سجل الدولار مستوى قياسيا أمام الجنيه في تعاملات البنوك الرسمية، بعدما كسر مستوى الخمسين جنيهًا، في الوقت الذي انخفض فيه صافي الأصول الأجنبية بالجهاز المصرفي بنحو 1.1 مليار دولار، ما يثير تساؤلات حول أسباب انخفاض العملة المحلية وتوقعات أدائها المستقبلي.
بحسب بيانات البنك المركزي، تراجع صافي الأصول الأجنبية ليبلغ 9.21 مليارات دولار في أكتوبر مقابل 10.33 مليارات في نهاية سبتمبر السابق عليه، ما يشير إلى وجود التزامات على القطاع المصرفي أكبر من الموارد الدولارية الداخلة له، فصافي الأصول الأجنبية هو أصول البنك المركزي والبنوك التجارية التي تشمل ودائع والمدخرات بالعملة الأجنبية مطروحًا منها التزاماتها (أهمها سداد القروض).
هل توجد أزمة؟
بحسب سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، فإن وصول سعر صرف الدولار في السوق المصرفية إلى مستوى الـ 50 جنيهًا، لا يثير القلق في ظل تطبيق مصر السعر المرن للدولار، موضحة أن زيادة السعر يكون نتيجة ارتفاع الطلب على الدولار.
كان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، قد أكد أن سعر الصرف قد يشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً في حدود 5% خلال الفترة المقبلة، مشددًا على انتهاج الدولة مرونة سعر الصرف، في الوقت الذي يجري فيه صندوق النقد الدولي مراجعة رابعة لبرنامجه الموسع مع مصر، الذي يتم بموجبه تحويل 1.3 مليار دولار للبنك المركزي.
وأكدت الدماطي، أن هناك مجموعة أسباب أثرت على سعر الدولار، فكل الشركات والبنوك والمؤسسات، تتفق على تقفيل الميزانيات في شهر ديسمبر الجاري، وهذا يخلق طلبًا على الدولار، بجانب اقتراب شهر رمضان الذي يتم فتح الاعتمادات الدولارية لشراء احتياجات الشهر الكريم.
ترتفع واردات مصر من السلع قبل شهر رمضان، فبحسب الدكتور إبراهيم عشماوي، مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، فإن حجم إنفاق المصريين على الطعام في شهر رمضان يبلغ 100 مليار جنيه؛ مقابل حجم إنفاق على السلع الغذائية يتراوح من 10 إلى 12 مليار جنيه شهريًا.
ولفتت الدماطي، إلى التزامات الدولة التي تدفعها في توقيتات معينة على حسب الاتفاقيات المختلفة، فضلا عن إتاحة البنك المركزي فتح الاعتمادات لشراء 13 سلعة غير استراتيجية لتحريك السوق، وهو ما يزيد الطلب على الدولار بالبنوك.
ووافق البنك المركزي بشكل نهائي، في نوفمبر الماضي، على إعادة تمويل استيراد 13 سلعة غير أساسية، كانت مستثناة من تمويلات البنوك؛ بهدف تعزيز توفير السلع بالأسواق، من بينها السيارات كاملة الصنع، والهواتف المحمولة وكمالياتها، ونباتات وبذور غذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ، والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال.
يفترض سداد البنك المركزي سداد نحو 33.4 مليار دولار خدمة دين “أٌقساط وفوائد قروض” خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو المقبل، وذلك بعدما سددت مصر خلال العام المالي الماضي الذي انتهى في يونيو 2024 خدمة دين بنحو 32.9 مليار دولار، مقارنة بنحو 25.4 مليار دولار في العام المالي يونيو 2023، بزيادة 29.5% على أساس سنوي، تحت ضغط زيادة أقساط القروض والفوائد بنحو 7.5 مليارات دولار.
ما ينبغي على الحكومة فعله
لكن الدكتور السيد الصيفي، عميد كلية الأعمال بجامعة الإسكندرية، يرصد ظاهرة مستحدثة في تحرك سعر صرف العملة، تتمثل في ارتفاع سعر الدولار مع كل صفقة بيع للأصول؛ مطالبًا الحكومة بتسعير الشركات المطروحة للبيع بالدولار، وليس بالجنيه.
سبق أن فشلت صفقة بيع المصرف المتحد للصندوق السيادي السعودي في فبراير من العام الماضي؛ بسبب خلاف على التقييم، فالصندوق السعودي أراد تقييم البنك بالعملة المحلية، على أن يحدد المبلغ مستحق الدفع بالدولار في وقت الصفقة، وفقا لسعر الصرف في وقت التنفيذ، فيما أراد البنك المركزي الذي يمتلك 99.9% من المصرف المتحد، التقييم بالدولار منذ البداية.
أضاف الصيفي، أن التفاوض مع المشتري على سعر بيع الشركة يجب أن يتم بالدولار؛ لأن زيادة الدولار بجنيه واحد، يكلف موازنة الدولة أكثر من 160 مليار جنيه، لذا أي عملية بيع تحقق خسارة حال بيعها بالعملة المحلية.
يذكر أن الحكومة تعتزم طرح 15 شركة للبيع في العديد من القطاعات حتى يونيو المقبل، من بينها لبنوك والمطارات والمستحضرات الطبية والبلاستيك والزجاج والبتروكيماويات، ضمن برنامج الطروحات الحكومية الذي ناقشته مع صندوق النقد الدولي.
وقد تخارجت “باعت” الحكومة بشكل كلي أو جزئي من 33 شركة خلال العامين الماضيين أبرزها شركات: البنك التجاري الدولي، وأبو قير للأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع، وفوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، والعز الدخيلة للصلب، وباكين، والشرقية للدخان.