واصل رأس المال الخليجي إضافة استحواذات جديدة بالقطاع الصحي المصري إلى جعبته المتخمة بتلك النوعية من الاستثمارات، سواء عبر صفقات الاستحواذ الكاملة المباشرة، أو بالشراكات مع القطاع الخاص المحلي.
وأقرت الجمعية العمومية لشركة “بريميم هيلثكير جروب” التي يرأسها السعودي الدكتور صلاح بن زهري بغدادي، الأحد، عقود الاستحواذ على 5 شركات ومعامل مصرية بقيمة 1.4 مليار جنيه.
“بريميم هيلثكير جروب” كانت حتى وقت قريب تسمى “سيتي لاب”، حتى استحوذت شركة “بريميوم دياجنوستيكس” الإماراتية على حصة 9.37% منها في مايو الماضي في صفقة بقيمة 60 مليون جنيه، وبعدها استحوذ تحالف بقيادة يضم «قمة المشرق الطبية» السعودية، وأذرع مجموعة بريميوم الإماراتية بالمملكة ومصر والولايات المتحدة على نسبة أخرى.
مع الاستحواذ عليها، تم الاستغناء عن اسم “سيتي لاب”، وبدأت في استحواذات سريعة على “معامل حساب” بقيمة 298 مليون جنيه، ومعامل كايروكلينكال بقيمة 59 مليون جنيه، و”خدمات” لإدارة المستشفيات بقيمة 240 مليون جنيه، ومعامل “عز لاب” بقيمة 385 مليون جنيه، وشركة “المعادي لاستحواذات المعامل” بقيمة 478 مليون جنيه.
كما أقرت الجمعية العمومية الاستحواذ على نسبة 50% من شركة العيادة مصر، وشركة التشخيص المتميز-مصر، وPremium diagnostics LLC الإماراتية، والتشخيص المتميز- السعودية، وقمة المشرق الطبية- السعودية بقيمة 233 مليون جنيه، ومن ضمن خطط الشركة التي أعلنتها الاستحواذ على معامل تاون لاب، بقيمة 50 مليون جنيه.
تواجد إماراتي كبير في المعامل
في مايو الماضي، رفعت شركة “جولدمان ساكس إنترناشيونال” الإماراتية حصتها في شركة “مستشفى كليوباترا”، إلى 5.12% من 4.99% مقابل 10.4 ملايين جنيه، وتمتلك مؤسسات إماراتية بالفعل نحو 63% من المستشفى قبل ذلك الاستحواذ.
قامت شركة أبراج الإماراتية قبل عقد ونصف، بشراء معامل البرج التي تضم 926 فرعا، و55 معملاً بيولوجيا أخرى بمليار و260 مليون جنيه. كما اشترت أيضًا معامل المختبر والتي تضم 826 فرعا، بمليار و270 مليون جنيه، وقامت بدمج المختبر والبرج في كيان جديد باسم شركة التشخيص المتكاملة القابضة.
بعدها استحوذت كيانات إماراتية على حصة حاكمة في مختبرات بيولاب الأردنية وألترالاب السودانية بمصر، وقامت بشراء 15 مستشفى منهم النيل بدراوي والقاهرة التخصصي وكليوباترا بإجمالي 6 مليارات و800 مليون جنيه.
السعودية والإمارات تتنافسان على المريض المصري
لم تترك السعودية الساحة للإمارات للعمل وحدها، إذ اقتنصت معامل “كايرو لاب” للتحاليل الطبية الواسعة الانتشار بطول محافظات مصر، ومراكز “تكنو سكان” للأشعة التي تمتلك بدورها 24 فرعًا في محافظات مختلفة.
كما استحوذت على 9 مستشفيات كبرى مثل الإسكندرية الدولي، وابن سينا التخصصي، والأمل، فضلا عن مستشفى العروبة، وجميعها في مناطق راقية معروف عن قاطنيها الإنفاق، كما تمتلك 15% من أسهم مستشفى العيون الدولي.
لماذا التحاليل مهمة للخليجيين؟
بحسب مركز الحق في الدواء، فإن الأشعة والتحاليل هي المرجع الأساسي لتشخيص جميع الأمراض، مطالبا بسن قوانين لحماية خدمة التحاليل الطبية، في مجالات علوم المناعة وأمراض الدم والكيمياء السريرية والطفيليات والأحياء المجهرية والأمراض المعدية والسموم والخلايا والأمراض الجراحية وعلم الوراثة الخلوية وغيرها.
