تواصل الشركات الإماراتية استهداف شركات الأسمدة المصرية بعروض استحواذ ضخمة، ما يثير تساؤلات إزاء تسعير منتج لا غني عنه في قطاع حيوي يرتبط بالأمن الزراعي، ومدى قدرة الشريك الأجنبي على توجيه القرار بالسوق عبر الحصص التي يملكها.

وقدمت شركة “ناس” للاستثمارات القابضة الإماراتية عرض شراء إجباري لشركة سماد مصر “إيجيفرت”، إذ تسعى الشركة الإماراتية لرفع نسبة ملكيتها الحالية، التي تبلغ 32.5% إلى 90٪ دفعة واحدة.

قبل عامين، استحوذ صندوق أبوظبي، السيادي المملوك لدولة الإمارات، على 271.57 مليون سهم في شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية، بما يعادل 21.5% من إجمالي الأسهم، بجانب 20% في شركة مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو“، ما يعادل 45.8 مليون سهم بسعر 5.817 دولارات بقيمة إجمالية 266.6 مليون دولار.

مخاوف من توسع ملكية الإمارات للأسمدة

أسعار الأسمدة اليوم
أسعار الأسمدة اليوم

حذرت دراسة للمعهد المصري للدراسات، من أن بيع الحكومة حصص من أسهمها بمصانع الأسمدة للمستثمرين الأجانب، سيكون سببًا في زيادة أسعار الأسمدة محليًا، نتيجة تفضيل المستثمر تصدير الإنتاج عن البيع بالسوق المحلي، للاستفادة من ارتفاع أسعار الأسمدة بالسوق العالمي.

بحسب المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة بمصر، فإن صادرات مصر من الصناعات الكيماوية والأسمدة، سجلت 8 مليارات دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي، بزيادة 9% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

ما تم تحقيقه في الأشهر الأولى لعام 2024، كان أعلى من الصادرات التي تم تحقيقها في 2023 بشكل كامل، إذ بلغ حينها 6.5 مليارات دولار، و8.63 مليارات دولار تقريبا  عام 2022.

الأرض الزراعية المصرية تحتاج للأسمدة بشدة 

السيد القصير وزير الزراعة السابق
السيد القصير وزير الزراعة السابق

تحتاج الأراضي الزراعية إلى الأسمدة الكيماوية أكبر من غيرها عالميًا، بسبب حرمان التربة الزراعية المصرية من طمي النيل بعد إنشاء السد العالي، وتأثيره على تراجع خصوبة التربة.

السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السابق، قال إبان توليه منصبه، إن الأسمدة تعتبر مكونا رئيسيا ضمن إجراءات دعم التنمية الزراعية المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي وتوفير احتياجات قطاع الزراعة من الأسمدة المختلفة.

يبلغ إنتاج شركتي أبوقير للأسمدة وموبكو 19.5% من الإنتاج بنحو 4.3 ملايين طن، من إجمالي إنتاج مصر من الأسمدة البالغ نحو 22 مليون طن، بإضافة “إيجيفرت” تقترب حصة الشركات الثلاثة عن 20% من حجم الإنتاج بالسوق. 

يقول القصير، إن توافر الأسمدة من أهم المحددات للتوسع في استصلاح الأراضي مع تعظيم الانتاجية الزراعية، والحفاظ على خصوبة التربة مع تدعيم قدرة النباتات على مواجهة الظروف المعاكسة للتغيرات المناخية.

تأتي مصر في المركز الأول عربياً والخامس عالمياً بين كبرى الدول المنتجة لسماد اليوريا، بكمية تصل إلى أكثر من 7.6 ملايين طن سنويًا، وفي طريقها لتكون منتجاً رئيسياً للأسمدة الفوسفاتية بإنتاج حوالي أكثر من  4 ملايين طن.

كما تحتل المركز الثاني عربياً والثالث عالمياً في احتياطيات خام صخور الفوسفات، بكميات تصل إلى حوالي أكثر من 7 ملايين طن، وتعد أيضًا مصدرًا رئيسيًا للأسمدة على الصعيدين المحلي والدولي، إذ تجاوزت صادرات الأسمدة المصرية نحو 6 مليارات دولار في عام 2023، ما مكنها من احتلال المركز الرابع عالمياً ضمن الدول المصدرة لسماد اليوريا.

تشير تقارير البنك الدولي، إلى أن الحصول على الأسمدة هي إحدى العقبات الرئيسية أمام تعزيز إنتاج الغذاء في العديد من البلدان، خاصة المجتمعات النامية والاقتصادات الناشئة.

الزراعة: لا ضرر من الصفقات الإماراتية

يقول مسئول بوزارة الزراعة، إن الشركات المصرية تستفيد من ضخ أموال جديدة بها لتعظيم قيمة أصول الشركة، وإعادة توزيع الأصول غير المستغلة لتحقيق الاستعمال الأمثل لها وزيادة الربحية والحفاظ على استدامة النشاط.

روجت شركة “ناس” في عروض الاستحواذ التي قدمتها إلى خطة لإجراء توسعات استثمارية، وتنمية الأنشطة الرئيسية لـ”إيجيفرت” وزيادة حجم الاستثمارات، والعمل على نمو حصتها السوقية.

خطة “ناس” للاستثمار في “إيجيفرت” تشير إلى تعظيم الإيرادات، وضمان استمرار التدفقات النقدية المستقبلية، وتوفير السيولة النقدية للشركة باستمرار لمواجهة التغيرات، وتجنب الوقوع في أزمات تعيق نمو ها.

تمتلك شركة “إيجيفرت” حصص، بعدد من الشركات بقطاع الأسمدة، مثل شركة “بولي سيرف” للأسمدة بنسبة 7.7% وشركة أبوزعبل للأسمدة والمواد الكيماوية بنسبة 0.07%، ومصر للأسمدة والكيماويات والمخصبات الزراعية بنسبة 2.7%، والشركة المصرية للاستثمارات والمشاريع الزراعية بنسبة 7.5% والشركة العربية للكبريت والخامات والكيماويات المصحونة بنسبة 50%.

يضيف المسئول بوزارة الزراعة، أن الدولة تهتم بزيادة مصانع الأسمدة التي في مقدمتها مجمع الأسمدة الأزوتية بالعين السخنة، كما توفر حوافز للشركات العاملة في مجال انتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء.

مجمع الأسمدة الأزوتية بالعين السخنة
مجمع الأسمدة الأزوتية بالعين السخنة

وتخضع شركة الدلتا للأسمدة لعملية تأهيل حاليا لتشغيل مصنعي اليوريا، والأمونيا (المغلق منذ سنوات) ورفع طاقته الإنتاجية إلى الحد الأقصى البالغ 1400 طن يوميًا.

رفع طاقته الإنتاجية إلى الحد الأقصى البالغ 1400 طن/ يوم،

ووضعت الدولة خطة لتطوير صناعة الأسمدة لإضافة 3.5 ملايين فدان جديدة للمساحة المزروعة في الدلتا الجديدة وتوشكى وسيناء من بينها تطوير مصعني الأمونيا واليوريا بشركة الدلتا للأسمدة، ومصنعين لنترات الأمونيا وحامض النيتريك (مركبات أساسية في صناعة الأسمدة) في شركة كيما وتوقيع مذكرات لإقامة 12 مشروعا لإنتاج الأمونيا الخضراء وعدد من مشروعات الميثانول.