تتبنى الحكومة خطوات سريعة، حاليًا، نحو طرح عدد من المطارات المصرية أمام القطاع الخاص، على عدة مراحل ضمن خطة، قالت إنها تخدم قطاع السياحة، وتستهدف تحسين الخدمة المقدمة للجمهور.

وفق المعلن من الخطة الحكومية، فإن الطروحات ستكون للإدارة والتشغيل فقط، وليس البيع، على أن يتم الانتقاء بين الشركات المتقدمة بناءً على الخبرة في الإدارة والتشغيل والقدرة على التسويق الترويج، ما يضمن جودة الخدمة المقدمة وتحسن ترتيب المطارات المصرية عالميًا.

احتلت المطارات المصرية مرتبة متراجعة عالميًا خلال السنوات الأخيرة، حتى أن مطار القاهرة جاء بالمرتبة التاسعة إفريقيا في جوائز المطارات العالمية لعام 2024، وفق تصنيف مؤسسة سكاي تراكس، التي تجري استطلاعا عالميا لرضا العملاء عن المطارات، وبدأت في استحداث تلك الجوائز عام 1990.

في تصنيف المؤسسة، تصدرت 3 مطارات في جنوب إفريقيا قائمة الأفضل بالقارة السمراء، هي: كيب تاون، وديربان كينج شاكا، وجوهانسبرج، بينما دخلت المغرب القائمة بمطار كازبلانكا بالمرتبة الرابعة، ومراكش في المرتبة السادسة، وحل مطار موريشيوس في المرتبة الخامسة، وأديس أبابا في السابعة، وكيجالي في الثامنة، ومطار القاهرة في التاسعة، ونيروبي العاشر.

وخرجت “الشركة القابضة لمصر للطيران” من قائمة أفضل 100 شركة طيران حول العالم، بعدما كانت تحتل المركز 95 في تصنيف شركة “سكاي تراكس” البريطانية لشركات الطيران التجارية حول العالم لعام 2023، رغم أنها شركة الطيران الأقدم في الشرق الأوسط وإفريقيا والسابعة على مستوى العالم، وتمتد خطوطها إلى 52 دولة بجانب 13 خطاً داخليًا.

مطارات جاهزة للطرح أمام القطاع الخاص

تتضمن المرحلة الأولى من طروحات المطارات مطاريّ القاهرة وسفنكس بغرب القاهرة، والعلمين الجديدة وشرم الشيخ والغردقة، وغالبية تلك المطارات في مناطق سياحية، تعتمد الحكومة عليها في خطتها لجذب 30 مليون سائح بحلول 2028، ومضاعفة الطاقة الفندقية العاملة؛ لتتراوح بين 450 و500 ألف غرفة عام 2030.

قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال اجتماع المجلس التنسيقي للسياسات المالية والنقدية، أخيرًا، إن الحكومة ستعلن قريبًا عن أخبار مهمة تتعلق بطرح عدد من المطارات والبنوك ضمن برنامج الطروحات، وذلك في إطار تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وزيادة مساهمته بالقطاعات الحيوية، بما يتماشى مع خطط الدولة؛ لتحقيق النمو المستدام.

ووفق مدبولي، فإن برنامج الطروحات الحكومية يجري بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، التي تلعب دوراً رئيسياً في تقديم الدعم الفني والمالي للطروحات التي تستهدف تعظيم الاستفادة من الأصول الحكومية، وجذب المزيد من الاستثمارات، ما يعزز النمو الاقتصادي، ويوفر فرص عمل جديدة.

سلمت مؤسسة التمويل الدولية الحكومة الدراسة الفنية والجدول الزمني لطرح إدارة وتشغيل 20 مطارا أمام القطاع الخاص منها 4 مطارات جديدة.

كما تم تعيين مؤسسة التمويل الدولية كمستشار استراتيجي لبرنامج تسييل الأصول الحكومي، الذي يعد جزءًا من سياسة ملكية الدولة الحكومية، وهو إطار عمل جديد، تم طرحه في ديسمبر 2022؛ بهدف تمكين القطاع الخاص في البلاد عبر القطاعات لتحفيز النمو الاقتصادي.

تمتلك مصر 23 مطارا بينها 4 تم إنشاؤها في خلال السنوات التسع الأخيرة، وتستهدف الحكومة الوصول بعدد الركاب سنويا إلى 72.2 مليون راكب بنهاية العام المقبل، مقارنة مع 66.2 مليون راكب نهاية العام الماضي، وذلك كهدف مرحلي قبل الوصول إلى 110 ملايين راكب سنويا في نهاية عام 2030.

مصير مطار القاهرة

في أغسطس الماضي، قال وزير الطيران المدني سامح الحفني، إن طرح مطار القاهرة للشركات العالمية، من أجل التطوير والتوسعة، هدفه الوصول بقدرته التشغيلية إلى 60 مليون راكب سنويا.

