اعتقلت قوات الجيش السوداني وبمساعدة قوات نظامية أخرى ومجموعات شبه عسكرية، تتبع لنظام المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم قبل اندلاع الثورة 2018)، مجموعة من الشباب، ينحدرون من أصول مناطقية في غرب السودان، وبحسب تصنيف جهات الاعتقال، فهم يقاتلون ضمن قوات الدعم السريع.
أحمد جراد 29 عاما، كان أحد هؤلاء المعتقلين، وبحسب روايات أصدقائه وأفراد أسرته، اقتحمت تشكيلة عسكرية، ترتدي أزياء الجيش والشرطة، وآخرون يرتدون أزياء مدنية منزل الضحية في 29 إبريل 2023 بحي الشجرة في الخرطوم.
وذكر قائد القوة، أن الاعتقال بغرض التحقيق وسيتم إعادته إلى المنزل مرة أخرى، بحسب ما يرويه والده.
أحمد مولود بالمملكة العربية السعودية، ويعمل بوظيفة مهندس، وقد أخذته قوات الجيش إلى معسكر مدرعات الشجرة، وبرفقته عناصر يتبعون قوات الدعم السريع، وانقطعت أخباره منذ ذلك اليوم.
في أغسطس 2023، شنت قوات الدعم السريع هجوما كثيفا على معسكر المدرعات التابع للجيش، وبثت عناصر من الدعم السريع مقاطع فيديو، يظهر فيها أشخاص عليهم آثار التعذيب والانهاك، أجسادهم متقلصة، وعظامهم بارزة، وبالتحقق عن هوياتهم اتضح أنهم معتقلون من ضمنهم مدنيين وآخرين من مقاتلي الدعم السريع.
سرعان ما بدأ أصدقاء “جراد” رحلة البحث عنه، وتلقى صديقه (ن. د) اتصالا من هاتف جراد، وكانت مكالمة قصيرة تحدث إليه أحد عناصر الدعم السريع المعتقلين، وأخبره بوفاة جراد خلال العشرة أيام الأولى لاعتقاله؛ لأنه لم يتحمل التعذيب بالكهرباء والضرب والجوع.
لم تصدق أسرته، وأصدقاؤه الخبر، وذلك لأن قوات العمل الخاص (التابعة للجيش) التي كانت تشرف على المعتقل، كانت تقوم باستخدام هواتف المعتقلين، وإرسال الرسائل إلى أسرهم ومعارفهم.
واعتقد أصدقاء جراد، أن أفراد القوات المعتقل جراد لديها تمارس ضغوطا على الأسرة للإدلاء بمعلومات، أو طلب إحضار شخص آخر، إلا أنه وبالبحث وزيارة المستشفيات العاملة في ذلك الوقت (الراقي ـ التركي ـ الفؤاد) لم يجدوا له أثرا.
في الأول من سبتمبر الجاري، تحصل أصدقاء جراد على معلومات حول معتقلين، كانوا برفقة صديقهم وذكروا لهم أوصافه، وأشارت جميع المعلومات إلى تأكيد مقتل (أحمد جراد) وترك جثته لمدة يومين داخل المعتقل، قبل نقلها إلى مكان غير معلوم.
وأشارت إفادات المعتقلين، إلى أن قوات العمل الخاص كانت تقوم بدفن الموتى داخل المعسكر.
الضحية تنحدر أصوله من قبيلة الرزيقات، وهي مجموعة قبلية مؤسسة لقوات الدعم السريع، وقد تعرضت أسرته لمضايقات بعد انتشار خبر وفاته في وسائل التواصل الاجتماعي.
وتعمل مجموعة تتبع لقوات العمل الخاص على التربص بالنشطاء، وكل من يتحدث عن قضية (جراد) بالتزامن مع الحملة التي قامت بها قوات الدعم السريع عقب خروج المعتقلين في إدانة التعامل غير الإنساني الذي تقوم به قوات الجيش.
قد يصعب تصديق الروايات ومعرفة الحقائق بسبب؛ حملات التضليل التي تمارسها أطراف الحرب فى محاولة لإعاقة وصول الضحايا للعدالة وبهدف حماية الجناة.
أثبت التحقيق، أن (جراد) لم يكن يعرف كيف يحمل السلاح، ولم يتعاون أو يشارك في أي عمليات عسكرية، عاش معظم حياته بالسعودية مع أسرته، وعاد إلى السودان للدراسة الجامعية وفق شهادات معارفه وزملاء دراسته.
وفي كل الحالات، لا توجد أي مبررات لارتكاب مثل هذه الفظائع سواء بحق عناصر عسكرية، ناهيك عن المدنيين.
جراد هو واحد من عشرات الضحايا الذين قتلوا بدم بارد داخل معتقلات أطراف الحرب في السودان.