالية، وقال إنها أغفلت بعض الجرائم التي ارتكبها النظام السياسي، كقضية أحمد الخير المعروفة، والقضية التي هزت ولاية كسلا خلال الأيام السابقة التي ارتكبها جهاز الأمن والمخابرات.

وأوضح (حضرة) حجم التعقيدات المرتبطة باللجان الدولية، وكيف أن قرارات مجلس حقوق الإنسان هي محض توصيات، تحتاج إجراءات طويلة، وتسلك طريقا وعرا للوصول لمجلس الأمن، باعتباره الجهة التنفيذية لقرارات الأمم المتحدة.

وأضاف إن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود وزيادة الضغط للوصول لقرارات مؤثرة وقوية، مثل القرارات الأممية السابقة بشأن الجرائم الواقعة في دارفور.

 وشدد على ضرورة التواصل مع المجتمع الدولي نظرا لعدم وجود نظام عدلي في السودان قائلا: “كنا ندعو سابقا بإصلاح النظام العدلي والقضائي في السودان، ولكن هذه الدعوة الآن غير صالحة، ويحب أن يؤسس نظام قضائي من جديد في السودان” .

معوقات البعثة

الحقوقية إقبال أحمد، عبرت عن أسفها الشديد لاستمرار الحرب في السودان لأكثر من 500 يوم، وقالت إنه رغم الرصد اليومي وتقاريرنا الدورية، لا زلنا غير قادرين على تغطية كثير من الانتهاكات.

وأضافت: “دعونا إلى تمديد ولاية البعثة الدولية المستقلة لاستكمال، وتغطية الجرائم الواقعة منذ 15 إبريل فقط”.

إقبال أحمد

وقالت إقبال، إن البعثة طُلب منها تقصي الحقائق في كافة جغرافيا السودان، ورصد انتهاكات جميع الكيانات المتنازعة، الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة، لكن البعثة لم تدخل السودان لتمارس عملها، واتجهت للعمل في ثلاث دول، وهو ما أفقدها القدرة على الوصول إلى الضحايا ومقابلة الجهات ذات الصلة بموضوعية، ولم يوفر مجلس حقوق الإنسان للبعثة الدعم الفني الكافي.

وأوردت إقبال، الأسباب التي دعتهم لإقامة حملة تدعو؛ لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق وأهمها، أن اختصاص البعثة الزمني قصير فهو يبدأ من 15 إبريل، وصولا ليناير، وهو ما يعني، أن جميع الانتهاكات التي وقعت بعد يناير، لم يتم التقصي بشأنها، إضافة لعدم وصول البعثة السودان لاكتشاف الأدلة ومقابلة الشهود الموجودين داخل مناطق النزاع.

وأشارت إلى أن الحكومة السودانية امتنعت عن التعاون مع البعثة، رغم أن لديها ــ الحكومةــ أدلة تدين الأطراف الأخرى.

 وينطبق الأمر ــ تقول إقبال ــ على الدعم السريع والحركات المسلحة لإمكانية وصولهم لمعلومات قد تدين الجيش.

 وأضافت أن من ضمن التحديات التي واجهت البعثة، عملية توثيق جرائم العنف الجنسي؛ لأن إثبات هذه الجريمة غاية في الصعوبة، فضلا عن وجود معظم الضحايا داخل مناطق النزاع.

 وأشارت إلى تنامي ظاهرة المجموعات المسلحة الموالية للجيش أو الدعم السريع.

اختتمت اقبال حديثها، بأن للحملة دورا حيويا وفعالا عبر الندوات والدبلوماسية الشعبية وإشراك الضحايا في مناصرة الحملة، للضغط على مجلس حقوق الإنسان؛ لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق وتوسعة اختصاصها الموضوعي والزمني والمكاني، للمساهمة في وضع حد للإفلات من العقاب.