للبرلمانات وظائف يعرفها العالم، تبدأ من التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية إلى التمثيل السياسي للمجتمع.

وكلما امتلكت الدول برلمانات لديها تلك القدرة التمثيلية لمجتمعاتها، باتت شرعية أنظمتها راسخة، لا تهزها ثورات أو احتجاجات أو تغيرات مفاجِئة، لكن عندما تفقدها، فذلك يعني إعلانا صريحا ليس فقط لموت البرلمانات، إنما بالتبعية أيضا، كل ما يمت للسياسة بصلة.

في مصر وللمرة الثالثة، وعلى مدى أكثر من عقد منذ أحداث 2013 التي أسقطت نظام الإخوان، يخضع البرلمان بغرفتيه (الشيوخ والنواب) للهندسة التركيبية والترتيب المقصود لعملية “الانتخاب” ذاتها، أي تدخل مسبق من قبل السلطة ومؤسساتها لبناء أغلبية مهيمنة موالية لها من خلال السيطرة على قواعد اللعبة الانتخابية، سواء عبر النظام الذي تجري بموجبه الانتخابات أو الترشيحات من أحزاب أو مستقلين، والتي بات المال السياسي يلعب فيها دورا أساسيا في شراء المقاعد، وبالتالي في النهاية تحضير “برلمان سابق التجهيز”.

هذا الأمر بالأمس القريب تم في انتخابات مجلس الشيوخ، ثم يعاد إنتاج المشهد السياسي ذاته اليوم بصراحة، ودون مواربة في انتخابات مجلس النواب 2025 التي بدت نصف نتائجها إن لم يكن أغلبها، محسومة سلفا، قبل أن تبدأ، حتى أن القائمة الوطنية من أجل مصر التي تخوض هذه “الانتخابات” ضمت 12 حزبا مواليا و”معارضا” معا في قائمة واحدة، ودون منافسة مع قوائم أخرى، في مفارقة نادرة، لم تعرفها السباقات الانتخابية التي تستحق هذا التوصيف حول العالم.

السؤال الجوهري هنا، ما الذي يدفع السلطة ومؤسساتها، بعد أن باتت في وضع مستقر داخليا وخارجيا لإنتاج “برلمان مسيطر عليه”؟ على الرغم من أنها تدرك، هي نفسها أكثر من غيرها، أن ذلك البرلمان سيخصم من شرعيتها السياسية أمام المجتمع، كونه يتحول من وظيفته كوسيط وممثل سياسي إلى أداة للتعبير عن مصالح نخبوية سياسية واقتصادية ضيقة، يختلط فيها الأمن والمال بالسياسة.

الإجابات المحتملة هنا عديدة، في هذا الملف الذي كتبه وأعده الباحث والمحلل السياسي عمرو هاشم ربيع، فقد يكون الأمر متعلقا بـ”الخوف المزمن” لدى مؤسسات الدولة من تسلل أنصار تيار الإسلام السياسي إلى التمثيل السياسي في المجالس النيابية في ظل غياب معارضة سياسية مدنية حقيقية، يمكن التعويل عليها كبديل آمن في الشارع الانتخابي، وذلك بغض النظر عن الظروف والملابسات التي أوصلت المعارضة لهذا الوضع، أو تجهيز المشهد البرلماني لتعديل جديد للدستور، بما يمدد الفترات الرئاسية لما بعد العام 2030، أو التعامل مع نخبة برلمانية “طيعة” على مقاس توجهات السلطة وسياساتها، وما ترغبه من تمرير قوانين وتشريعات، لا تريد أن يصاحبها أي مناكفات سياسية، تثير المجتمع عليها، حتى لو كانت من أقلية لا تسيطر على قرار البرلمان.

لقراءة التقرير كاملا: