أثار توجيه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بإجراء حصر شامل ومميكن لجميع أملاك الأوقاف، بما تضمه من مختلف الأراضي والمباني السكنية والتجارية، تمهيدًا لطرحها للاستثمار أمام القطاع الخاص، تساؤلات حول حجم ملكية الأوقاف، ودور هيئة الأوقاف في الولاية المستقبلية عليها.

بحسب رئيس الوزراء، فإن الحصر يستهدف سبل تعظيم الاستفادة من تلك الأصول، وتقديم الدعم الكامل لأي مشروعات، تتم بالشراكة بينها وبين القطاع الخاص، في إطار تعزيز الشراكات وتحقيق الاستثمار الأمثل لأملاك الهيئة، وتعزيز كفاءة الإدارة والتشغيل لهذه الأصول.

في 2019، أعلنت الأوقاف رسميًا عن الانتهاء من توثيق وتسجيل ممتلكاتها في أطلس مكون من92 مجلدًا، تضم 256 ألف فدان أراضٍ زراعية، يضاف إليها 120 ألف وحدة عقارية متنوعة ما بين سكنى وإداري واستثماري، قدرت رسميًا بتريليون و37 مليار جنيه حينها.

كما تمتلك الهيئة حصصًا في 20 شركة ومصنع وبنك ووحدات عقارية وإنتاجية، أشهرها أسهم بنك فيصل الإسلامي، والمجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، ومصنع سجاد دمنهور المتعثر، بجانب مبان ومنشآت في العتبة والأزهر والغورية وقصور ومنشآت أثرية في مصر والخارج من بينها منشآت باليونان.

الهدر في أموال الأوقاف

لكن الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، يقول إن أموال الأوقاف مهدرة وغير مستغلة، خاصة الأوقاف العامة، وتلك يمكن توريق أصولها باستخدام أدوات مالية متعددة.

اقترح نافع إنشاء وإدارة صناديق وقفية، تطرح أوراقا مالية للاكتتاب والتداول عبر شركات ذات غرض خاص، على أن تمول حصيلة الاكتتاب لصالح تمويل العديد من المشروعات المستهدفة بالوقف.

حققت هيئة الأوقاف المصرية إيرادات ضخمة للوقف الخيري خلال النصف الأول من العام المالي 2024/ 2025 م، وذلك في إطار جهودها المستمرة لإدارة الوقف واستثماره، بما يتماشى مع شروط الواقفين.

بلغ إجمالي متحصلات الهيئة خلال عام 2024 نحو 1.6 مليار جنيه بزيادة قدرها 27% عن المستهدف، وبزيادة 30.54% مقارنة بعام 2023، بينما بلغ إجمالي إيرادات الوقف الخيري خلال العام ذاته نحو 301.3 مليار جنيه بزيادة 34% عن المستهدف، وبزيادة 36.87%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

غير محصورة بشكل دقيق

مصطفى عادل، الخبير الاقتصادي، يرى أن أموال الأوقاف لا يتم حصرها بشكل دقيق في كل المديريات، خاصة الأراضي التي تملكها والتي تجعلها أغنى هيئة اقتصادية بمصر بلا منازع، وهيئة الأوقاف تعمل على إدارة الأراضي الزراعية وغيرها، والشركات والأصول العقارية الأخرى والأموال السائلة، أو بمعنى آخر إدارة هذه الأصول والأموال وتنميتها بصفتها أموال “هبات ووقف خيري” وتحقيق أعلى عائد للاستفادة منه في تحقيق غرض الوقف.

بحسب عادل، فإنه على مدار سنوات طويلة تم هدر أموال الأوقاف؛ نتيجة غياب الاحترافية المهنية في إدارة الأصول، إذ تملك “الأوقاف” محفظة عقارية ضخمة وسيولة نقدية، تمت إدارتها لسنوات بشكل لا يتناسب مع أفضل معايير ادارة الاستثمارات السليم، فـ”الأوقاف” تملك حصصًا في شركات وبنوك مصرية ولديها شركة مقاولات معروفة مثل، “مجموعة المحمودية” أو المجموعة الوطنية لإدارة استثمارات الاوقاف وغيرها.

