كتب- سمير عثمان
عقدت نقابة الصحفيين مؤتمرها العام السادس، مطلع هذا الأسبوع، على مدار ثلاثة أيام و19 جلسة نقاشية، وناقش المؤتمر العديد من التحديات التي تواجه الصحافة المصرية، ومن بينها مستقبل الصحافة الورقية والرقمية في ظل تعدد الوسائط، وكيفية إدارة المؤسسات الصحفية، وقضية الأجور والتشريعات الحاكمة للعمل الصحفي، بالإضافة إلى آليات القيد وتقنين أوضاع العاملين بالصحافة الإلكترونية، وتدريب الصحفيين على الأدوات التقنية الحديثة.
خلص المؤتمر للعديد من التوصيات في المحاور المختلفة، منها وضع خطة بجدول زمني محدد للإصلاح الاقتصادي والمالي في المؤسسات الصحفية، والعمل لزيادة إيرادات المؤسسات الصحفية والصحف عن طريق تطوير أدوات التسويق والاهتمام ببحوث السوق، وإنشاء مصنع للورق بمشاركة عدة مؤسسات، وإسقاط فوائد ديون الضرائب والتأمينات الاجتماعية، على مختلف المؤسسات والصحف العامة والحزبية والخاصة.
كذلك تضمنت التوصيات، استمرار حملة “نحو أجر عادل للصحفيين”، وضمان تفعيل دور المجلس الأعلى للأجور بوضع حد أدنى في جميع القطاعات على المستوى القومي، ومنها الصحافة والنشر، ووضع لائحة جديدة للقيد بالنقابة تراعي التطورات في سوق العمل، وتدريب الصحفيين على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي المختلفة، والإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين، وتبييض السجون من المحبوسين في قضايا النشر والرأي والتعبير، وإصدار قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية، ورفض المؤتمر الممارسات الاحتكارية في مجالي الصحافة والإعلام، كما قرر المؤتمر تشكيل أمانة دائمة لمتابعة تنفيذ التوصيات والمقترحات.
فرصة للإنقاذ
وحول مستقبل الصحافة المصرية، يرى الكاتب الصحفي عبد المحسن سلامة، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن الصحافة الورقية لن تموت، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الغربية لها تجارب ناجحة، موضحًا أن المجلس الأعلى لديه العديد من خطط التطوير التي سيبدأ في تنفيذها؛ من أجل الحفاظ على الصحافة الورقية التي يقارب عمرها من مائتي عام.
وأكد سلامة، أن العديد من الدول الأوروبية لديها تجارب ناجحة في الصحافة الورقية، ويجب أن ندرس النماذج الغربية من أجل الوصول إلى النموذج الأنسب للتطبيق في الصحافة المصرية.
فيما يؤكد عبد الله عبد السلام، مقرر لجنة مستقبل الصحافة بالمؤتمر، أن المحتوى الجيد ومعرفة احتياجات القراء هو أساس الحفاظ على مهنة الصحافة، مشددًا على ضرورة إدخال وظائف وخدمات جديدة من أجل القدرة على تحقيق انتشار أكبر وتوزيع جيد والوصول إلى كل الفئات الجماهيرية.
وأضاف عبد السلام، أن المهنة تواجه العديد من التحديات، منها الاقتصادية والمتعلقة بالمحتوى والتوزيع، بالإضافة إلى التشريعات الحاكمة وضعف الأجور، منوهًا أن توصيات المؤتمر السادس فرصة لإنقاذ المهنة من الأوضاع التي تمر بها.
في سياق متصل، أكد محمود الحضري، مقرر لجنة اقتصاديات الصحافة، أن هناك العديد من الأزمات التي تعاني منها المؤسسات الصحفية، لافتًا إلى أن التمويل هو أحد أهم هذه الأزمات، وهو ما يستلزم تطوير آليات المؤسسات من أجل توفير الوارد اللازمة، والتي من خلالها يمكن أن يكون لدينا صحافة جيدة.
وحول آليات تنفيذ توصيات المؤتمر العام السادس للصحفيين، أكد الحضري لـ”مصر 360″، أن المؤتمر قرر تشكيل لجنة دائمة لمتابعة تنفيذ التوصيات، ورفعها إلى الجهات المعنية، مشيرًا إلى أنه سيتم رفع التوصيات الخاصة بالتشريعات إلى مجلس النواب عن طريق أحد النواب الصحفيين داخل المجلس، كما سيتم تشكيل لجنة لوضع آليات القيد الجديدة بنقابة الصحفيين، مؤكدًا على وجود عدد من التوصيات التي تحتاج إلى تضافر جهود المؤسسات من أجل تحقيقها؛ مثل التعاون لإنشاء مصنع للورق، بدلًا من الاستيراد، لأن هذا البند سيوفر على المؤسسات الصحفية تكلفة الاستيراد، فضلًا عن مخاطبة المؤسسات بضرورة تطبيق الحد الأدنى للأجور، تماشيًا مع التوجيهات الرئاسية التي تم تنفيذها على القطاع الحكومي.
