فضلت الحكومة منح المستثمرين الاستراتيجيين 95% من أسهم المصرف المتحد، التي يعتزم طرحها بالبورصة المصرية مقابل 5% فقط لصالح الطرح العام المتاح للجميع للدخول فيه، في خطوة أثارت جدلاً بسوق المال.

اعتمدت الهيئة العامة للرقابة المالية، الاثنين، نشرة طرح المصرف المتحد في البورصة التي تتضمن بيع 330 مليون سهم من إجمالي أسهمه البالغ عددها 1.1 مليار سهم، بنسبة تعادل %30، على أن يكون المدى الذي يتحرك فيه السعر بين 12.7 و15.6 جنيها للسهم.

يعطي الطرح المؤسسات الاستراتيجية التي تتضمن المؤسسات المالية، والجهات ذوي الخبرة والملاءة المالية سواء محلية أم أجنبية، نسبة تعادل 28.5% من إجمالي أسهم البنك، مقابل 1.5% فقط للأفراد غير المحددين سلفًا.

يقصد بالطرح الخاص، عندما تخص الشركة مجموعة من المستثمرين الاستراتيجيين لشراء حصة معينة من الأسهم، وحددت ضوابط هيئة الرقابة المالية القائمة الكاملة بالمستثمرين المؤهلين للمشاركة في الطروحات الخاصة التي تضم المؤسسات وصناديق التأمينات، وبنوك الاستثمار، والبنوك، وشركات إدارة المحافظ، فضلاً عن الأشخاص ذوي الملاءة المالية، ممن يملكون أصولا سائلة لاتقل عن 5 ملايين جنيه.

الأولوية للمستثمرين الكبار

بدءًا من اليوم الأربعاء، فتحت البورصة الباب أمام تسجيل أوامر الشراء والبيع للنسبة الخاصة بالطرح الخاص، على أن تنتهي حتى 25 نوفمبر الجاري، ما يعني أن النسبة المتبقية للأفراد وصغار المستثمرين قد تقل رغم ضآلتها.

تجيز الرقابة المالية زيادة عدد الأسهم المطروحة للبيع في الطرح الخاص، أو طرح بناء على حجم التغطية، بعد موافقتها، وفي ظل تلهف بعض المؤسسات العربية لقطاع البنوك بالذات في مصر، فإن التوقعات تشير، إلى أن الطرح الخاص ستكون له الغالبية العظمى، خاصة من قبل المستثمرين الأجانب.

وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في يوليو الماضي، إن بنوكاً خليجية تظهر رغبة قوية في تعزيز وجودها في الأسواق الإقليمية الرئيسية، مثل مصر عبر الاستحواذ على بنوك عاملة بها، موضحة أن نمو الأعمال الخارجية يشكل جزءا من استراتيجية بعض البنوك الخليجية لتنويع نماذج أعمالها وتعظيم أرباحها.

تعليل

وتقول حنان رمسيس، محللة أسواق المال، إن الحكومة فضلت الطرح الخاص؛ لتخوفها من تأثير الطرح العام على أسعار السهم بالبورصة، وقت طرحه في ظل صعوبة إدخال متداولين جدد في وقت وجيز، خاصة في ظل أداء السوق الذي يسير بشكل عرضي في الفترة الأخيرة.

بحسب مجلس الوزراء المصري، فإن هناك نحو 15 طرحًا مُستقبليًا لكيانات بقطاعات مختلفة إلى جانب الكيانات التي يجري الانتهاء من عملية الطرح الخاص بها خلال الفترة المقبلة، وحتى نهاية العام المالي الجاري.

وأضافت رمسيس، أن الطرح يستهدف تغيير فكرة البيع المباشر للمستثمرين الأجانب التي صادفتها موجة من الغضب الشعبي من صفقات نقل الملكية أو الخصخصة الأخيرة، والطرح الخاص لمجموعة من المستثمرين أفضل من البيع لمستثمر استراتيجي واحد.

كانت أغلب صفقات تخارج الدولة في الشهور الماضية قائمة على استحواذات كيانات خليجية غير مقيدة بالبورصة المصرية، بشكل مباشر بعيد عن البورصة، على حصص بقطاع الأسمدة والبتروكيماويات.

ماراثون مفاوضات بين الخليج و”المركزي”

لكن صفقة المصرف المتحد بالذات صادفها جدال بين البنك المركزي ومشترين خليجيين محتملين قبل عام، بسبب رغبة الجانب المصري في الحصول على مقابل الصفقة بالدولار، بينما يريد المشترون قيمتها بالجنيه، رغم إغراءات الصفقة التي تتضمن بنكًا، يملك 65 فرعًا ونحو 200 ماكينة صراف آلي.

وعين البنك المركزي بنك “باركليز” مستشارًا ماليًا عالميًا، إلى جانب مستشار آخر محلي ممثل في بنك الاستثمار “سى أي كابيتال”؛ ذلك لإنهاء صفقة تخارج “المركزي” من مساهمته في رأسمال “المصرف المتحد”، التي تناهز 100% (99.9%)، للوصول لسعر عادل في مايو من العام الماضي، لكن الصفقة لم تتم.

يذكر أن المصرف المتحد بنك تابع للبنك المركزي، تم تأسيسه في يونيو 2006، كجزء من استراتيجيته الإصلاحية للقطاع المصرفي عبر دمج ثلاثة بنوك، كانت تعاني مشكلات في تلك الفترة، هي “المصري المتحد”، و”النيل”، و”الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية”، وظل المصرف المتحد تابعًا للبنك المركزي طوال 18 عامًا.

لمن تكون الأفضلية؟

يقول الخبير الاقتصادي هاني توفيق، إن الحكومة مضطرة للعديد من الأصول والشركات، ويجب أن نعطي قبل السعر، أفضلية للمستثمرين الذين لديهم رؤية وخطة زمنية محددة لضخ أموال أخرى بالشركات المشتراه للتوسع، وزيادة كل من التشغيل والإنتاج، ويا حبذا التصدير.

أضاف أن تخارج الدولة ليس مجرد بيع مساهماتها في الشركات، وإنما يجب أن يضاف إليه مجموعة السياسات الممكنة للقطاع الخاص، وإعادة ضبط الأولويات، وإزالة معوقات الاستثمار والبيروقراطية العفنة، فالاستثمار هو الحل.

لكن مجلس الوزراء يرى، أن البرنامج الحكومي الذي يتضمن طرح حصص من شركات كبرى في قطاعات متنوعة مثل الطاقة، والبنوك، والصناعات الثقيلة، والخدمات، هدفه تعزيز المشاركة الشعبية؛ إذ يشمل شركات مدرجة بالفعل بالبورصة وأخرى غير مدرجة.

يُشار إلى أن المتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار محمد الحمصاني قال إن الفترة المقبلة ستشهد طروحات بالبورصة لكيانات بقطاعات البنوك والمطارات والمستحضرات الطبية والبلاستيك والزجاج والبتروكيماويات، بهدف تعزيز دور القطاع الخاص بالاقتصاد، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة كفاءة الشركات، وتقليل عجز الموازنة من خلال توفير موارد مالية جديدة للدولة.