مبكراً بدأ طرح التساؤلات عن مستقبل المنطقة بعد أكبر هجوم ينفذه طرف عربي على دولة الاحتلال منذ خمسين عاماً.
مبكراً أيضا تبلور السؤال في صيغة “اليوم التالي للحرب”، ليس من باب الاختزال بقدر، ما كان التساؤل استشرافا لمستقبل المتغيرات التي ستحكم بالضرورة صيرورة المشهد في إقليم، تبدلت فيه توازنات القوى والردع منذ اللحظة التي انطلقت فيها الطائرات الشراعية من القطاع المحاصر منذ 17 عاماً، بالتزامن مع انطلاق السيارات والموتوسيكلات التي تحمل نخبة مقاتلي حماس والفصائل، ليسيطروا في أقل من ست ساعات على مراكز القيادة والسيطرة التابعة لفرقة غزة ووحدات اسرائيلية أخرى، ثم يعودون للقطاع ومعهم أكبر عدد من الأسرى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
مبكرا في “مصر360”، شاركنا في طرح التساؤلات والاستماع لمختلف وجهات النظر، جنبا إلى جنب مع تغطية منحازة لقيم القانون والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.
بعد أسبوعين وأيام قلائل، وقبل الدخول البري لقوات جيش الاحتلال طرح الكاتب عبد الله السناوي تساؤلات المشهد الكارثي.
اقرأ.. الحرب على غزة.. سؤال اليوم التالي
وتناول وقتها سيناريوهات ما بعد العملية البرية، مستعرضا مواقف والتزامات أمريكا وإيران وحزب الله، واحتمالية حدوث الحرب الإقليمية التي تخشى عواقبها كل دول المنطقة، لكنها قد تحدث.. الاحتمال لا زال قائما، والسيناريوهات، رغم التصاعد لا زالت مرشحة لتصاعد أكبر.
ونقلا عن نيويورك تايمز، ووعهد واشنطن، نشرت مصر360، تحليلا للدبلوماسي الأمريكي دينس روس، الذي سبق له العمل مساعدا للرئيسين أوباما وكلينتون، والذي اعتبر أنه ليس هناك خيارا لدى إسرائيل، سوى القضاء على حماس، وإبعادها عن القطاع، وأن على إسرائيل وضع تصورات؛ لإعادة الإعمار، وكسب سكان غزة، وأيضا طرح عملية السلام لكسب قادة عرب، يشاركون إسرائيل رفضها لوجود حماس.
اقرأ.. الدبلوماسي الأمريكي دينس روس: على إسرائيل وضع خططها لمستقبل غزة
المستقبل كان هاجس الكاتب هشام جعفر، وهو يقدم رؤيته لمستقبل الشرق الأوسط “الجديد” مراهنا، على أن تعيد عملية طوفان الأقصى ضبط مشهده، بعد أن أمضى اللاعبون الإقليميون سنوات خمس (٢٠١٩ -٢٠٢٣) في إيجاد حلول عملية؛ لإنهاء الصراعات وإقامة العلاقات وتفكيك المحاور الإقليمية المصطرعة.
وبعد أن أبدت دول المنطقة استعدادًا متزايدًا؛ لإيجاد حلول وسط عملية، وقابلة للتنفيذ على أساس المصالح المشتركة- وهي ظاهرة، يشار إليها، أحيانًا باسم بناء “شرق أوسط جديد”.
اقرأ.. طوفان الأقصى وإعادة ضبط الشرق الأوسط الجديد
من أكتوبر2023، انتقل سؤال المستقبل لنوفمبر من العام ذاته، ليعاد طرحه جنباً إلى جنب مع مخاوف “الترانسفير” المزعوم كهدف إسرائيلي، وتداعيات اللحظة إجمالا على القاهرة، الدور والأفق.
اقرأ كيف تواجه مصر مشروع الترانسفير؟
واقرأ أيضا من أجل إجماع دولي على رفض (الترانسفير)
أكثر من طرف، انخرط في وضع تصورات اليوم التالي، فإلى جانب الأمريكان، كان هناك فلسطينيو السلطة وعرب الخليج، وقبلهم بالطبع مصر، ووسطاء صفقات التهدئة المجهضة، وبات الكل يبحث عن إمكانية لرسم ملامح السيناريو في ظل تشابكات معقدة.