ربما كان ذلك هو الوازع لدخول مجموعة CDC الإنجليزية للاستحواذ على حصة أقلية بمجموعة ألفا الطبية مقابل 100 مليون دولار، من خلال تحالف يضم إفريقيا بلاتفورم كابيتال، وهو مكتب عائلي خبير في القطاع الطبي وتابع لشركة سايمون ريوردز.
وتملك مجموعة ألفا في مصر معامل ألفا للتحاليل الطبية، وألفا سكان للأشعة، بجانب مستشفى الصفا، ولدى ألفا خطة توسعية، تتمثل في إنشاء مدينة طبية على مساحة 60 ألف متر بمنطقة الشيخ زايد غرب القاهرة، بقدرة استيعابية مستهدفة 1000 سرير خلال 5 سنوات.
استثمار في إنفاق المصريين المرتفع على الصحة
بحسب طبيب مشهور، فإن الهدف من تلك الاستحواذات هو الاستثمار في النسبة المرتفعة من الأمراض المزمنة بمصر، فمعروف أن نسبة المدفوعات من المواطنين لنفقات العلاج والرعاية الصحية تمثل 62% من إجمالي الإنفاق، مقابل المتوسط العالمي البالغ 19%.
تحتل مصر المرتبة رقم 10 على مستوى العالم في الإصابة بمرض السكري بنسبة تصل إلى 21%، بما يعادل 11 مليون نسمة، بينما يعاني 40٪ من البالغين بمصر من ارتفاع ضغط الدم، بجانب نحو 59 ألف مريض بالفشل الكلوي، علاوة على أمراض مزمنة أخرى.
ويبلغ عدد مرضى الربو أو حساسية الصدر فى مصر 9 ملايين شخص تقريبا، بجانب 135 ألف مريض جديد بالسرطان سنويا، بحسب الإحصائيات الرسمية.
وتعدُّ مستشفيات مجموعة كليوباترا صاحبة أكبر حصة سوقية منفردة، تصل إلى 8% من عدد الأسرة التي يملكها القطاع الخاص بمصر، تليها مستشفيات ألاميدا بنسبة 7% من الأسرة العلاجية، أي أن الشركتين المملوكتين لمؤسسات إماراتية يديران 15% من أسرة القطاع الخاص بمصر.
يأتي بعدها المستشفى السعودي الألماني بنسبة 4% ومركز العلاج الطبي بنسبة 4%، ومن بعدهما تأتي مستشفى أندلسية التي تملك 2% من أسرة القطاع الخاص، في حين يمتلك ويدير عدد كبير من المستشفيات 75% من الأسرة العلاجية التابعة للقطاع الخاص في مصر، إذ تتفتت الملكيات بينهم.
يقول الطبيب، إن المعامل الحكومية الملحقة بالمستشفيات لا يعمل أغلبها، وحتى في مستشفيات الطوارئ والمستشفيات الجامعية، يتم إجراء التحاليل في المعامل الخاصة، ويكتفي دور المستشفى فقط في سحب العينة من المريض، وإعطائها لذويه لتحليلها في الخارج، ما يجعل الاستثمار في التحاليل “منجم ذهب”.
لكن د. أحمد السبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، قال خلال افتتاح البرنامج التدريبي المتقدم الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية تحت عنوان “التقييم الاقتصادي وتقييم التكنولوجيا الصحية” أغسطس الماضي، إن نسبة الإنفاق على الصحة من جيب المواطن بلغت 59%، وذلك بانخفاض 3% مراهنا على منظومة التأمين الصحي الشامل في تغيير المعادلة.
ويقول الخبير الاقتصادي نادي عزام، إن تلك الاستحواذات لا تتضمن مخاطرة، بل على العكس من شأنها، أن تحسن نوعية الخدمات الصحية المقدمة وتوفير أحدث الأجهزة عالميا، بما يخدم العميل.
أضاف أن قطاع المعامل بمصر يتضمن كيانات كبرى مصرية، ما يبعد خطر التركز، كما تخضع تلك الصفقات لمراجعة جهاز حماية المنافسة.