كتب- سمير عثمان
أكدت أهداف التنمية المستدامة التي وُضعت من قبل منظمة الأمم المتحدة، على ضرورة التعليم الجيد وإتاحة التعليم للجميع، وذلك في الهدف الرابع، ومنأجل مراقبة مؤشرات التقدم والتطور في عملية التعليم وإتاحته، أطلقت العديد من الدول على المستوى الدولي والإقليمي عدة مؤشرات لتقييم التعليم، وتتنوع عملية تقييم طبقًا لاختلاف المؤشرات الرئيسية والفرعية.
تقول الدكتورة إسراء علي، في دراسة حول المؤشرات الدولية والإقليمية الخاصة بالتعليم، نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن المنظمات والدول سعت إلى بناء مؤشرات؛ لتعكس الصورة الدورية لتطور التعليم، وأن معظم هذه المؤشرات تتفق في العديد من البنود الخاصة بالتعليم قبل الجامعي.
وأضافت الباحثة في برنامج السياسات العامة، أن من بين المنظمات التي تعمل على تقييم التطور التعليمي بالدول معهد اليونسكو للإحصاء، الذي يصدر 14 مؤشرًا رئيسيًا، بالإضافة إلى مؤشر التنمية البشرية الذي يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يتضمن مؤشرًا للتعليم يضم ثلاثة محاور، كما يصدر البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي “دافوس”، والمرصد العربي للتربية التابع لمنظمة الألكسو، مؤشرات خاصة بالتعليم، مشيرًة إلى أن هذه الإحصائيات تتحكم بشكل مباشر في عملية دعم وتمويل العملية التعليمية، كما شددت الباحثة على ضرورة تبني الدول مبادرات لدعم الرصد الإحصائي للتعليم قبل الجامعي، على أن تراعي هذه المؤشرات الظروف المحلية لكل دولة.
التعليم المصري في المؤشرات الدولية
ووفقًا لمؤشر المعرفة العالمي الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بشكل سنوي، احتلت مصر المرتبة رقم 90 من بين 133 دولة لعام 2023 في مؤشر المعرفة العالمي، بقيمة 42.5، بينما بلغ المتوسط العالمي للمؤشر 47.5– الصفر (الأسوا ) و(100) الأفضل- ووصف المؤشر آداء مصر بالمتواضع من حيث البنية التحتية المعرفية، كما احتلت مصر المرتبة 24 من أصل 28 دولة مصنفة ذات تنمية بشرية مرتفعة، وشملت التصنيفات الدول ذات التنمية البشرية (المرتفعة جدًا – المرتفعة – المتوسطة – المنخفضة).
كشف المؤشر، أن مصر احتلت المرتبة رقم 80 من بين 133 دولة في التعليم قبل الجامعي، بقيمة 64.75 نقطة، بينما احتلت المرتبة 46 في التعليم التقني والتدريب المهني بقيمة 55.88 نقطة، ويضم مؤشر التعليم قبل الجامعي عدة مؤشرات فرعية ومتغيرات، تصل جميعها إلى 32 مؤشر ومتغير.
75 % معدل الالتحاق الصافي بالتعليم
في تقرير بعنوان “مراجعة الإنفاق العام في مصر لقطاعات التنمية البشرية”، الذي أصدره البنك الدولي في الربع الأخير من عام 2022، سلط الضوء، على أن مصر مصر بها أكبر نظام تعليمي، وأكبر عدد من الطلاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يوجد حاليًا أكثر من 24 مليون طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي في البلاد، أكثر من نصفهم في المرحلة الابتدائية، ونحو 90% منهم في المدارس الحكومية.
التقرير أشار، إلى أن قطاع التعليم قبل الجامعي يضم حوالي مليون معلم، 40 % منهم في المرحلة الابتدائية، بالإضافة إلى حوالي 500 ألف إداري ومشرف وعامل، موضحًا أن إتاحة التعليم أصبحت للجميع تقريبًا، وبلغ معدل الالتحاق الصافي نسبة 75%، وذلك جاء نتيجة السياسات التدريجية لإتاحة التعليم للجميع وفق الخطة التي وضعتها الدولة المصرية.
وفقًا لبيان وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في شهر أغسطس الماضي، بلغ العجز في عدد المعلمين بمراحل التعليم المختلفة 470 ألف معلم، وأن الوزارة تضع سد هذا العجز ضمن أولوياتها خلال الفترة المقبلة، ومنذ عام 2022 بدأت وزارة التربية والتعليم في تطبيق المبادرة الرئاسية 30 ألف معلم لسد العجز، كما أتاحت 50 ألف وظيفة معلم بنظام الحصة، كما أعلنت الوزارة عن تفعيل قانون مد الخدمة للمعلمين للاستفادة من خبراتهم وسد العجز.