اقرأ سيناريوهات اليوم التالي لحرب غزة… تشابكات المصالح والمطامح
الكاتب عبد العظيم حماد اعتبر، أن الحديث عن بديل لحماس في القطاع عقب انتهاء الحرب يقتضي فتح ملف بديل نتنياهو، على الجانب الآخر، كونه حتمية سياسية، تفرضها مسئوليته عن الفشل الذريع في توقع الهجوم، ثم الفشل في مواجهة الهجوم، عندما وقع، وهو ما كان تتويجا لسلسلة من الأخطاء، والخطايا التي ارتكبها الرجل، وحلفاؤه.
اقرأ .. والبديل الإسرائيلي لنتنياهو
كان حماد قد رؤية مختلفة تخص البديل الفلسطيني لحماس، باعتباره سؤال اليوم التالي لتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وعلى حركة حماس، وهو سؤال، يحاول كل طرف، أن يجد له الإجابة التي تناسبه.
ومبكرا تنبأ أن ما يعيب التصور المنسق بين العرب وأمريكا باختيار سلطة عباس بديلا هو افتراض، أن إسرائيل ستنجح في تدمير حركة حماس، بحيث لا تقوم لها قائمة، على الأقل لمدة عقدين من الزمان، فيما تتفق أغلب التحليلات على صعوبة تحقيق هذا الهدف، لأن حماس فكرة، قبل أن تكون تنظيما، والمقصود بالفكرة هنا، هي فكرة أو مبدأ المقاومة التي تخلت عنها منظمة التحرير.
اقرأ البديل الفلسطيني لحماس؟!!!
منح الهدنة الانسانية والتبادل الأول، وما سبقه من إطلاق المقاومة سراح عجوز إسرائيلية، دون مقابل؛ نظرا لظروفها الصحية، الكتاب والمحللين وفقا للتفاؤل بانتهاء هذه الجولة بين الاحتلال والمقاومة، كما انتهت جولات سابقة، ولم يكن أكثرهم واقعية أو تشاؤما، يعتقد أن الجولة ستمتد لعام كامل،
وقتها كانت التساؤلات لا زالت ملحة، ليطرح الكاتب رائد سلامة، ما اعتبره الأهم منها في سؤال إجمالي.
اقرأ ماذا بَعد أن تضع الحرب المجنونة على غزة أوزارها؟
توالت الشهور، وتنوعت الرؤى والتحليلات، وسيناريوهات المستقبل القريب، وصولا غلي تقسيم “تورتة النفوذ” في الإقليم، لكن المشهد الميداني كان له رأي آخر.
وحرصت “مصر 360” علي رصد المشهد الحقوقي للحرب، فوثقت جرائم العدوان في واحد من أكبر، وأهم الملفات التي رصدت ووثقت جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل خلال حرب الإبادة التي شنتها على القطاع.
وثقت مصر360 أيضا، كيف وصلت العربدة الأمريكية إلى حد تهديد مدعي عام الجنائية الدولية؛ لمنعه من أداء دوره في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وتتوالى المجازر والبطولات، وتبقى التساؤلات، معظم التساؤلات على حالها، وفي مقدمتها التساؤل عن اليوم التالي للحرب ومستقبل غزة.
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، والذي وصف نفسه في أولى زياراته العشر للمنطقة، بأنه “شخص يهودي وابن شخص يهودي، “قدم طرحا أو معادلة تقديم دولة فلسطينية على حدود الـ 67، مقابل دمج إسرائيل فيما وصفه بـ “محيطها الشرق أوسطي”، ورغم أن بلينكن لم يقدم ضمانة أو إشارة واحدة على قدرته أو قدرة بلاده على إجبار إسرائيل، أو إقناعها بالتنازل عن مستوطناتها وقطعان مستوطنيها لصالح معادلته، إلا انه أعاد تقديمه مرات ومرات، دونما فرصة أو قدرة على التحرك من مربع الطرح النظري إلى الحراك على الأرض.
اقرأ.. “دمج إسرائيل مقابل دولة فلسطينية”.. أية فرص لنجاح “معادلة بلينكن”؟
مراكمة شهور من الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة دفع الإدارة الإسرائيلية إلى الانتقال إلى سياسة الاغتيالات التي بنت العصابات الصهيونية دولة إسرائيل على أساسها في النصف الأول من القرن الماضي.
من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران إسماعيل هنية، إلي فؤاد شكر القائد الميداني لحزب الله، وصولا إلى زلزال اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أيقونة العمل المقاوم والتحرر الوطني على مدار أكثر من ربع قرن، منح التساؤلات بعداً آخر.
زيت الغضب تم صبه على نيران التساؤل عقب الضربة الصاروخية الناجحة التي نفذتها إيران ضد العمق الإسرائيلي، حيث بات خطر تدحرج كرة اللهب أوسع حتى من الإقليم.