جملة أهداف إسرائيلية تضافرت لتنسج قرار الهجوم على منشأت إيران النووية، وعدد من قادتها وعلمائها في هجوم يوم الجمعة 12 يونيو الجاري، الرئيس منها كان حرمان إيران من القدرة على امتلاك سلاح نووي، اما الذي ظهر للعلن بعد ساعات من الهجوم، فهو الرغبة الإسرائيلية في تغيير النظام الحاكم في طهران، ربما على غرار ما فعلت في سوريا.

من المؤكد، أن نتنياهو ليس حريصاً على أن يحصل الشعب الإيراني على حريته، كما زعم في كلمته التي وجهها للإيرانيين عقب ساعات قليلة من الضربةن والتي قال فيها: “لقد حان الوقت لتنهضوا من أجل حريتكم ضد هذا النظام القمعي والشرير”.

ويبدو أنه كان متفائلا أكثر مما ينبغي، حين اضاف في كلمته، أن “النظام لم يكن يوما أضعف من الآن. هذه فرصتكم للوقوف وإسماع أصواتكم”.

النظام الإيراني المحاصر منذ عقود، استعاد توازنه في أقل من 24 ساعة ليوجه ضربات مؤلمة أصابت قلب عاصمة دولة الاحتلال، ليتحول المشهد من “قوة طاغية تضرب” إلى تصعيد وأعمال عدائية متبادلة، وصولا إلى ذروة فجر الأحد، حيث استطاعت الصواريخ الباليستية الإيرانية من طراز “الحاج قاسم”، أن تلحق خسائر بالغة بمدن حيفا وبيت يام وتل أبيب وغيرها، بعد أن تجاوزت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية متعددة الطبقات.

ما الذي تحقق من أهداف عملية “الأسد الصاعد”؟

الضربة الاسرائيلية التي حملت اسما توراتيا “الأسد الصاعد”، قد تحتاج لأسابيع قبل أن يتمكن الخبراء من معرفة حجم الضرر الذي الحقته بالبرنامج النووي الإيراني، وإذا ما كانت طهران ستتعافى منه.. كيف ومتى؟

وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تعرض أخطر موقع لتخصيب اليورانيوم في إيران، فوردو، للهجوم، ولكن لا يوجد تأكيد على اختراق دفاعاته أو تدمير أجهزة الطرد المركزي به، والتي يتجاوز عددها الآلاف، كما لا يوجد ما يشير إلى أن إسرائيل قد جعلت مخزون إيران من اليورانيوم المخصب غير صالح للاستخدام.

وفي حال كان هذا المخزون لا يزال متاحًا، وأجهزة الطرد المركزي موجودة، فسيكون من الممكن لطهران إعادة بناء برنامج أسلحة نووية في غضون أسابيع قليلة.

فيما يتعلق بهدف تغيير النظام، ورغم دخول رضا بهلوي ابن شاه إيران السابقــ الذي أطاحت به الثورة الإسلامية في 1979ــ  على الخط مناشدا قوات الأمن في البلاد الانشقاق عن الدولة، معربا عن أمله في الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية، واصفا الحكومة في طهران، بأنها “ضعيفة ومنقسمة”. إلا أنه لا تلوح في الأفق بوادر استجابة مؤثرة لمناشدات نتنياهو وبهلوي.

مايكل سينج من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وأحد المسؤولين الكبار في إدارة جورج دبليو بوش، قال: “وأشار سينغ، إلى أنه “لا أحد يعرف ما هي الظروف المطلوبة لتوحيد صفوف المعارضة في إيران”.

في حين أبدى المعارض الإيراني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، صادق زيباكلام دهشته من سقف توقعات نتنياهو وترامب والأمير رضا بهلوي، الذين “يريدون مني الاصطفاف مع إسرائيل ضد نظام بلدي في هذه الظروف”.

