فعليا لم أكن أتوقع كغيري من المهتمين بالشأن العام، أن يصل الأمر، إلى أن يتحدث رئيس الجمهورية عبر صفحته الشخصية على “الفيس بوك”، وهو الحديث الذي تناقلته كافة الصحف والمواقع الإلكترونية، عن علمه بالتجاوزات التي تمت في انتخابات مجلس النواب 2025، وأن ذلك يجب الوقوف عنده واستبعاد كافة لأصوات التي تدور حولها شبهات، حتى ولو وصل الأمر إلى استبعاد نتائج دوائر كاملة، والعمل على إعادة انتخابات هذه الدوائر مرة جديدة.
وعلى الرغم من كوني سعيد بهذا الحديث الهادف، والساعي نحو تحقيق خطوات فعلية نحو نزاهة العملية الانتخابية، وبالتالي تحقيق خطوات ديمقراطية، إلا أن أمرا كهذا لا يجب أن يمر علينا مرور الكرام، وننتظر النتائج التي قد يحققها حديث رئيس الجمهورية، إذ لا بد لنا من البحث عن السبب الحقيقي عن عدم وجود ديمقراطية نزيهة بشكل حقيقي، تسود في مرحلة انتخابية مهمة مثل الانتخابات البرلمانية، فهل المسئول عن تدهور المستوى الديمقراطي هو الحكومة، بما فعلته من وجود أكثر من ظهير وسند حزبي لها، أو بما أقرته من تشريعات مرتبطة بمسار العملية الانتخابية، بداية من النظام الانتخابي المزدوج ما بين القائمة المغلقة والفردي، وهو نظام لا يتناسب بشكل علمي مع تحقيق المسار الديمقراطي، خصوصا في المجتمع المصري، أو ما أعقب ذلك من تشريعات، خاصة بتقسيم الدوائر الانتخابية، وهو أحد أهم الفواعل الرئيسية في النسق الانتخابي، مروراً بما تم من استبعاد مرشحين، أو ناخبين من القوائم الانتخابية.
أم أن المسئولية تقع على المواطنين، منذ بداية انتخابهم لأعضاء مجلس النواب السابقين، والذين صوتوا وأقروا تلك القوانين المتحكمة في المسار الانتخابي كله، أم أن مسئولية المواطنين تقع كذلك عند حد قبولهم أوجه الفساد الانتخابي، حيث تكون مصالح من ينتمون إليهم من مرشحين، بمعنى أننا قد نقبل التزوير فعلياً، إذا كان ذلك لصالح أحد المرشحين الذين نأمل في نجاحهم، ونرفض ذلك في الحالات التي تكون ضد رغباتنا الشخصية، وهو الأمر الذي يضفى طابعًا من النفعية الشخصية في مدى احترامنا للمسار الديمقراطي بكافة مبادئه، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفسد قناعاتنا النظرية، ويجعلها مجرد فقاعات هواء،
وكأننا نعيد تكرار مشاهد، مرت على ذاكرة المواطن المصري منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان الحزب الوطني هو المسيطر على فاعليات الانتخابات، وإن كان حينها بصيص من المعارضة الحقيقية، أو ما يوحي بأن هناك تمثيلا نيابيا، وكان هناك تواجد بشكل مقبول من المعارضين، وكان تواجدهم داخل البرلمان يوحي بشكل من أنواع المعارضة الحقيقية، حتى ولو لم تكن نسبتها كافية بشكل مناسب. وأرى أن مجلس النواب القادم لن يختلف عن المجلس السابق الذي لم يُلحظ له دور نيابي حقيقي، متمثلا في استخدام الأدوات الرقابية المخولة لأعضائه من استجواب وطلبات إحاطة، وحتى على المستوى التشريعي، فإن جل التشريعات التي صدرت من مجلس النواب السابق كانت مقدمة من الحكومة، بحسب أن ذلك أحد السبل للتشريع.
أم أن هذه المسئولية مشتركة ما بين العاملين السابقين، وهو الأمر الذي يعود برمته بالسواد على مجريات الأمور كلها، ولا يبشر بتحقيق طموحات، تتناسب مع مستوى الحرية أو بشكل كامل انفتاح الأفق والمجال العام، ذلك لتناغم العاملين السابقين في إزهاق أي تنفس ديمقراطي حقيقي، قد يسمح بتواجد معارضة حقيقية، أو أصوات، ولو كانت فردية، قد يحقق وجودها دفعا لمسار الديمقراطية.
