تواصل إنفلونزا الطيور التفشي عالميًا، بعدما ضربت قطعان للدواجن والبط في أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط، فضلاً عن ظهور متحور جديد لها قادر على إصابة الفئران، ما يسمح بانتشار أوسع، لقدرة تلك الحيوانات الصغيرة على التنقل بين مزارع الدواجن والأبقار وكذلك المنازل.

وكشفت دراسات جديدة عن تنقل الفيروس بين البشر دون أعراض، خاصة بين الأطباء البيطريين، ما زاد المخاوف، من أن كل إصابة بشرية مكتشفة توجد العديد من الحالات غير المكتشفة، ما يتيح فرصة لتطور إنفلونزا الطيور أو اتحادها مع الإنفلونزا الموسمية، ما قد يؤدي إلى تحور غير متوقع في القوة والانتشار.

إعدام ملايين الطيور.. وأزمة بالبيض

قتل الفيروس نحو 17.2 مليون دجاجة بياضة في شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي في الولايات المتحدة، ما يمثل نحو نصف جميع الطيور التي قتلتها إنفلونزا الطيور عام 2024، ويواصل الانتشار حاليًا؛ مسببا أزمة في البيض، ما اضطر أمريكا للاستيراد من تركيا.

وفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية، بلغ متوسط السعر بالجملة للبيض في الولايات المتحدة 7.34 دولارات لعدد 12 بيضة، وهو رقم قياسي جديد، بينما اختفى البيض من أرفف المتاجر، وكذلك البدائل النباتية للبيض المستخدمة في صناعة المخبوزات.

بلغ متوسط السعر بالجملة للبيض في الولايات المتحدة 7.34 دولارًا لعدد 12 بيضة
بلغ متوسط السعر الجملة للبيض في الولايات المتحدة 7.34 دولارات لعدد 12 بيضة

وأعدمت المملكة المتحدة، ما يقرب من 1.8 مليون طائر في المزارع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مع اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الأمن الغذائي، ومنع المزيد من تفشي الفيروس شديد الإمراض في جميع أنحاء المملكة المتحدة وويلز وأسكتلندا.

كما أعدمت اليابان 5 ملايين طائر خلال شهر واحد، ليبلغ إجمالي عدد الطيور التي تم إعدامها خلال الموسم الحالي 8.1 ملايين طائر، ما يثير مخاوف بشأن استقرار إمدادات الدواجن، كما بدأت أسعار البيض في الارتفاع ببطء، الأمر الذي قد يؤثر على المستهلكين والصناعات الغذائية على حد سواء.

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتحديد تفش سادس لإنفلونزا الطيور هذا الشتاء في مزرعة للديك الرومي في مُستوطنة كفار فيتكين الزراعية، وإعدام حوالي 19 ألف طائر  في ستة حظائر لاحتواء التفشي، وإنشاء منطقة حجر صحي في نطاق يصل إلى 10 كيلو مترات من المزرعة التي عثر فيها على التفشي.

لماذا ينتشر بسرعة؟

بحسب أول دراسة عن تفشي إنفلونزا الطيور من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بأمريكا، فإن المشكلة ستتفاقم، إذ تبين أن متحور إنفلونزا الطيور H5N1 كان منتشرًا بين الطيور البرية، ولكن يتم اكتشافه حاليا في الماشية والمتعاملين معها، كما تسبب في مقتل القطط، وتم اكتشافه في الفئران أيضًا.

ومع تحليل عينات الدم التي تم جمعها من 150 طبيبًا بيطريًا، عملوا مع الماشية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وجدوا أن ثلاثة منهم لديهم أجسام مضادة لفيروس H5N1، ما يشير إلى إصابات حديثة بينهم، والغريب أنهم لم تظهر عليهم أية أعراض.

الفيروس ينتقل بين الأبقار.. والعدوى تنتقل عبر اللبن

ظهور نوع من فيروس H5N1 في الأبقار الحلوب لأول مرة
ظهور نوع من فيروس H5N1 في الأبقار الحلوب لأول مرة

في الأسبوع الماضي فقط، ظهر نوع من فيروس H5N1 في الأبقار الحلوب لأول مرة، ويخشى بعض العلماء، أن يؤدي هذا الانتشار إلى تفاقم المتاعب التي تواجه الجهود الرامية إلى وقف انتشار المرض وتطعيم الأبقار الحلوب في نهاية المطاف، وجاء الاكتشاف بعد موت القطط في العديد من مزارع الألبان، وتبين تناولها الألبان الطازجة.