بحسب خطة وزارة التربية والتعليم 2023/2027، فإن عدد المعلمين شهد تناقصًا مقارنة بعدد الإداريين والعمال في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي، وعلى مدار السنوات الدراسية من 2015، حتى 2020، ارتفع عدد الموظفين بنسبة 20%، والعمال بنسبة 28%، بينما انخفض عدد المدرسين بنسبة 8%.
تقرير البنك الدولي أكد على، أن جميع السكان تقريبًا في سن التعليم الابتدائي ملتحقون بالدراسة، و91% من الأطفال في سن المرحلة الإعدادية، وانخفضت نسبة معدل الالتحاق الصافي؛ لتصل إلى 60% في المرحلة الثانوية.
التقرير كشف، أن القطاع الخاص يسير بوتيرة أسرع من الحكومي في تقديم خدمات التعليم، وذلك بعد زيادة متوسط النمو السنوي في عدد المدارس الثانوية العامة الخاصة 9%، وزيادة المدارس الفنية الخاصة بنسبة 19%.
فقر التعلم
البنك الدولي أوضح في تقريره، أن أبرز التحديات التي تواجه النظام التعليمي في مصر هو ضعف نواتج التعلم، مشيرًا إلى أن تقرير فقر التعلم لعام 2019، كشف أن 70% من الأطفال على مستوى العالم لا يستطيعون في سن العاشرة قراءة نص مناسب لأعمارهم، ولا يمكنهم فهمه، وهو ما يشير إلى مصطلح فقر التعلم، موضحًا أن مصر تحتل أدنى الشريحة العشرية من البلدان على أساس النسبة المئوية للطلاب الذين يصلون إلى “الحد الأدنى” للمعيار الاسترشادي العالمي للأداء في مقياس درجات الاتجاهات الدولية في دراسة الرياضيات والعلوم.
في دراسة أصدرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في ديسمبر 2021، بعنوان فقر التعلم ومستقبل أجندة التنمية المستدامة 2030، أكدت الدكتورة إنجي محمد عبد الحميد، مدرس العلوم السياسية بالمركز، أنه على الرغم من تحسن مؤشر التنمية البشرية في مصر، أن نسبة اللامساواة في التعليم داخل مصر بلغت 38.1%، ونسبة الأطفال في عمر العاشرة الذين يعانون من فقر التعلم بلغت 69.9% من إجمالي الأطفال الملتحقين بالتعليم الأساسي، فيما حدد البنك الدولي قيمة المؤشر في المنطقة العربية بنسبة 50%، بينما حدد المعدل العالمي 53%.
الدراسة أوضحت، أن فقر التعلم مرتبط بالفقر المادي، والفقر متعدد الأبعاد، مشددًة على ضرورة أن تأخذ الدول هذه البيانات بعين الاعتبار عند وضع السياسات والخطط؛ نظرًا لما لها من أبعاد اقتصادية واجتماعية، ذلك فضلًا على أن تطوير التعليم لا يمكن بتطوير المنهج الدراسي فقط، ولكن يجب النظر إلى الأبعاد الأخرى.
النظام الجديد وتخفيف الضغط المادي
تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض للنظام التعليمي الجديد، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالخلافات، ما بين مؤيد كونه يخفف من حدة الضغط المادي على أولياء الأمور، وآخر معارض بسبب إلغاء بعض المواد، وأن درجات الطالب أصبحت محصور في 5 مواد، وهو ما يسبب ضغطا نفسيا عليه بسبب؛ قوة التركيز المطلوبة منه.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور محمد خليل، الخبير التربوي، إن المستفيد الأول هم أولياء الأمور؛ لأنهم يرون أن النظام جيد ويخفف من الضغوط النفسية والمادية على الأسرة، ولكن في نفس الوقت مع تطبيق النظام الجديد، وإصدار الوزير قرارات خاصة بإلغاء بعض المواد، فهذه القرارات أثرت على عدد كبير من المدرسين، وأصبح مطلوبًا منهم التحضير في مواد أخرى من أجل تدريسها للطلاب.
وتابع خليل، بشكل عام النظام الجديد يربط الطالب بالواقع الذي يعيشه ويؤهله لسوق العمل، منوهًا أن هذا النظام معمول به في العديد من دول العالم، وذلك من أجل رفع كفاءة القوى البشرية المصرية، ولافتًا إلى أن النظام الجديد يؤثر نفسيًا على الطلاب لأن الدرجات التي كانت توزع على 7 مواد، أصبحت توزع على 5 مواد فقط، وهو ما يستوجب تركيز أكبر من الطالب؛ لأن الخطأ الواحد سيؤثر في إجمالي الدرجات النهائية.