يحتفل 20 مليون عامل حول العالم بيومهم العالمي، الذي يكرم ذكرى النضالات والمكاسب التاريخية التي حققها العمال والحركة العمالية، ويجرى الاحتفال به حول العالم في الأول من مايو من كل عام.

وفي صدد المشهد العمالي المصري، سبق وأسهم مركز التنمية والدعم والإعلام- دام– في دعم الحقوق العمالية من خلال رصد مشاهد الاحتجاجات العمالية على مدار العام السابق 2024، عبر رصد ومتابعة المحافظات التي نُظمت بها هذه الاحتجاجات، إضافة إلى القطاعات التي ظهرت فيها، ونوعية المطالب التي رفعها العمال، والتي ارتكزت كلها على مطالب اقتصادية ومالية، وهو ما أشار إلى عدم فعالية قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 في حل المشاكل التي يعاني منها عمال مصر.  

وضرورة التأكيد على تغيير هذا القانون- قانون العمل- بما يتلاءم مع مسعى هؤلاء العمال لتجاوز واقعهم الاقتصادي المتراجع.

ليأتي عام 2025، بمشهد إقرار البرلمان المصري لمشروع قانون العمل الجديد، والذي ينتظر التصديق عليه، ونشره في الجريدة الرسمية بعد موافقة البرلمان نهائيا بعد نحو أكثر من عشرين عاما.

 ومعه يطرح المهتمون بالملف تساؤلا هاما، هل يحمي قانون العمل الجديد حقوق العمال في مصر في ظل تزايد أعدادهم وظهور أنماط عمل جديدة؟

العمال في مصر… الأعداد في تزايد

قانون العمل بطبيعته تشريع اجتماعي، يمس حياة الملايين من العمال المصريين، وينظم العلاقة بين أطراف اجتماعية، تتباين مواقعها ومصالحها، فمن الطبيعي أن يكون محل اهتمام كبير، وأن يحظى بنصيب وافر من الجدل الاجتماعي.

بلغ عدد العاملين بالقطاع الخاص بشقيه الرسمي وغير الرسمي 13.6 مليون مشتغل، وفقا لإحصائية التعداد الاقتصادي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري الصادر في عام 2021.

ليصل الرقم بعد ذلك إلى نحو 24 مليونا و167 ألفا و395 مشتغلا، من بينهم 37.6% يعملون داخل المنشآت، و44.7% يعملون خارج المنشآت.

وفي ظل تزايد تلك الأعداد، أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي– الدكتورة رانيا المشاط إلى أن حجم قوة العمل في مصر بلغ نحو 30 مليون شخص، يعمل حوالي 80% منهم في القطاع الخاص الذي يضم الفئات العاملة في القطاع الخاص، على أن يكون العمل تحت إدارة وإشراف صاحب العمل، سواء كان العمل بعقد دائم أو مؤقت، والعمالة غير المنتظمة، وتشتمل على الفئة العاملة في مهن غير ثابتة، ويهدف القانون إلى توفير الحماية لهم بما في ذلك التأمينات والتعويض عن إصابات العمل، إضافة إلى النساء العاملات، والذي يمنح القانون لهم حماية خاصة، وامتيازات بما في ذلك حقهن في إجازة الأمومة، كما يحظر تشغيل النساء في الأعمال الخطرة أو الشاقة، كما ينظم العمالة الأجنبية، ويتيح لهم نفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها العمال المصريون.

وأخيرا، العاملون في القطاعات التجارية والخدمية مثل، المحلات والفنادق والمدارس الخاصة والمستشفيات الخاصة وكافة الفئات التي تتشابه مع هذه النشاطات.

هل يضمن القانون الجديد مناخ وظيفي آمن؟

في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية متسارعة، وتحديات غير مسبوقة يشهدها سوق العمل، كارتفاع معدلات البطالة، وتغير طبيعة الوظائف، وظهور أنماط عمل جديدة

 حاول قانون العمل، أن يضمن مكتسبات جديدة تحقق مناخ وظيفي آمن لتلك الأعداد الغير مسبوقة من العاملين.

وتتضمن بنود القانون الجديد العديد من التعديلات التي تهدف إلى تحسين بيئة العمل في مصر، بما في ذلك تعديل شروط الأجور والإجازات، وتنظيم العلاقة بين الأطراف المعنية في سوق العمل، وكذلك توفير آليات لضمان حقوق العمال في حال حدوث نزاعات.

فجاءت من بين أبرز الحقوق العمالية التي نظمها مشروع قانون العمل الجديد إقرار رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص من ستة آلاف إلى سبعة آلاف جنيه، وهو ما يعادل نحو 138 دولارا.

وإلغاء الاستمارة التي تحمل الرقم 6 لتسريح العمالة، وهو ما يوفر لهم قدر من الطمأنينة.

 وصرف العلاوة الدورية بشكل منتظم، وتحديد الأجر، والنص عليه في عقد العمل، فضلا عن الحقوق الممنوحة للمرأة العاملة، وبالأخص في مرحلة الولادة والرضاعة وغيرها من الحقوق.

مخاوف مشروعة

ربما أبرز المخاوف بدأت منذ مناقشة مشروع القانون التي وصفها البعض، بأنها خالية من الحوار المجتمعي الذي يشمل الجمعيات الأهلية، وسائل الإعلام، إضافة لغياب الحوار الشامل بين أطراف علاقات العمل الثلاث- النقابات، أصحاب العمل، وزارة العمل- وكافة الأطراف المعنية، رغم أن القانون يتعلق بمصالح الغالبية الكبيرة من المواطنين، فقد تجاهل المشرع ممثلي كل هذه الفئات، وقدم المسودة إلى مجلس النواب، بعد مناقشات اقتصرت على لجنة القوى العاملة بالمجلس وهو ما أدى لاستياء تحالف أمانات عمال الأحزاب والنقابات.

إضافة إلى تعزيز هيمنة أصحاب العمل، وهو ما يتبعه اختلال التوازن المطلوب بين الطرفين- عمال وأصحاب العمل- وهو ما يتعارض مع معايير العمل الدولية التي تدعو إلى علاقات عمل متوازنة.

حيث أعلن تحالف أمانات عمال الأحزاب والنقابات رفضه لمشروع القانون هذا، معتبرا أنه يكرس عدم التوازن في علاقات العمل، بدلاً من معالجته للمشكلات القائمة.

كما أكد تحالف أمانات عمال الأحزاب والنقابات في بيان، أن مشروع القانون لم يستجب للمستجدات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على سوق العمل، بل جاء ليفرغ المكتسبات العمالية من مضمونها، ويمنح أصحاب العمل صلاحيات أوسع على حساب حقوق العمال.

إضافة إلى تجاهل مشروع القانون الملاحظات على العديد من الانتقادات بصدد التمييز بين فئات المواطنين العاملين لأسباب غير موضوعية، فيستثني عاملات وعمال الخدمة المنزلية من القانون.

وذلك على اعتبار أنه يوجد في أحكام القانون، ما لا يتناسب مع أوضاع العمالة المنزلية مثل، الضبطية القضائية، ودخول المنشأة والتفتيش، وهو أمر غير ممكن، وهو ما عبر عنه وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي محمود فوزي، لافتاً في الوقت نفسه، إلى أن الحكومة تعد مشروع قانون آخر لهذه الفئة.