تشبعه حزنا وغضبا من الانكسارات التي عصفت بجبهتي المقاومة العربيتين اللتين بقيتا ناشطتين ضد الاغتصاب العنصري الصهيوني للحقوق العربية، حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، دفع الكاتب والمحلل السياسي عبد العظيم حماد نحو كتابة سلسلة مقالات يعتبرها “عملية مراجعة كبرى لكل اختياراتنا الأساسية، نحن شعوب المنطقة المسماة بالشرق الأوسط في السياسات الداخلية والخارجية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي وصلت إلى فشل، لا مراء فيه على جميع الجبهات تقريبا اقتصادا وسياسة وثقافة وتعليما.. إلخ، فضلا عن الاستسلام الصامت، (بل والمشجع أو المغتبط أحيانا) لسياسة الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية.
وتهدف المراجعة، حسب كاتبها إلى طرح بدائل لمجموعة الاختيارات والسياسات الكبرى التي تبنتها التيارات الرئيسية في الحكم والسياسة، ومن ثم في الحرب والسلام في المنطقة.
ولأن البداية لا يمكن أن تكون غير فلسطين، يبدأ الكاتب سلسلة المراجعة بنظرة الي مستقبل فلسطين؛ الدولة والقضية، ليكشف استحالة حل الدولتين، لاستحالة فرضه بالقوة على إسرائيل، وكيف أن طرح حل الدولتين يسهل لإسرائيل وحلفائها الإمبرياليين الهروب من القضية الفلسطينية كقضية حقوقية وقضية تحرر وطني، مع الإشارة إلى أن حل الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية للفلسطينيين واليهود، كان هو مشروع الحركة الوطنية الفلسطينية الأصلي، الذي تكاتفت القوى العالمية والإقليمية لإسقاطه.
ثم ينتقل إلى جوهر وفلسفة الحكم والسياسة في الإقليم، والتي لا تتسق مع مبدأ حل الدولة الديموقراطية الواحدة للقضية الفلسطينية.
ويطرح حماد هنا مفهوم دولة المواطنة والحريات، باعتباره إجابة التاريخ على فشل حقبة الجمهوريات العسكرية ذات الأيديولوجيات القومية، والتي انتدبت نفسها وصية على القضية الفلسطينية، ثم تبنت مشروعات مختلفة للوحدة العربية، باءت كلها بالفشل.
ويقترح نظاما إقليميا جديدا، يقوم على التعاون الاقتصادي والأمن الجماعي، ليس من منطلق الهوية والقومية المتطرفة والأصولية الدينية، ومن البديهي، أن القول بالتعاون والأمن الجماعي يتناقض تماما ونهائيا مع أية خطط أو نزعات للهيمنة الإقليمية، كالتي تفكر فيها إسرائيل حاليا، منفردة، أو بالتعاون مع آخرين.
وإجابة عن سؤال، يرى الكاتب، أنه لا بد وأن يتبادر إلى أذهان الكثيرين، وهو ما مدى واقعية أي تحليل ينطوي على تنبؤات واقتراحات، ويفترض أن إسرائيل ستتعاون مع هذه المراجعات الكبرى، وتقبل البدائل المذكورة.
وفي حين يقر الكاتب بأنه للوهلة الأولى يبدو أنه لا شيء يضطر إسرائيل لقبول عشر معشار ما نقترحه، بعد أن نجحت في حربها على جبهات غزة ولبنان وسوريا في تصفية كل مصادر التهديد الأمني حولها، إلى أجل غير مسمى، يعود ليتوقف عند مشكلة، توجد دائما بعد الحروب، وهي ما يسمى بمشكلة اليوم التالي، سواء كانت نتيجة الحرب هي النصر أو الهزيمة.
ويقدم الكاتب رهاناته على “القنبلة السكانية” الفلسطينية، التي تخشى منها إسرائيل على هويتها اليهودية، والتي كانت دائما هي الحائل دون تحقيق مشروع اليمين القومي الديني الحاكم لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بالذات.
لقراءة المراجعات كاملة :