الصحافة تتغير
الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميدة كلية إعلام القاهرة الأسبق، أكدت أن الصحافة التقليدية تتغير مع التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم، مشيرًة إلى أنه لا توجد وسيلة إعلامية لغت وسيلة أخرى، ولكن ذلك يستلزم التطوير المستمر للأدوات المستخدمة ودراسة السوق واحتياجات الجماهير.
وأضافت الدكتورة ليلى لـ”مصر 360″، أن كليات الإعلام بدأت في تعليم طلابها الأدوات الجديدة لمواكبة التطور، ومن أجل تجهيزهم وتسليحهم بالأدوات اللازمة للتطور الذي نشهده، خاصة أنه بدون هذا التطور لا يمكن للصحفيين تلبية احتياجات القراء، وهو ما يؤدي إلى فقدان شرائح كبرى من الجماهير؛ نتيجة عدم تلبية الصحفيين لرغباتهم واحتياجاتهم، مشددةً على أن جودة المحتوى الصحفي هي التي يجب التركيز عليها سواء في الصحافة الورقية أو أي منصة مستحدثة.
على صعيد متصل، أكد أبو السعود محمد، عضو لجنة القيد السابق بمجلس النقابة، وأحد المتحدثين بالمؤتمر، أن التوصيات لها أكثر من شق، منها المتعلق بالتشريعات، والتي كان يجب أن يتم مناقشتها بحضور ممثلين عن الدولة ومجلس النواب المنوط به التشريع.
وأكد أبو السعود في تصريحات خاصة، أنه يجب أن يتم رفع التوصيات إلى المسئولين في الدولة، فيما يخص قضية الأجور والتشريعات، وما يتعلق بالحريات، ثم رفعها إلى المؤسسات الصحفية من أجل تطبيق الحد الأدنى للأجور، وكذلك متابعة تنفيذها مع تلك المؤسسات.
وأضاف، أنه فيما يخص لائحة القيد وتغييرها، فهو متعلق بمجلس النقابة والجمعية العمومية، منوهًا أن آليات تنفيذ التوصيات الخاصة بلجنة القيد، تتضمن تعديلا كاملا للائحة القيد بالنقابة منها تشكيل مجلس أمناء من الجمعية العمومية من ضمن أعضائها رئيس لجنة التدريب ورئيس لجنة القيد، وكذلك أن تكون لدى لجنة القيد قائمة، تسمى بقائمة التشغيل، مهمتها أنه في حالة حاجة أحد المؤسسات لتشغيل صحفيين، تقوم اللجنة بترشيح الأسماء الموجودة على القائمة، موضحًا أن اللائحة التي تقدم بها سيتم عرضها على الجمعية العمومية القادمة للصحفيين من أجل مناقشتها.
إلغاء العقوبات السالبة للحرية
من ضمن التوصيات التي اعتمدها المؤتمر السادس، إصدار قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية، في إطار التنفيذ التشريعي الكامل لنصوص الدستور بحظر توقيع عقوبات سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر والعلانية، عدا التحريض على العنف والتمييز والطعن في الأعراض، والتطبيق الكامل والأمين للضمانات الدستورية التي تكفل حرية الممارسة الصحفية في إطار شامل لحرية الفكر والرأي والتعبير والإبداع والصحافة والطباعة، وإزالة القيود التشريعية على حرية الصحافة بأنواعها.
وفي هذا السياق، أكد المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، وأحد المشاركين في جلسات المؤتمر الخاصة بالتشريعات والحريات، أنه لا توجد آلية لتنفيذ المخرجات الخاصة بالمؤتمر، فيما يخص القوانين المتعلقة بالحريات.
وأضاف البرعي لـ”مصر 360″: أننا نتطلع لتنفيذ التشريعات المتعلقة بالحريات وحرية تداول المعلومات، وهي مخرجات جاءت بعد مناقشات مستفيضة، منوهًا أن مجلس النواب ليس لديه نية لمناقشة هذه القوانين– على حد وصفه-.