كتبت- دعاء عبد المنعم
162 حالة فصل تعسفي، طالت عاملين بمجالي الصحافة والإعلام، خلال الفترة من 2022 وحتى العام الماضي، بينها 18 حالة في عام 2024.
مشهد الفصل التعسفي ليس أقل قتامة في باقي القطاعات، رغم عدم وجود أرقام دقيقة حول عدد حالات الفصل التعسفي أو التهديد بها خلال العام 2024 الذي وصفته لجنة العدالة بأنه شهد تدهورا ملحوظا للأوضاع العمالية، تزامن وأزمة اقتصادية متفاقمة أثرت بشكل مباشر على معيشة العمال وحقوقهم الأساسية.
والفصل التعسفي، هو فصل الموظف من وظيفته بطريقة قاسية أو غير عادلة من قبل صاحب العمل، وإصداره قرار الفصل بشكل منفرد قبل انتهاء مدة العقد المحدد، دون توجيه أو إنذار للعامل يبين فيه الأسباب التي أصدر على أساسها قرار الفصل.
وكان البرلمان قد وافق مؤخرا على مشروع قانون العمل الجديد، الذي يفترض أنه يوفر مظلة حماية أكثر فاعلية ضد الفصل التعسفي حسب مشرعيه.
ولقي القانون الجديد إشادة من قبل وزراء العمل العرب على هامش مؤتمر العمل العربي المنعقد خلال الأيام الجارية، بينما تعرض لانتقادات نقابية وحقوقية عند عرضه على البرلمان .
وفيما يخص الفصل التعسفي تحديدا، طالبت النقابات والمنظمات الحقوقية المعنية بغلق الباب الخلفي للفصل التعسفي من خلال السماح بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة، ووجوب أن يكون الإخطار قبل ستة أشهر على الأقل، ومن خلال القاضي الوقتي بالمحكمة العمالية، وضرورة إدماج النقابات المهنية في الإجراءات المقررة، والتشكيلات المركزية والإقليمية.
بين قانونين للعمل
حدد قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، الحالات التي يجوز فيها فصل العامل، حيث يتم توقيع جزاء الفصل على العامل مشروطا بشرطين مجتمعين: أن يثبت ارتكابه خطأ جسيما وفقا للمادة (69)، وأن توقعه المحكمة المختصة وفقا للمادة (68) من القانون، ويعتبر غير ذلك فصلا تعسفيا، ويحق للعامل المطالبة بالتعويض من صاحب العمل وفقا لأحكام القانون.
بينما في مشروع القانون الجديد يمنع الفصل التعسفي، ونظم الحالات التي يجوز فيها فصل العامل، وأن الفصل لن يتخطى مدة 3 شهور في أي قضية عمالية، كما أكد على حصول العامل على أجره في حال انتهاء عمله، كما حدد القانون المسئول عن جزاء الفصل من العمل، بالإضافة إلى مراعاة حقوق النساء العاملات وحمايتهن ضد الفصل التعسفي.
حيث تم إلغاء استمارة 6، وهي استمارة يُقدمها صاحب العمل للتأمينات الاجتماعية أو الجهات الحكومية التي تُثبت إنهاء خدمة المؤمن عليه في المنشأة، والتي تستخدم كورقة ضغط من قبل صاحب العمل في بعض أماكن العمل لعدم مطالبة العمال بحقوقهم في حالة الاستغناء عنهم.
ومن ناحية حقوق النساء العاملات، نصت المادة (55) من مشروع القانون الجديد على أن “يحظر فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الوضع. كما يحظر فصلها أو إنهاء خدمتها عقب عودتها من هذه الإجازة، ما لم يثبت صاحب العمل أن الفصل أو إنهاء لسبب مشروع”.
وأكدت المادة (108) من القانون الجديد على أخذ العامل أجره في حالة انتهت علاقة العمل، حيث نص البند الرابع من المادة على “إذا انتهيت علاقة العمل لأي سبب يؤدي صاحب العمل للعامل أجره وجميع المبالغ المستحقة له في مدة لا تجاوز 7 أيام من تاريخ مطالبة العامل بهذه المستحقات”.
كما نظمت المادة 145 من القانون الجديد حالة وقف صاحب العمل للعامل مؤقتًا بمدة لا تزيد عن 60 يوم بموجب قرار مكتوب مع صرف أجر كامل، وذلك في 3 حالات وهي: في حالة مخالفة ارتكبها العامل داخل مقر العمل، أو اتهم العامل بجناية أو جنحة مخلفة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو أي جنحة داخل محل العمل، أو طلب صاحب العمل من المحكمة العمالية المختصة فصل العامل من الخدمة.
ويشير القانون الجديد إلى حالات فصل العامل من عمله، حيث يتم الفصل في حالة أنه ارتكب خطأ جسيما، وحدد القانون الجديد 8 حالات للأخطاء الجسيمة، حيث اتفق القانون الجديد مع القديم في 3 حالات للأخطاء الجسيمة، الأولى وهي: (إذا ثبت انتحال العامل لشخصية غير صحيحة أو قدم مستندات غير صحيحة، أو إذا ثبت ارتكاب العامل لخطأ نشأت عنه أضرار جسيمة لصاحب العمل، بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه. وإذا تكرر من العامل عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والمنشأة، بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة في مكان ظاهر رغم التنبيه عليه كتابة بمراعاة ذلك).
وبينما جرى حذف الخطأ الجسيم الرابع من القانون القديم، وتم استبداله بالبند الخامس من القديم في مشروع القانون الجديد الذي ينص على “إذا ثبت أن العامل أفشى أسرار المنشأة التي يعمل بها وأدت إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة”، لكي يصبح الخطأ الرابع في القانون الجديد.
وكما جاءت الأخطاء الباقية الخامسة والسادسة والسابعة كما هي في القانون القديم، وهي بالترتيب: (إذا قام العامل بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه. إذا وجِد العامل أثناء ساعات العمل في حالات سكر بين أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة. إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام، وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه).
كما تم تعديل الخطأ الأخير، الذي كان ينص على إذا ثبت عدم مراعاة العامل الضوابط الواردة في المواد (192)، (194) من القانون”، لتصبح المواد (231، 232، 233) من القانون الجديد.
وفي جميع الأحوال، أكد القانون الجديد لا يجوز الفصل من الخدمة إلا وفقا لأحكام هذا القانون، كما أكد المشروع الجديد على أن يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من العمل للمحكمة العمالية المختصة، بينما تكون باقي الجزاءات التأديبية لصاحب العمل أو من يفوضه لذلك، والذي يتفق مع مواد القانون القديم.
وأكد القانون الجديد على أن يصبح العامل مستقيلا من عمله بدلا من فصله، إذا تغيب بدون مبرر مشروع أكثر من عشرين يوما متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية، على أن يسبق ذلك إنذار كتابي بخطاب موصى عليه بعلم الوصول من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى، وبعد غيابه خمسةأيام في الحالة الثانية.
أضاف المشروع الجديد التاكيد على ضرورة التزام صاحب العمل مهلة الإخطار للعامل بإنهاء عقد العمل، والتزام بأحكام قانون التأمينات والمعاشات، كما يحظر صاحب العمل إنهاء عقد عمل للعامل المريض، إلا إذا استنفد كافة إجازاته وعليه إخطار العامل قبل مضي 15 يومًا من تاريخ استنفاد العامل إجازاته.