كتب- سمير عثمان

لكل مواطن الحق في التعليم وفقًا لمعايير الجودة، وهو إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، ومجاني بمراحله المختلفة.. على الرغم من هذا النص الدستوري الذي سعت من خلاله الدولة المصرية إلى الحفاظ على مجانية التعليم لجميع أبناء الشعب باختلاف طبقاتهم الاجتماعية، إلا أنه وفقًا لبحث الدخل والإنفاق الأخير لعام 2019 /2020، والذي يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بشكل دوري، وتقرير البنك الدولي الخاص بمراجعة الإنفاق على قطاعات التنمية البشرية في مصر والصادر نهاية 2022، فإن ثمة فروق عِدة في عملية الإنفاق على التعليم بين الفقراء والأغنياء، تتضح من خلال معدلات الالتحاق بالمدارس الحكومية والخاصة والإنفاق على بنود التعليم المختلفة.

الإنفاق على التعليم

بحسب تقرير البنك الدولي، الذي اعتمد على بحث الدخل والإنفاق الصادر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2018، فإن معدل التحاق الأطفال من الأسر الأغنى في مراحل رياض الأطفال والثانوية العامة، ضعف معدل نظرائهم من الأسر الأشد فقرًا، وبلغ معدل التحاق الأطفال من الأسر ذات الوضع الاقتصادي والاجتماعي الأدنى 22%، مقابل 55% للأطفال من الأسر ذات الوضع الاقتصادي الأعلى، بينما يلتحق جميع الأطفال باختلاف مستويات أسرهم بالمرحلة الابتدائية، وتنخفض معدلات الالتحاق مرة أخرى في المرحلة الثانوية، حيث يلتحق طفل واحد من كل طفلين من الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي المنخفض، مقارنة بما يقرب من 90% من الأسر ذات الوضع الأعلى.

كما أشار التقرير، إلى أن جميع الأطفال من الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى يتمكنون من إتمام المرحلة الإعدادية، مقارنة بما لا يتجاوز 62% من نظرائهم في الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأقل.

الفقراء نحو الأزهرية

التقرير أشار أيضًا، إلى أن 50% من الأطفال من الأسر ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى يلتحقون بالمدارس الخاصة؛ لتجنب الالتحاق بالمدارس التي تعاني من نقص الموارد والاكتظاظ في المرحلة الابتدائية، بينما 1% فقط من الأطفال من الأسر الأشد فقرًا، هم الذين يلتحقون بالمدارس الخاصة، كما تتجه الأسر الأفقر إلى الالتحاق بالثانوية الأزهرية، حيث بلغ معدل التحاق الطلاب بها 5 أضعاف معدل الالتحاق بالتعليم العادي، وكذلك تنخفض نسبة الأطفال من الأسر الأغنى في مرحلة الثانوية العامة بالمدارس الخاصة، وذلك قد يرجع إلى توافر الموارد وقلة ازدحام الفصول، كما أن الأطفال من الأسر الأغنى من المحتمل، أن يحصلوا على كم أكبر من الدروس الخصوصية وبجودة أكبر من نظرائهم الأقل في الوضع الاجتماعي والاقتصادي.

بتحليل بيانات الكتاب الإحصائي لعام 2023/2024 الذي تصدره وزارة التربية والتعليم بشكل سنوي، فإن معدل التحاق الطلاب بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية في المدارس الحكومية أضعاف معدل الالتحاق بالمدارس الخاصة، وهو ما يترتب عليه زيادة معدلات الكثافة داخل الفصل الواحد، حيث تزيد الكثافة بالفصول الحكومية عن الخاصة بالمرحلتين بنسبة تتخطى 50%، وهو ما يدفع الأسر إلى الدفع بأبنائهم بالمدارس الخاصة على الرغم من تكلفتها المرتفعة نسبيًا بالنسبة للمدارس الحكومية.

وفقًا لأحدث بيانات متاحة حول الإنفاق على التعليم، والصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بحث الدخل والإنفاق لعام 2019/ 2020، فإن نسبة الملتحقين بالمدارس الحكومية على مستوى الجمهورية بلغت 86.5% من إجمالي الطلاب، و7.9% بالمدارس الخاصة، و5.6% للتعليم الأزهري، فيما تنخفض نسبة الملتحقين بالتعليم الخاص في الريف عن الحضر، بينما العكس بالنسبة للالتحاق بالمدارس الأزهرية.

تحليل البيانات يشير، إلى أنه على الرغم من أن نسبة التحاق الطلاب بالتعليم الخاص في الحضر لا تتخطي 15%، إلا أن نسبة إنفاق الأسر على التعليم الخاص اقتربت من نصف ما تنفقه الأسرة جملة على التعليم، وبالتطبيق على إجمالي الجمهورية، فإن نسبة الملتحقين بالتعليم الخاص لا تتخطى 8%، ولكنها تلتهم حوالي ثلث ميزانية الأسرة للتعليم.

وفي الريف، تتزايد نسبة إنفاق الأسر على التعليم الحكومي والأزهري على عكس الحضر الذي يقل فيه الاهتمام بالتعليم الأزهري، وتتزايد فيه معدلات الإنفاق على التعليم الخاص.

وحول بنود الإنفاق على التعليم، تظهر البيانات، أن حوالي النصف من ميزانية الأسر في الحضر تذهب إلى بند المصروفات والرسوم الدراسية، فيما تذهب ثلث ميزانية الأسر في الريف إلى الدروس الخصوصية، وذلك قبل 4 سنوات من الآن، بحسب آخر بحث للدخل والإنفاق، وهو ما يعني أن بنود الإنفاق قابلة للتغير بعد تقلبات اقتصادية مختلفة، شهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية.

تحليل بيانات الإنفاق على بنود التعليم، يشير إلى أن الأسر الأغنى تنفق على تعليم أبنائها 14 ضعف ما تنفقه الأسر الأفقر، حيث تنفق الفئة الأفقر 2271 جنيها على كل بنود التعليم، وتتصدر الدروس الخصوصية معدلات الإنفاق بنسبة 30.8% من إجمالي إنفاق الأسر، بينما تنفق الفئة ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى 32200 جنيه، على بنود التعليم 67% منها على المصروفات والرسوم الدراسية، بينما حل الإنفاق على الدروس الخصوصية في المرتبة الثانية، وبشكل عام ترتفع نسبة إنفاق الأفراد على التعليم من 2.6 للشريحة الأولى الأقل على مستوى الجمهورية إلى 8.4% في الشريحة العاشرة، وهي الأعلى دخلًا.

البيانات تكشف أنه كلما ارتفع المستوى المعيشي والاقتصادي ازداد الإنفاق على التعليم وبنوده، حيث تنفق الأسر التي لديها أفراد بالتعليم في الشريحة الأولى (الأفقر)، 6.4% على بنود التعليم، بينما تنفق الأسر في الشريحة العاشرة 18.9%.

كما تكشف البيانات، عن اختلاف في أوجه الإنفاق على بنود التعليم، حيث يرتفع الإنفاق على المصروفات الدراسية في محافظات الحضر عن الريف، بينما ترتفع نسبة الإنفاق على الدروس الخصوصية في الريف عن الحضر، كما ترتفع نسبة الإنفاق على التعليم في جميع محافظات الوجه البحري عن محافظات الوجه القبلي.