تتوسع البنوك العاملة في السوق المصرفية في القروض الاستهلاكية بوتيرة سريعة، في محاولات تعكس سعيها لتوظيف الودائع الكبيرة التي تمتلكها في ظل انكماش القطاع الانتاجي، وسعيها لاستثمار التغير المستمر في سلوك المصريين نحو الإنفاق الاستهلاكي.
أعلن بنك مصر عن قرض للرحلات السياحية بحد أقصى لقيمة القرض يصل إلى 100 ألف جنيه بنسبة تمويل تصل إلى 100%، على أن يتم السداد على 120 شهرا (12 عامًا)، مع تسهيلات في الحصول عليه بدءا من 21 عاما، وحتى أصحاب المعاشات.
ولاقت قروض المصايف ترحيًبا من القطاع العقاري في ظل ارتفاع أسعار الفنادق والقرى السياحية، ما أدى إلى تراجع الحجوزات بنسبة تتراوح بين 30 و35%، فضلاً عن انخفاض المدى الزمني المعتاد للرحلات من (5 أيام إلى أسبوع) إلى ثلاثة أيام.
تقدم البنوك أيضًا قروضا للسفر للخارج لأغراض السياحة والمغامرة، بتمويل يصل لـ 350 ألف جنيه، على أن يكون السداد خلال 5 سنوات بفائدة بين 15 و21%، لكن بنك القاهرة جعل الحد الزمني الأقصى للسداد 12 شهرًا فقط.
قروض الحفلات والنوادي.. تمويل حتى مليون جنيه
كما تقدم البنوك قروضًا لتمويل مصروفات حفلات الزواج ضمن القروض التجارية التي تقدمها للموظفين في القطاعين العام والخاص وأصحاب المهن الحرة، بعد تقديم بعض الأوراق المطلوبة.
ووضعت البنوك التي تقدم تلك النوعية من القروض حدًا أقصى لقيمة القرض بقيمة 300 ألف جنيه بنسبة 100% من التمويل، على أن يكون السداد خلال خمس سنوات، وبمصروفات إدارية 1.50% من إجمالي قيمة القرض يتم خصمها آليا.
تتنافس البنوك أيضًا على قروض عضوية النوادي بتمويل يصل إلى مليون جنيه بسنوات سداد تصل إلى 7 سنوات بشرط تقديم مستندات تثبت شخصية العميل ومصدر دخله إلى جانب أصل إيصال مرافق عامة، يحتوى على مقر إقامة العميل، وأيضاً عرض سعر عضوية النادي أو بيان مصروفات بأسعار فائدة تبدأ من 29% متناقصة.
قروض الأثاث.. رهان على ثقافة متنامية
خلال السنوات الماضية، توسعت البنوك بقوة في تمويل شراء الأثاث والسلع المنزلية للموظفين ولأصحاب المهن والأعمال الحرة، بنسبة تمويل تصل إلى 100٪ من قيمة التمويل بتمويل يصل إلى 250 ألف جنيه، وعلى فترة سداد تتراوح من 6 أشهر، وحتى 96 شهرًا بشرط تقديم عرض أسعار من المعرض.
جاء دخول البنوك لحلبة السلع المنزلية والكهربية، بعدما استحوذ شراء الأجهزة الكهربائية على المركز الثاني من إجمالي التمويل الاستهلاكي الذي بلغ 61.3 مليار جنيه عام 2024، مقارنة بـ 47.3 مليار جنيه تمويل استهلاكي ممنوح عام 2023، محققاً معدل نمو بلغ 29.6%
وتجاوز التمويل الاستهلاكي بكثير قروض التمويل العقاري العام الماضي، الذي بلغ حجمه 25.5 مليار جنيه في 2024، مقارنة بـ 10.4 مليار جنيه تمويلات ممنوحة في العام السابق، أي أن المبالغ التي تم ضخها في التمويل العقاري لم تتجاوز 41.2% من المبالغ التي تم ضخها في التمويل الاستهلاكي.
خلال الفترة من يناير إلى إبريل 2025، بلغ إجمالي عدد المستفيدين من التمويل الاستهلاكي 2.919 مليون عميل، بحجم تمويلات وصل إلى 22 مليار جنيه، مقارنة بـ 1.098 مليون عميل حصلوا على 15.6 مليار جنيه في نفس الفترة من عام 2024، بنسبة نمو بلغت 165.7% في عدد العملاء، و41.2% في قيمة التمويلات.
بحسب خبراء، فإنه من المتوقع أن يواصل قطاع التمويل الاستهلاكي نموه القوي خلال الفترات المقبلة، خاصة مع دخول شركات جديدة إلى السوق وابتكار حلول تمويلية مرنة تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع، بما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد ودعم قدرات الأسر المصرية على مجابهة التحديات المعيشية.
بالتزامن مع المصايف، دخل بنك أبوظبي الأول على الخط ليعلن عن تمويل خاص لشراء وحدات مصيفية مثل الجونة، العين السخنة، والساحل الشمالي، بقيمة 7.5 مليون جنيه مصري، وبتمويل بنسبة 70% من قيمة العقار، على أن يكون السداد على 10 سنوات.
ارتفاع كبير في الودائع.. البنوك تبحث عن التوظيف
التوسع في القروض الاستهلاكية يأتي مع ارتفاع إجمالي الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية لدى البنوك العاملة في السوق المحلية ليصل إلى 7.730 تريليون جنيه بنهاية يناير 2025، مقابل 7.555 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024.
وقفز حجم الودائع لأجل وشهادات الادخار بالعملة المحلية لنحو 5.945 تريليون جنيه بنهاية يناير الماضي مقابل 5.873 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2024، لافتا إلى استحواذ قطاع الأعمال العام على نحو 65.517 مليار جنيه من تلك الودائع.
وشهد القطاع الخاص غير النفطي بمصر في يونيو انكماشا للشهر الرابع على التوالي ليبلغ مستوى 48.8 مقابل 49.5 في مايو، متراجعًا بنحو 1.2 نقطة عن مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش، بسبب الانخفاض المستمر في الطلبيات الجديدة الواردة وحجم الإنتاج.
يقول الخبير الاقتصادي أحمد قطب، إن قروض المصريين الاستهلاكية ترتفع بنحو 45% إلى 17.47 مليار جنيه على أساس سنوي في الربع الأول من 2025، ما يشير إلى توسع وإفراط من المصريين فى الاقتراض بغرض الاستهلاك، وليس بغرض الإنتاج.
يضيف أن تنامي القروض الاستهلاكية، يشير إلى عدد من النقاط الهامة أولها سلوك الشعب المصري تغير من إدخاري إلى استهلاكي حتى بالطبقات الدنيا، فضلاً عن أن التوسع المفرط من البنوك والشركات والجمعيات في الإقراض يشير الى عدم مراعاة المخاطر الائتمانية، كما يرى أن توسع الأفراد فى الاقتراض رغم معدلات الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى موجات من التضخم.