كما تغير مفاجئ في مسارات “لعبة السلم والثعبان”، فوجئ متابعو المواقع الإخبارية في مصر، أن موقع “القاهرة 24″ المعروف بـ”قربه الشديد” من النظام محجوب، دونما سبب معلن، أو حتى قرار بالحجب.
المفارقة أن ينشر موقع “مدى مصر” تقريرا عن ملابسات حجب “القاهرة 24″، ويكون متاحاً للاطلاع عليه، لأن “مدى” لم يعد محجوباً، بعدما يقارب أو يزيد قليلاً من خمس سنوات من الحجب!
في 2017، بدأت حملة حجب، طالت عددا من المواقع الإخبارية “المستقلة” والحقوقية وعددا من مواقع المنظمات الحقوقية، وقدرت منظمة العفو الدولية حصيلة الحملة في أسابيعها الأولى بـ 48 موقعاً إخباريا، بينها موقع “ميديام” العالمي المعني بالنشر المستقل على الإنترنت.
توسعت عمليات الحجب لتطال لاحقاً موقع منظمة العفو الدولية نفسه، وموقع “تور” الخاص بالتصفح المخفي للإنترنت، فضلا عن الجزيرة، وعربي 21، ومصر العربية، ومؤخرا “مصر 360” الذي تم رفع الحجب عنه ــ كما حجبه ــ بشكل مفاجئ.
خلال السنوات السبع، انضمت مواقع أخرى لقائمة الحجب، بعضها فضل الانسحاب تماماً مثل، “بوابة يناير” وبعضها أغلقه القائمون عليه بعد سنوات من محاولة الالتفاف على قرار الحجب مثل، “مصر العربية”، بينما أطلقت المواقع غير المصرية مثل الجزيرة والعربي الجديد مواقع بديلة لتخطي الحجب.
خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر الحالي، تداول مهتمون بالملف الإعلامي في مصر أنباء عن تغيير في القائمين عليه، وكذا شائعات عن “تغييرات واسعة” في قيادات ومسئولي الشركة المتحدة، الذراع الإعلامي للنظام، بينما لم تطل الشائعات كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، ولا المهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة المسئولة عن المؤسسات الصحفية القومية.
وكما بدأ الحجب فجأة، لاحظ متابعو المواقع الإخباريةــ فجأة أيضاًــ عودة إمكانية تصفح بعض المواقع التي كانت محجوبة، وربما تمهل البعض في البداية؛ تحسباً لكون الأمر لا يعدو خللا تقنياً، أصاب تكنولوجيا الحجب، كما سبق وحدث سابقا لفترات وجيزة جدا.
ولا يمكن تحديد توقيت محدد لعملية رفع الحجب، لكنها بشكل تقريباــ بدأت مع الأسبوع الثاني من نوفمبر الجاري.
وبات بإمكان القارئ والمتابع المصري، أن يتصفح دون برامج “vpn” مواقع مثل “المنصة“، ونحن هنا نقصد النطاق الأصلي للموقع، وليس البديل.
وكذا بات متاحا تصفح موقعي “عربي 21″ الذي ينشر أحيانا تقارير انتقادية لاذعة حول الحريات في مصر، و“عربي بوست”، وموقع جريدة القدس العربي التي تضم مقالات لكتاب مصريين معارضين للحكومة المصرية، أو منتقدين من خارج مصر لسياسات النظام فيها، مثل مذيعا الجزيرة فيصل القاسم، ومحمد كريشان، وكذا موقع “رأي اليوم” الذي يصدر من لندن برئاسة تحرير الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان، وموقع “السلطة الرابعة“، الذي يقدم تقارير وأخبارا ومتابعات يومية، لا تتضمن هجوما أو انتقادا لمؤسسات الدولة.
موقع “جيم” المهموم بالجنسانية “المواضيع المتعلقة بالشؤون الجنسية” والجندر “النوع الاجتماعي”، بات متاحاً للاطلاع بعد فترة حجب، بدأت عقب شهر واحد من إطلاقه، حسب تقرير منظمة حرية الفكر والتعبير.
وكذا يمكن الاطلاع على موقع الشبكة العربية لحقوق الإنسان، لكن القارئ لن يجد على صفحتها الرئيسية شيئا، نشر بعد قرار وقف نشاطها، بسبب “غياب الحد الأدنى من سيادة القانون وحقوق الإنسان”، حسب تعبير الشبكة.
مركز القاهرة لحقوق الإنسان، عاد موقعه المحجوب من فبراير 2023 للعمل، وموقع هيومن رايتس ووتش، وكذا موقع ميديوم للتدوين، والذي لم يكن يتمتع بشعبية كبيرة.
وضمن قائمة المواقع التي عادت للظهور، موقع شبكة رصد، التي طالما اتهِمت بأنها ذات ميول إخوانية.
وعلى قائمة المواقع التي لا زالت غير متاحة للقارئ المصري، بقيت شبكة الجزيرة، التي أتاحت نطاقا آخر، يمكن الوصول إليه، وجريدة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله، بينما انتقل موقع “رصيف 22” اللبناني بسلاسة لنطاق آخر، وودع نطاقه القديم المحجوب كلية.
وتبقى مواقع “بوابة الحرية والعدالة” و”إخوان أون لاين” في قائمة المواقع المحجوبة مصرياً، حتى إشعار آخرــ ربماــ بينما اختفت -بقرارات من أصحابها- للأبد مواقع مثل كاتب والقصة، وهافينجتون بوست.
ربما يحتاج تتبع مسارات الحجب والعودةــ شديدة التشابك والتعقيد والإرباك أحياناــ مساحة ووقتاً أطول، لكن بحسب المتفائلين، فإن “نقلة” ما تتسم بالذكاء واتساع الرؤية، قد تم اتخاذها على رقعة “شطرنج الإعلام المصري”، وقد تشي بتطور المقاربة في الملف شديد الحساسية خلال الأيام القادمة، وعموما وبعيدا عن التفاؤل والتشاؤم، قد نحتاج أن ننتظر ونرى ما سيحدث، في ظل هذا الملف الذي طالما اتسم بالتقلبات والمفاجآت.