وإذا كانت الديمقراطية هي النسق الذي ارتضته غالبية المجتمع الدولي؛ لتعبر عن أهم مواصفات الحكم السياسي الرشيد، وارتضته معظم أو غالبية النظم السياسية، وهو الذي يؤكد على أن يحكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه، كمبدأ عام، وهذا المنطق هو ما يدعو لأن تكون هناك علاقة قوية ووطيدة ما بين الحكم الديمقراطي وسيادة القانون، حيث لا تعيش الديمقراطية الصحيحة ولا تنمو، إلا بسيادة قانون عادل يطول جميع المنتمين إلى البلد الديمقراطي، يحدد لكل مواطن مسئول وغير مسئول، سلم الحقوق والواجبات، ويمنع جميع المخالفات على وفق مبادئ واحدة، تسري على الجميع، كما أنه يحدد واجبات السلطات الحاكمة وحدودها، ويبين مدى احترامها لنفاذ حقوق المواطنين.
كما وأن أهمية المشاركة الانتخابية تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثيراً قوياً، أكد هذا التأثير، أن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم في البلد الذي يعقد فيه الانتخابات، وكما أن للمشاركة الانتخابية أهمية كبرى في تعزيز الديمقراطية، والنهوض بالأوطان، فإن وجود نهج ديمقراطي وسعي والتزام بالنهوض بالأوطان في كافة الميادين يعمل أيضا على رفع نسبة المشاركة الانتخابية لإدراك الناخب بأهمية صوته في تغيير مصير الشعب، ووضع الوطن في الاتجاه الصحيح، كما أن المشاركة السياسية لا تنبع من مجرد رغبة الناخب في ممارسة حقه الانتخابي، وإنما تنبع من الممارسات السليمة لفاعليات الانتخابات، حتى يتأكد كل مواطن من كونه يمارس حقه في إدارة شؤون البلاد، دونما أية مؤثرات أو تدخلات تعوق أمر المشاركة أو تقوضه أو تفرغه من مضمونه الحقيقي اللازم، هذا بخلاف حقوق المرشحين أنفسهم في ضمان نفاذ كامل للقانون واحترام اختلافاتهم وتوجهاتهم السياسية أو انتمائهم الحزبي. ولا يمكن أن يغيب عنا أن أهمية المشاركة الانتخابية تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثيراً قوياً، أكد هذا التأثير، أن المسيرة الديمقراطية تسير على نهج سليم في البلد الذي يعقد فيه الانتخابات، وكما أن للمشاركة الانتخابية أهمية كبرى في تعزيز الديمقراطية والنهوض بالأوطان، فإن وجود نهج ديمقراطي وسعي والتزام بالنهوض بالأوطان في كافة الميادين يعمل أيضا على رفع نسبة المشاركة الانتخابية لإدراك الناخب أهمية صوته في تغيير مصير الشعب، ووضع الوطن في الاتجاه المرغوب، كما أن المشاركة السياسية لا تنبع من مجرد رغبة الناخب في ممارسة حقه الانتخابي، وإنما تنبع من الممارسات السليمة لفاعليات الانتخابات، حتى يتأكد كل مواطن من كونه يمارس حقه في إدارة شؤون البلاد، دونما أية مؤثرات أو تدخلات تعوق أمر المشاركة أو تقوضه أو تفرغه من مضمونه الحقيقي اللازم، هذا بخلاف حقوق المرشحين أنفسهم في ضمان نفاذ كامل للقانون واحترام اختلافاتهم وتوجهاتهم السياسية أو انتمائهم الحزبي.
فهل يتحمل الجميع مسئوليته في السعي نحو تحقيق مسار انتخابي أو ديمقراطي حقيقي، يكون عائده الأول تصحيح المسار على المستوى الشعبي، وعلى المستوى الرسمي، بما يضمن تحيزا إلى الحرية بوصفها الحقيقي، واحتراما لقيم حقيقية يجب أن ينعم بها المواطن والشعب بأسره بعيدا عن مصالح وهمية وصراعات تنافسية، يسعى ذووها لتحقيق مصالحهم الشخصية فقط.






