بدأت وزارة المالية دراسة مشروع قانون لفرض ضريبة إضافية موحدة على صافي أرباح الشركات كبديل للرسوم المتعددة التي تفرضها الجهات الحكومية على المستثمرين، والتي كانت أحد معوقات الاستثمار على مدار السنوات الماضية.

يدفع المستثمرون في بعض القطاعات ما بين 10 و15 نوعًا من الرسوم بخلاف الضرائب العامة، ما يجعل الأعباء الإجمالية تتجاوز 35% من إجمالي الإيرادات، وهو أمر يمثل عقبة أمام أي مشروع جديد، خاصة إذا كان صاحب المشروع مستثمرا أجنبيا.

 تعتبر صناعة الحديد والصلب مثالاً حيًا على تعدد الرسوم، فالمستثمر يدفع نصف مليار جنيه فقط للحصول على رخصة، وفي قطاع الدواء يدفع المستثمر حوالي 100 ألف جنيه لتسجيل ملف دواء واحد فقط.

في مشروع القانون الجديد الذي تدرسه وزارة المالية، سيتم إلغاء جميع الرسوم المفروضة على المستثمرين واستبدالها بضريبة واحدة، وهو أمر سيلغي بعض المشكلات الأخرى بخلاف الأعباء الضريبية مثل البيروقراطية والفساد، وتقديم مبالغ مالية من الباطن لإنهاء بعض المصالح.

إلغاء جميع قوانين الرسوم واستبدالها بضريبة

قال مسئول بوزارة المالية، إن مشروع القانون سيستغرق بعض الوقت لحصر جميع القوانين الخاصة بفرض الرسوم التي يدفعها المستثمرون من أجل إلغائها بعد إقرار مشروع القانون الجديد، الذي من المرجح تقديمه في الربع الأخير من 2025 (سبتمبر ـ ديسمبر 2025) ـ

تبلغ الإيرادات الضريبية المتوقعة خلال السنة المالية المقبلة 2.6 تريليون جنيه بنسبة 13% من الناتج المحلي، وتستهدف 3.9 تريليون جنيه في العام المالي «2027/2028» و4.7 تريليون جنيه في العام المالي «2028/2029»، مدفوعة بتحسن النشاط الاقتصادي والميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية.

أضاف المسئول، أن الرسوم كان يتم تسجيلها قبل بدء المشروع، لكن الضريبة سيتم تحصيلها على عام من بدء النشاط والتشغيل أي أن العبء سيتم تأجيله كنوع من التسهيل على الممول الذي سيدفع من صافي الربح، أي أن المستثمر الخاسر لن يدفع، موضحًا أن الوزارة لم تحسم النسبة التي سيتم فرضها، مرجحًا أنها قد تكون 1.5% تُضاف إلى ضريبة الدخل التي تدفعها الشركات حاليًا، وتقدر بـ 22.5% ليصبح إجمالي العبء الضريبي 24%.

تفرض وزارة المالية ضريبة دخل مباشرة على الأشخاص أو الشركات الذين يمارسون أنشطة معينة، وتُطبق على صافي الربح السنوي الخاضع للضريبة، والذي يتم حسابه ومعرفة قيمته من خلال استخدام التقارير المالية للأفراد أو المؤسسات، ويبلغ معدل ضريبة دخل الشركات على صافي الدخل الخاضع للضريبة 22.5%، ويمكن ترحيل الخسائر الضريبية لمدة أقصاها خمس سنوات أخرى.

حجم الضريبة هي المحك الأساسي

رغم ترحيب مجتمع الأعمال بإلغاء الرسوم، لكنهم قالوا في الوقت ذاته، إن نسبة الضريبة هي المحك الرئيسي لجدوي القرار الحكومي الذي يستهدف تخفيض الأعباء على المستثمرين، وتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز الشفافية والعدالة الضريبية وتخفيف الأعباء على المستثمرين وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

دعت شعبتا المستوردين والجمارك بالاتحاد العام للغرف التجارية، بضرورة وجود شراكة حقيقية بين الحكومة والاتحاد العام للغرف التجارية، في صياغة آليات تطبيق القرار لضمان تحقيق العدالة الضريبية بين الجميع، وإجراء حوار مجتمعي موسع بهذا الشأن.

قال محمد العرجاوي، رئيس لجنة الجمارك بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن الرسوم المتعددة التي كانت تفرضها جهات مختلفة بدون تنسيق أرهقت الكيانات الاقتصادية، وأثرت على قدرتها على التوسع، لكن الضريبة الموحدة تمثل نموذجًا عادلًا يربط بين ما تحققه الشركات من أرباح فعلية، وبين ما تدفعه للدولة

يضيف العرجاوي، أن المنظومة الإلكترونية الحاكمة لعمليات البيع والشراء ستسهم بشكل كبير في حساب صافي الربح بدقة، ويساعد على خفض تكاليف الإنتاج بنسبة قد تتراوح بين 15% و20%، نظرًا لأن الضريبة لن تُحسب ضمن التكاليف الإنتاجية كما كان يحدث سابقًا.

هل تخدم الشركات الصغيرة؟

وأكد المحاسب الضريبي أشرف عبد الغني، مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أن حساب الضريبة الجديدة سيكون بناءً على صافي الأرباح وليس الإيرادات، وبالتالي لن يقلل أرباح المستثمرين، ولن يمثل إرهاقًا على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ووضعت وزارة المالية أخيرًا حزمة تسهيلات ضريبية للمشروعات التي لا يتجاوز رقم أعمالها 15 مليون جنيه سنويًا، بهدف جذب الاقتصاد غير الرسمي للانضمام للمنظومة الرسمية، وتضمنت الحزمة تسهيلات فيما يخص الإقرارات الضريبية من خلال نماذج مبسطة، وعدد مرات أقل لتقديمها، ما يتيح لهم إمكانية قيامهم بالتصدير والتعامل مع الجهات الحكومية والاشتراك في المعارض الرسمية، والتوسع في النشاط وزيادة حجم الأعمال.

أوضح عبد الغني، أن المشكلة الأكبر لم تكن فقط في حجم الرسوم، ولكن في تعدد الجهات المُحصلة لها وتكرار بعضها، ما يربك حسابات السوق، فالمستثمر لم يكن قادرا على حساب التكاليف الأساسية للمشروع، ويخشى ظهور أي رسوم مفاجئة، لم يتم تقديرها، لكن وجود الضريبة الموحدة سيؤدي إلى استقرار تشريعي ووضوح بالمعاملات المالية مع الأجهزة والهيئات الحكومية.