على الجانب الآخر.. إلى أي مدى حققت عملية الوعد الصادق 3 أهدافها

السرعة التي لعق بها “الملالي” جراح الضربة الاسرائيلية، والنجاح في استعادة منظومات الدفاع الجوي، وتوجيه ضربة صاروخية بعد اقل من 18 ساعة، فاجأت الاصدقاء والحلفاء قبل الأعداء،

وقال :” ما من شخصية سياسية كتبت وتكلمت ضد النظام أكثر مني، ولكنني لن أصطف مع الأعداء في مثل هذه الظروف”قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

لا يمكن الجزم بمدي ما قد يكون قد تخلخل في بنية نظام”الثورة الإسلامية” لكن فرضية اسقاطه من الداخل توازياً مع توجيه ضربات مؤلمة من الخارج، قد خرجت من الحسابات في الوقت الحاضر على الأقل،

هل كان من أهداف نتنياهو أيضا إثبات قدرة دولته، وربما قدرته شخصيا على أن يكون نافعاً للمنظومة الغربية في صراعها مع التنين الصيني، عبر ضرب أقرب حلفائه والأكثر أهميةــ كون ما يقارب من 80% من استهلاك الصين من الطاقة يعتمد علي البترول الإيراني المنخفض التكلفة؛ بسبب العقوباتــ ربما، لكنه لا يمكنه التباهي بما حققه هنا، حيث فشل في الحسم السريع، وفرض السطوة على الإقليم.

وقبل أن يجف حبر “المنشورات الشامتة ” التي ألصقت كل نقيصة بالنظام الإيراني، كان مؤيدوه يرفعون رؤوسهم فخرا، بينما تتساقط الصواريخ على عاصمة دولة الاحتلال مسببة “دمارا غير مسبوق”، حسبما نقلت رويترز عن مسؤولين في البلديات الإسرائيلية.

لكن حجم الضربة وخسائرها المعلنة لم يكن كافيا لاستعادة الردع الذي حكم علاقة البلدين لسنوات طوال، ما أتاح الفرصة لطرح تحليلات، ترى أن إيران ستكتفي بـ”رد رمزي” يحفظ ماء وحهها في الداخل، وهو التحليل الذي لم يصمد لـ24 ساعة، حينما جاءت الضربة التالية التي أحدثت أضرارا واسعة، ودفعت نتنياهو للاستنجاد بترامب، مطالبا بتدخل أمريكي مباشر، فضلا عن ظهور أردوغان وابن سلمان كوسطاء مرروا للإيراني رغبة إسرائيلية في التراجع ووقف الحرب.

تداعيات وتكهنات.. عن مصر والإقليم

اللهجة الحادة لبيان الخارجية المصرية، التي اعتبرت أن “أوهام القوة” لن تحقق لإسرائيل الأمن “والإدانة لهجومها على إيران، كشفا من البداية زاوية النظر التي تخص محددات الرؤية المصرية، التي عانت من غياب الاستقرار في الإقليم، والذي انعكس سلبا على اقتصادها المنهك، فضلا عن ملامسته لمربعات حساسة من خارطة أمنها القومي.

الغاز الذي توقف تصديره من “الشرق” كان أول تداع سلبي، فضلا عن ارتفاع أسعار النفط، والارتباك في سلاسل الإمداد، تحسبا لما قد يتطور إليه الصراع.

سياسيا وإعلامياً، بدت مصر رافضة لمبدأ العدوان على دولة ذات سيادة، وابتسار الحل السلمي الذي قد تجئ به المفاوضات التي كانت دائرة بالفعل بين إيران وأمريكا بوساطة عمانية، لكن المقاربة المصرية بدت حذرة في إعلان انحيازات أو اصطفافات، ولم تتح لأي من طرفي الصراع استخدام مجالها الجوي، كما فعلت سوريا الجولاني، أو ساهمت في إسقاط مسيرات احد الطرفين، كما أردن عبد الله الثاني.