رغم ارتفاع مخصصات دعم المزارعين في العام المالي الجديد بنسبة 83%، إلا أن تلك الأرقام لا تزال بعيد عن آمال الفلاحين، خاصة بعد ارتفاع تكاليف وأعباء الزراعة على خلفية رفع أسعار السولار والأسمدة والتقاوي.

يُقدر دعم المزارعين خلال العام المالي الجديد 2025/ 2026 بحوالي 1.2 مليار جنيه، مقابل 657 مليون جنيه في العام المالي المنتهي بزيادة قدرها 633 مليون جنيه، وهو دعم موجه لثلاثة بنود أساسية، هي لقروض الإنتاج النباتي، ومقاومة آفات القطن، ودعم صندوق الموازنة الزراعية.

لكن دعم فرق سعر الفائدة لقروض الإنتاج النباتي، أو بمعنى آخر دعم مستحقات البنك الزراعي المصري، يستأثر بالنسبة الأكبر من الدعم الموجه للفلاحين، بنسبة تعادل 80%، بعدما ارتفعت مخصصاته بقيمة 350 مليون جنيه، إلى 950 مليون جنيه مقابل 600 مليون جنيه في العام المالي المنتهي، بزيادة 350 مليون جنيه.

في المقابل، لم يزد بند تكاليف مقاومة آفات القطن إلا بقيمة 10 ملايين جنيه فقط، لتبلغ 50 مليونا مقابل 40 مليونا خلال الفترة المقارنة، وكذلك حال دعم صندوق الموازنة الزراعية الذي ارتفع بقيمة 3 ملايين جنيه فقط ليبلغ 20 مليون جنيه، مقابل 17 مليون جنيه في الفترة المقارنة ذاتها.

الدعم نقطة في بحر

يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن دعم المزارعين لا يزال بسيطا جدًا، ويجب أن يكون التصور، أنه موجه لدعم الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية، وليس المزارع في شخصه.

بحسب الرؤية الحكومية، فإن الدولة ترى أنها تدعم مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة وبذور ومبيدات، وتحمل جانباً من أعباء مقاومة بعض الآفات الزراعية، والمساهمة في خفض أسعار التقاوي، كما تقدم القروض الميسرة لبعض الأغراض الزراعية.

لكن الفلاحين يشتكون في الوقت ذاته من زيادة تكاليف إنتاج فدان القمح من حوالي 14 ألف جنيه عام 2021/ 2022 إلى حوالي 17 ألف جنيه عام 2022/ 2023 بنسبة زيادة بلغت نحو 20%، وارتفعت في موسم 2024 إلى حوالي 18 ألف جنيه، إذ كانت الأرض مملوكة للفلاح، أما لو كانت مستأجرة، فإن التكلفة تزيد لحوالي 32 ألف جنيه.

كما تتحمل الخزانة العامة فروق فوائد القروض المخصصة للإنتاج الزراعي، فالفائدة على السلف الزراعية التي يحصل عليها المزارع من البنك الزراعي المصري 5% مقابل 25.5% بالقطاع المصرفي، فضلاً عن توزيع أكثر من 9 ملايين طن أسمدة مدعومة بدعم بلغ نحو 45 مليار جنيه خلال الأربع سنوات الماضية، ورفع نسبة التغطية للتقاوي المعتمدة لكل من أفدنة الذرة وأفدنة القمح إلى 100%.

يذهب للكبار ومطالب بالتحول إلى “النقدي”

لكن أبو صدام يرى أن دعم الأسمدة يذهب للمزارعين الكبار، حتى وإن لم يزرعوا أراضيهم على عكس الصغار، مطالبًا بتحويل دعم الأسمدة من عيني إلى نقدي لضمان وصوله لأصحاب الحيازات الصغيرة الذين يحتاجونه، ويزرعون أراضيهم بالفعل.

