كتبت- إيمان رشدي
221 حالة اغتصاب ضد الأطفال في السودان منذ بداية عام 2024، من بينهم 147 طفلة – أي 66 % من الضحايا، بينما بلغت نسبة الذكور 33 بالمائة.
الحالات وثقها تقرير مروع في تفاصيله وإجماله حمل عنوان “أزمة اغتصاب الأطفال والعنف الجنسي في السودان” صادر مؤخرا عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”.
وقائع صادمة وثقها التقرير بينها وجود 16 ضحية، تقل أعمارهم عن 5 سنوات، بينهم أربعة أطفال يبلغون من العمر سنة واحدة.
تم الإبلاغ عن الحالات في تسع ولايات في السودان، بينما تم الإبلاغ عن 77 حالة إضافية من الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، معظمها حالات محاولة اغتصاب.
المنظمة الأممية قالت في تقريرها، إن هذه الأرقام لا تمثل سوى جزء يسير من إجمالي الحالات؛ لأن الناجين وأسرهم غالبا، ما يترددون أو يعجزون عن الإبلاغ؛ بسبب صعوبات الوصول إلى الخدمات والعاملين في الخطوط الأمامية، والخوف من الوصم أو الخوف من الرفض من أسرهم أو مجتمعهم، ومن الانتقام من الجماعات المسلحة أو الخوف من الانتهاكات المتعلقة بسرية المعلومات.
روايات الناجيات والشاهدات

نزح الملايين من الناس من ديارهم منذ بدأ الصراع في السودان في إبريل 2023، ما أدى لتهجير 11 مليون شخص، وترتب عليه ارتكاب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، من بينها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال.
تسبب الصراع في أزمة إنسانية، تنوعت ملامحها بين المجاعة والمرض والنزوح، وهي الانتهاكات التي تصدرت عناوين الأخبار، بينما غابت التغطية عن الأزمات والمحن المتعلقة بارتكاب العنف الجنسي على نطاق واسع ضد الأطفال، والتي تنتهك بشكل واضح أحكام القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان لحماية المدنيين، وخاصة الأطفال.
وعبر 22 ورقة سلط تقرير اليونيسف الضوء على أصوات النساء والفتيات اللاتي أجرت اليونيسف مقابلات معهن، واللاتي تعرضن للاغتصاب في محاولة لزيادة الاهتمام والحماية والمساعدة التي يتلقينها.
كشف التقرير في الجزء الأول منه عن حجم وشكل الأزمة مصحوبا بروايات الناجيات والشاهدات، كما سلط الضوء على الخسائر الفادحة للعنف الجنسي في السودان
تروي أحدي الناجيات” أجبروني على ركوب سيارة كبيرة، وأخذوني إلى مكان بجوار السكة الحديدية، واغتصبت من قبل ثلاثة أشخاص، لم أستطع مواجهة عائلتي بما حدث لي، جلست في الشارع، حتى استجمعت قواي، ثم دخلت، الآن أنا حامل في الشهر التاسع، كنت على وشك الانتحار، هذا ما حدث لي”.
فيما كشف الجزء الثاني، والذي جاء بعنوان- فتيات أجبرن على أن يصبحن أمهات- عما يواجه هؤلاء النساء والفتيات اللاتي يحملن نتيجة الاغتصاب.
يواجه هؤلاء تحديات فريدة من نوعها، فالعزل الاجتماعي الذي يعانين منه، قد تكون له عواقب طويلة الأمد، بما في ذلك التأثير على فرص عملهن، وقبولهن من جانب الأسرة والمجتمع، أو قدرة الطفل على الوصول إلى الخدمات.
وفي بعض الحالات تؤدي هذه التحديات إلى وضع الأطفال في رعاية أسر حاضنة، والتخلي عنهم بالتبني، وقد يصل الأمر إلى التخلي عنهم مطلقا.
وأفاد أحد المراكز التي توفر رعاية مؤقتة للرضع، أنه يرعى 77طفلاً خلال عام 2024، مقابل 64 طفلاً في عام 2023، ويرجع ذلك حسب المركز إلى حد كبير لولادة الأطفال؛ نتيجة الاغتصاب.
كما وثق التقريرــ خلال الفترة من ديسمبر 2024 إلى يناير 2025ــ عشرات الروايات المباشرة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك حالات تتعلق بضحايا العنف الجنسي ضد الأطفال، تمت في أوقات مختلفة سواء عند مداهمة المنازل من قبل الجماعات المسلحة، أو حتى أثناء القيام بأنشطة الحياة اليومية، مثل جلب المياه أو الذهاب إلى السوق.
واختتم التقرير، بأن الاعتداءات لا تقتصر على تلك التي يرتكبها أفراد الجماعات المسلحة فحسب، حيث تشير التقارير المباشرة، خاصة من العاملين في الخطوط الأمامية، إلى ارتفاع معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي المرتكب داخل المجتمع ضد النازحين داخلًيا، حيث تحدث هذه الانتهاكات في الملاجئ ومواقع النازحين غير الرسمية.
خطوات مطلوبة

اختُتِم التقرير، بأن وجه اليونيسف دعوته بضرورة انتهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتبط بالصراع على الفور، وتنص اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على حظر مثل هذه الأفعال في حالات النزاع.
وقالت اليونيسف، إنها ستواصل مطالبة حكومة السودان وجميع الأطراف باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان لحماية المدنيين، وخاصة الأطفال.
وإعطاء الأولوية لأنظمة البيانات الآمنة والأخلاقية، سواء للمساعدة في تعزيز الاستجابة الإنسانية أو كجزء من جهود أوسع لمحاسبة الجناة.