كما أضافت وزارة الزراعة الأمريكية الفئران السوداء إلى القائمة المتنامية من الثدييات التي أصيبت بفيروس إنفلونزا الطيور H5N1 لتنضم لـ 50 نوعًا من الثدييات في أمريكا الشمالية، أشهرها الظربان “حيوان الغرير” والقطط المنزلية والدلافين وأسود الجبال والذئاب، بجانب عشرات الآلاف من الأبقار الحلوب، إذ تم تأكيد الإصابة في 973 قطيعًا على الأقل في 17 ولاية أمريكية.

وقررت مدينة نيويورك إغلاق أسواق الطيور الحية لمدة أسبوع؛ بهدف إبطاء انتشار إنفلونزا الطيور بين الدواجن، وتقليل فرص تحور الفيروس في أنواع مختلفة، خاصة مع اكتشاف حالات إصابة به بين البشر، وحدوث أول حالة وفاة.

وحذر ريتشارد ويبي، مدير مركز منظمة الصحة العالمية لدراسات بيئة الإنفلونزا، من خطر اندماج فيروس إنفلونزا الطيور مع الإنفلونزا الموسمية البشرية، ما قد يُنتج فيروسًا شديد العدوى بين البشر، بينما قال الدكتور مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسات في جامعة مينيسوتا، في تصريحٍ لـ«أكسيوس»، إن حجم الضرر الذي لحق بمزارع الدواجن، وخاصةً مزارع البط، خلال الأشهر الثمانية الماضية، يعد أمرًا بالغًا.

هل سيتحول لوباء؟

فيروس H5N1 دمر قطيع دجاج في مزرعة شديدة الحماية
فيروس H5N1 دمر قطيع دجاج في مزرعة شديدة الحماية

خلال الأيام القليلة الماضية، وجد الأطباء البيطريون الحكوميون في جمهورية التشيك أنفسهم في خضم قضية محيرة، ففيروس H5N1 دمر قطيع دجاج في مزرعة شديدة الحماية بيولوجيًا، فالمياه في المزرعة مفلترة مع مراوح عملاقة، تخلق تدفقًا للهواء في اتجاه واحد، وبرنامج يمنع دخول الحيوانات البرية من الدخول، والموظفون يتبعون الحماية البيولوجية، ولا يربون دجاجهم في المنزل.

وقاد تحقيقهم الباحثين إلى استنتاج، أن هذه الحالة بالذات تنطوي على مجموعة مميزة من الظروف “المناسبة تمامًا” التي سمحت للفيروس بالانتشار إلى مزرعة الدجاج من خلال الرياح، وقال الدكتور ريتشارد ويبي، إن فكرة احتمال انتقال الفيروس عن طريق الرياح موجودة منذ فترة من الزمن، ومن الصعب للغاية إجراء قياسات حقيقية، والحصول على بيانات قاطعة.

ما موقف مصر؟

قال مصدر مسئول بوزارة الزراعة لـ”مصر 360″، إن الهيئة العامة للخدمات البيطرية لم ترصد أي حالة إصابة بإنفلونزا الطيور خلال موسم الشتاء الحالي، مضيفا أنه يتم اتخاذ إجراءات مستمرة وحملات رقابية؛ للتأكد من عدم ظهور أي أمراض بين قطعان الماشية أو الطيور، خاصة أن مصر تنفذ برنامج المنشآت المعزولة التابع للمنظمة العالمية للصحة الحيوانية.

حينما تعرضت مصر لموجة إنفلونزا الطيور للمرة الأولى عام 2006، حيث تعرض قطاع الإنتاج الداجني لأزمة غير مسبوقة، إذ تم إعدام 40 مليون طائر، وتم خلال الفترة الممتدة بين عامي 2006 و2017، الإبلاغ عمّا يزيد عن 350 إصابة بشرية، ووفاة قرابة 120 شخصًا.

يضيف المسئول، أنه لم يتم الإبلاغ عن أية إصابة بشرية بالفيروس منذ عام 2017، وتراجع ظهور إنفلونزا الطيور وانتشارها في مجموعات الدواجن بفضل الجهود الحكومية وحملات التوعية بين المربين، وتدريب ما يزيد عن 600 طبيب بيطري ميداني و260 من مقدمي خدمات الصحة الحيوانية، وأكثر من 100 من طواقم التطعيم وآلاف من منتجي مزارع الدواجن.