بحسب بيانات وزارة الزراعة، وصلت إجمالي السلف الزراعية لحوالي 26 مليار جنيه خلال الفترة الماضية، بجانب قروض تمويل المحاصيل الاستراتيجية التي بلغت نحو 10 مليارات جنيه سنوياً بفائدة ميسرة 5%، كما تتحمل الدولة دعما يبلغ أكثر من 500 مليون جنيه سنوياً من تمويل المحاصيل بجانب استفادة نحو 300 ألف مزارع وفلاح من هذا التمويل.

 بالنسبة لمشروع إحياء البتلو، فقد استفاد منه نحو 44 ألف مزارع لتربية وتسمين نحو 510 آلاف رأس ماشية، حيث بلغ حجم تمويل المشروع 8.9 مليار جنيه حتى الآن، علمًا بأنه يهدف إلى توفير لحوم حمراء بالسوق بسعر عادل ومناسب لكل من المنتج والمستهلك، وتوفير فرص عمل لأبناء صغار المزارعين.

لكن نقيب الفلاحين، يقول إن قروض مشروع البتلو يحصل عليها أصحاب المزارع والشركات، وليس المربون الصغار الذين يحتاجون للدعم بكل صوره بداية من الدعم المالي نهاية بدعم الإرشاد الزراعي عبر تطبيقات إلكترونية، أو برامج تلفزيونية بعد اختفاء المرشد المترجل الذي كان يطوف في الحقول ويتابعها.

غير المباشر

بحسب بيانات وزارة الزراعة، فإن الدعم غير المباشر الموجه للفلاحين كبير، ومنه إطلاق مبادرتي تأجيل الأقساط المستحقة وإعفاء المتعثرين التي استفاد منها 330 ألف فلاح، بإجمالي مديونية قدرها نحو 8 مليارات جنيه، بالإضافة إلى قرض باب رزق من البنك الزراعي المصري بقيمة 50 ألف جنيه، بدلاً من 10 آلاف جنيه ووثيقة تأمين مجانية.

وقال مسئول بوزارة الزراعة لـ”مصر 360″، إن الوزارة تستهدف تقديم تمويل لمربي الطيور والأغنام والماعز وغيرهم من العاملين فى تجارة المنتجات الزراعية، كما تم تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بتحديد سعر تضمن به الدولة للفلاح أقل سعر، يمكن أن يبيع به المحصول، ويضمن له تحقيق الربح.

وردًا على غياب دعم الإرشاد عن المزارعين، قال المسئول، إن وزارة الزراعة تتعاون مع الهيئات البحثية والجامعات لعقد دورات تدريبية وورش عمل لرفع كفاءة المربين في إدارة مزارعهم، وتحسين سلالات الماشية، وتطبيق أحدث أساليب التغذية والرعاية الصحية، كما تقدم الإرشادات حول كيفية الوقاية من الأمراض وعلاجها، ما يساهم في تقليل الفاقد وزيادة الإنتاجية.

لكن نقيب الفلاحين يقول، إنه لا يوجد صندوق لتعويض خسائر المزارعين في حالة الكوارث وتغير المناخ كهجمات غير معتادة للآفات أو السيول أو الرياح الشديدة، مطالبا بدعم خاص للسولار والكهرباء للمزارعين، حتى يواجهوا الأعباء المتزايدة عليهم، خاصة أن العمالة الزراعية تتراجع باستمرار؛ بسبب تلك الظروف لصالح قيادة التوكتوك، فالعامل يحصل في اليوم على 120 جنيها في شقاء وتعب، ويكسبهم سائق توكتوك في ساعتين.

كما تبلغ تقديرات دعم التأمين الصحي على الفلاحين في مشروع الموازنة العامة للدولة ٢٠٢٦/٢٠٢٥ نحو ١٠٠ مليون جنيه، ويمثل هذا الدعم، ما تتحمله الدولة لنحو ٥٠٠ ألف فرد بواقع ٢٠٠ جنيه سنويًا للفرد الواحد.