كانت هيئة الأوقاف المصرية قد اختارت في 2018 نحو 6 شركات إدارة أصول، من بينهم «هيرمس» و«سي آي كابيتال» و«بلتون» و«رسملة» و«الأهلي»، لإدارة محفظة مالية بقيمة 600 مليون جنيه، وذلك من بين 15 شركة تقدمت للمناقصة، بهدف تأسيس شركة متخصصة في إدارة استثماراتها المتنوعة من عقارات وأراضٍ ومحافظ مالية مختلفة.

لكن مصطفى عادل يرى، أن العائد على الاستثمار بالأوقاف “هزلي”، وعليها الشراكة مع القطاع الخاص في تنمية المشروعات والأموال والأصول والشركات والأراضي السكنية والشقق “غير المعلوم عددها بشكل دقيق”، وبالتالي يتحقق غرض هيئة الاوقاف المصرية في تحقيق أفضل تنمية لأموال وأصول الأوقاف، لأن الوقف يتم إدارته والعائد منه، يتم توزيعه 75% للأوقاف لصرفها في أغراض من أوقفها، و25% لهيئة الأوقاف لإعادة استثمارها.

وحدد قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية، رقم 209 لسنة 2020، أموال الأوقاف التي تختص الهيئة بإدارتها واستثمارها، ومنها الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام، والتي آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 152 لسنة 1957 بتنظيم استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر.

كما تتضمن الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاص، والتي آلت إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالقانون رقم 44 لسنة 1962 بتسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية، والأوقاف الخيرية التي يشترط فيها الواقف النظر لنفسه ولأبنائه من طبقة واحدة.

كما تشمل أموال البدل، وأموال الأحكار (جمع حِكر)، وسندات الإصلاح الزراعي، وقيمة ما استهلك منها وريعها، والأوقاف الخيرية الموقوفة على الأزهر الشريف التي ينيب شيخ الأزهــر الهيئـــة في إدارتها واستثمارها، والأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التي ترد إلى وزارة الأوقاف بالقانون رقم 42 لسنة 1973.

“الأوقاف” تخسر فرصا بديلة ضخمة

يعتبر عادل، أن الأوقاف تخسر فرصا بديلة ضخمة، فتحصيل عائد أموالها أقل بكثير من المطلوب، وكانت هناك محاولات سابقة لحل تلك المشكلة بالاتجاه لتكون إدارة الأوقاف من خبرات بالقطاع الخاص بإنشاء هيئة منفصلة عن الوزارة عام 1971، ولكن المحاولات كانت تفشل بسبب البيروقراطية الشديدة وعدم وجود خطة واضحة لتنمية الأوقاف كما تم وقف مخطط تنمية الأوقاف لسبب غير معلوم.

أوضح أن هيئة الأوقاف هي هيئة اقتصادية معنية بإدارة الأموال والأصول الموقوفة للعمل الخيري، ووضعها في شراكات مع القطاع الخاص ستؤدي لتحقيق نمو وقيمة لأصول الهيئة، وبالتالي العائد المترتب عليها، ما سينعكس على قدرة أكبر للتوسع في مجال العمل الوقفي والخيري، ولا يتنافى مع أن الأصل “وقف”، لأن وقف الأصل لجهة مثل الهيئة الغرض منه استخدامه لتحقيق أكبر استدامة “صدقة جارية”.

تابع: “حصر الأصول وتحصيل ولو نصف ما يجب تحصيله، سيصبح إنجازا تاريخيا وتعاون الهيئة مع القطاع الخاص يخلق أرباحًا أكبر “لهيئة الأوقاف”، وهي أموال لا يمكن للدولة غير الاستفادة من تشغيلها وخلق موارد وقيمة مضافة، وتأثير ذلك على الاقتصاد بشكل عام، فأرباح الهيئة لا تعود للدولة، بل تخفف من ضغط الأوقاف على الموازنة العامة.