وحققت شركة مصر للطيران خسائر بلغت 16 مليار جنيه، وذلك خلال العام المالي الماضي المنتهي في 30 يونيو 2024، لكن الحكومة أكدت في بيان صحفي أخيرًا أن لا نية لديها لبيع الشركة أو طرح أي من شركاتها التابعة للإدارة والتشغيل.

وأشار إلى أن الحكومة بصدد تطوير البنية التحتية في المطارات، بعد وجود شكاوى من تأخير ومشكلات بالخدمات في بعض المطارات، مؤكدا أن الحكومة تعاملت مع الشكاوى بموضوعية، وشرعت في حلها.

لا تزال العديد من الشكاوى ترد على مواقع السفر العالمية من مطار القاهرة، ما يضر بسمعة المقصد المصري، مثل ما كتبته سال أودوا، سائحة من المملكة المتحدة، تشكو من تجاربها في مطار القاهرة الذي تعاملت معه أكثر من مرة.

قالت السائحة، في منشور تم تداوله على أحد مواقع السفر، إن موظفي مطار القاهرة ليسوا على المستوى والخدمات والمرافق غير متطورة، فضلاً عن الطوابير المتعددة بداية من طابور الحصول على الخدمات مثل التأشيرة، وطابور مراقبة الجوازات والمسح الضوئي الأمني في طريق الخروج، ما أدى إلى إتلاف حقيبتها مرتين من قبل الموظفين، وعطب الكمبيوتر المحمول الخاص لها.

تلك التعليقات دفعت سائحة مثل كاثي هونت، من أستراليا لطلب النصيحة على موقع مشهور للحجز، حول قضاء عطلة في القاهرة، بسبب تعليقات سلبية عن مطار القاهرة الدولي وسلوك موظفي المطار والفصل في الطوابير بين الرجال والسيدات، خاصة أنها سبعينية.

تعليمات حكومية بتعظيم العائد

في يوليو الماضي، تلقت وزارة الطيران تعليمات من رئيس الحكومة بضرورة تعظّم العوائد من المطارات وتحسين تجربة المسافرين، وتعزيز الشـراكات الاستراتيجية؛ لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقطاع الطيران المدني للوصول بالطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية إلى 72.2 مليون راكب سنويًا بنهاية عام ٢٠٢٥.

بلغت الطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية بنهاية العام الماضي 66.27 مليون راكب، بينما تستهدف الدولة رفع ذلك الرقم إلى 109.2 ملايين راكب سنويًا كمستهدف استراتيجي بنهاية عام ٢٠٣٠.

بحسب وزارة الطيران، فإن 70% من أنشطة المطار تتم إدارتها بأنشطة تجارية، مثل الفنادق والمحال التجارية، وهناك أشياء أخرى تحت سيادة الدولة مثل، الجوازات والتأمين والملاحة الجوية”.

وقال مدبولي، إن الحكومة لديها يقين أن القطاع الخاص هو الأنسب لإدارة وتشغيل المشاريع والمرافق المختلفة، ويشمل ذلك المواني البحرية والبرية، مشددًا على أن الحكومة تخطط لإتاحة الفرص لشركات القطاع الخاص لتشغيل المطارات، ولم يشر البيان إلى أي مرافق محددة.

طالبت الدراسات أكثر من مرة مطارات مصر بتعزيز قدرتها التنافسية بتطوير أنظمة التأشيرة، وتوفير العديد من المرافق الترفيهية، كالمراكز والمنتجعات الصحية وقاعات الاجتماعات وترتيب الفعاليات الفولكلورية في المطار لجذب المزيد من الرحلات الدولية والمسافرين العابرين “الترانزيت”، ما يساهم في زيادة الإيرادات غير المتعلقة بالطيران.

وأكد أن المُشغلين يجب أن يضعوا في العقود مع شركات الطيران أو الشركات المدنية تفعيل مشروع الحافلات الكهربائية؛ لربط جميع المطارات المصرية مع مناطق التنزه بالمدينة على خطى مطار شرم الشيخ.

يقول نادي عزام الخبير الاقتصادي، إن الدولة تراهن على القطاع الخاص في النمو الاقتصادي في جميع المجالات، وليس الطيران فقط، فخطتها الأساسية خلق بيئة مواتية للقطاع الخاص؛ ليقود الاقتصاد وزيادة مساهمته في الاقتصاد القومي إلى 75% بحلول 2030.

يضيف أن تلك الآليات لا تحمل أية مخاطر اقتصادية؛ فالهدف الأساسي لها تطوير ورفع كفاءة أداء العمل لمصاف المستويات العالمية؛ لتحقيق رضاء الأطراف المستفيدة وزيادة القدرات التنافسية، خاصة أن الدولة عملت على تشجيع وتسهيل إجراءات إنشاء شركات الطيران المصرية الخاصة، والتي بلغ عددها حتى الآن 12 شركة.