تتسم المؤسسات الإماراتية بحالة من النهم، فيما يتعلق بالاستحواذ على البنوك العاملة بمصر باعتبار القطاع المصرفي شديد الربحية، فأرباحه الصافية خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2024 بلغت 426.91 مليار جنيه، مقابل 213 مليار جنيه في الفترة ذاتها من 2023، بارتفاع 100%.

أنهى بنك “الإمارات دبي الوطني” أعمال الفحص النافي للجهالة بغرض الاستحواذ على “بنك القاهرة”، لكن لم يتم حتى الآن إعلان عن العرض المقدم من البنك الإماراتي لـ”المركزي المصري“، الذي قام بتعيين بنك الاستثمار «سي آي كابيتال» مستشارًا ماليًا للبيع.

قام بنك “الإمارات دبي الوطني” بتعيين أحد بنوك الاستثمار مستشارا ماليا لصفقة الاستحواذ على بنك القاهرة، واختار مكتب معتوق بسيونى مستشارا قانونيا، وأنهى مقابلات مع مسئولي بنك القاهرة من الإدارة ورؤساء القطاعات للحصول على كل البيانات والاستفسارات اللازمة، لكن لم يتم حتى الآن اتخاذ خطوة جديدة.

حال إتمام الصفقة، سيصل حجم أصول بنك الإمارات دبي الوطني في مصر إلى أكثر من 627 مليار جنيه؛ ليصبح خامس أكبر كيان مصرفي بمصر، ومن غير المعروف، ما إذا كان البنك الإماراتي سيبقي على اسم بنك القاهرة كما هو، أم سيقوم بتغيير الاسم إلى مسمى الشركة الأم (بنك الإمارات دبي الوطني مصر على سبيل المثال)، مثلما حدث مع بعض البنوك الأخرى التي اشترتها كيانات خليجية في مصر.

استحواذات كبيرة

قبل صفقة بنك القاهرة قامت بنوك إماراتية بالعديد من الاستحواذات بالسوق المحلية مثل، بنك أبوظبي الإسلامي– مصر الذي استحوذ على البنك الوطني للتنمية المصري عام 2007، وتم تغيير اسم البنك لاحقًا ليصبح “أبوظبي الإسلامي– مصر”.

كذلك استحوذ بنك الإمارات دبي الوطني على بنك “بي إن بي باريبا. مصر”ـ الذي يملك 69 فرعاً في مصر في صفقة بقيمة نصف مليار يورو، كما استحوذ بنك أبوظبي الأول– مصر على بنك عودة– مصر بقيمة 600 مليون دولار، وتم تغيير الاسم إلى بنك أبوظبي الأول مصر.

كما استحوذت الإمارات أيضًا على نسب من البنوك، وليس البنوك بالكامل مثل استحواذ شركة أبوظبي القابضة على 18% من أسهم البنك التجاري الدولي (CIB) أكبر البنوك الخاصة بمصر، وقبل الاستحواذات تعمل بنوك إماراتية في مصر مثل، بنك المشرق– مصر، وبنك الاتحاد الوطني– مصر، الذي اندمج لاحقًا مع بنك أبوظبي التجاري.

هل يستحق بنك القاهرة البيع؟

بحسب دراسة للخبير الاقتصادي نبيل حشاد، فإن التجارب العملية تؤكد أن نجاح حالات دمج واستحواذ البنوك، رهن بمدى ما تحققه من زيادة في درجة المنافسة وكفاءة القطاع المصرفي، لكنه يؤكد أنها جيدة بالنسبة للبنوك الصغيرة، إذ تخلق كيانات مصرفية كبيرة قادرة على تمويل المشروعات الاقتصادية الكبيرة، والتي تكون ذات جدوى اقتصادية، في حين يصعب تمويل مثل هذه المشروعات في وجود قطاع مصرفي معظم وحداته صغيرة الحجم.

ووفقا للدراسة سالفة الذكر، فإنه كان الأولى من قبل الحكومة طرح بنوك حكومية صغيرة مثل، البنك المصري لتنمية الصادرات أو بنك التنمية الصناعية، وترك بنك القاهرة الذي حقق أرباحاً قبل الضرائب بلغت 17.9 مليار جنيه خلال عام 2024، بزيادة 64% عن أرباح عام 2023 التي بلغت 11 مليار جنيه، كما حققت ودائع العملاء ارتفاعاً بقيمة 50 مليار جنيه لتصل إلى 352 مليار جنيه بنسبة زيادة 17% بنهاية ديسمبر 2024

رؤية.. يخدم مصر

يقول مسئول بالبنك المركزي، إن تواجد تلك البنوك مهم ويخدم الاقتصاد المصري في جذب الاستثمارات الأجنبية، مثل بنك أبوظبي الأول الذي كان الأول في جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر لعام 2024 بتوجيه الاستثمارات الأجنبية في الأسواق العالمية التي يعمل بها إلى السوق المصرية ودعم عمليات التصدير والاستثمار الخارجي.

يضيف أن دخول البنوك الخليجية بمصر ساهم في تطوير الخدمات ومد مظلة ماكينات الصرافة لجميع ربوع الجمهورية وتوفير سيولة دولارية لدعم الاقتصاد المصري عبر القروض التي تبرمها فروع البنوك الخليجية في مصر مع فروعها بالدول الأم.

أضاف أن بنك الإمارات لو قدما عرضًا لا يتناسب مع قيمة البنك سيتم رفضه، موضحا أن بنكي الأهلي ومصر يمتلكان وحدهما حوالي 50% من قيمة الأصول بالجهاز المصرفي، يليهما البنك التجاري الدولي والبنك العربي الإفريقي، بينما يحتل بنك القاهرة المركز السادس من حيث قيمة الأصول، كما يمتاز بأن حجم الديون المتعثرة لا يتعدى 4.5%.

أضاف أنه توجد 5 بنوك إماراتية في مصر من بين 37 بنكا أي حوالي 13.5% من إجمالي البنوك، لكن البنوك الأجنبية كلها ليست لديها القدرة على التحول لكيان مسيطر، كما أن البنك المركزي لديه الآليات القانونية التي تضمن عدم مخالفتها، فاختيار أي رئيس لأي بنك مصري، لا بد أن يكون بموافقة البنك المركزي.

يقول نادي عزام الخبير الاقتصادي إن تواجد البنوك الأجنبية لا يضر لكن يجب على مصر أن تعمل على استقطاب بنوك أجنبية متنوعة وعدم التركيز فقط على البنوك الخليجية من أجل تنويع الخبرات، فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية.

أضاف أن القطاع المصرفي المصري من القطاعات القوية التي يحكمها ضوابط صارمة، لكن يجب الاهتمام بالصيرفة الخضراء وتعزيز الممارسات الصديقة للبيئة، وتخفيض البصمة الكربونية في الأنشطة المصرفية، وهي مجالات تمثل المستقبل في العالم حاليًا، بجانب التوسع في خدمات الرقمنة بمصر والقضاء على المشكلات المعتادة الخاصة بسقوط السيستم التي تعطل الأعمال في البنوك.