خسر نادي برشلونة الإسباني مرة أخرى في دوري أبطال أوروبا خارج أرضه أمام إنتر ميلان الإيطالي، بهدف نظيف مساء أمس الثلاثاء، في مباراة استضافها ملعب “سان سيرو” ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات للتشامبيونزليج. وهي الهزيمة الثانية على التوالي بعد الخسارة من بايرن ميونيخ الألماني بهدفين في الجولة السابقة، ليتعقد موقف البارسا بالمجموعة ويواجه شبح الإقصاء والانتقال للعب في الدوري الأوروبي، مثلما حدث خلال العام الماضي.
الفريق الكتالوني يتفوق في إسبانيا محليًا ولكنه يعاني أوروبيًا، ولا يعلم أحد إلى متى تستمر تلك اللعنة تلاحق رجال تشافي، الذي دعم كامل صفوفه بصفقات قوية ونجوم عالمية دون فائدة بدوري الأبطال.
البلوجرانا كما يلقب ظهر بشكل جيد كمجموعة في أرضية الميدان، ولكنه ترك شخصيته القارية أو ربما هي منعدمة في الأساس منذ قدوم تشافي الذي ينجح محليًا ويفشل أوروبيًا منذ توليه المسئولية.
تشافي هو المشكلة!
بالنظر إلى التشكيل قبل اللقاء سنجد أن برشلونة يلعب بثلاثي هجومي مكون من ليفاندوفسكي وديمبيلي ورافينيا. بالطبع ظن الكل أن عثمان سيتواجد على اليسار تاركًا الجانب الأيمن للبرازيلي المهاري الذي يجيد اللعب في هذا المركز.
لكن تشافي قرر وضع رافينيا على اليسار وديمبيلي على اليمين، فكرة حاول تطبيقها أكثر من مرة في مواجهات الدوري الإسباني وفشلت. لأنها ببساطة تعطي ديمبيلي المكان الذي يحب اللعب فيه، لكنها تظلم رافينيا الذي لا يجيد التواجد إلا في الجناح الأيمن، وبالتالي وجدنا اختفاء واضح للبرازيلي.
الفكرة كانت في وضع عثمان في المكان الذي يجيد اللعب فيه أكثر، مع وضع رافينيا على اليسار ولكن بأدوار مركبة تجعله يدخل إلى العمق تاركًا المساحة للظهير ماركوس ألونسو الذي يوسع الملعب بتواجده على الخط.
وهذا ليس سيئًا بالطبع، ولكن التنفيذ كان سيبدو أفضل إذا تواجد فيران توريس أو فاتي بدلًا من رافينيا، لأنهم يفضلون الدخول للعمق بطبيعتهم، وبالتالي فإن تكليفهم بهذه الأدوار لن يمثل لهم أي مشكلة.
وبالتالي، فإن تشافي قد أهدر 55 دقيقة بهذا الشكل الفني الغريب، قبل أن يطالب عثمان بتبديل مركزه مع رافينيا، وبعدها نرى أول لعبة مؤثرة من رافينيا في كرة مررها للعمق وذهبت في الأخير لديمبيلي الذي سددها في العارضة.
ديمبيلي غير مفهوم؟
لا تستطيع أن تنكر أن عثمان ديمبيلي من أهم الأسماء حاليًا في خط هجوم برشلونة، وأن تأثيره الكبير وقت مشاركته لا يضاهيه أي جناح آخر لدى البلوجرانا وربما حتى في الدوري الإسباني كله.
لكن المشكلة الأبدية عند الفرنسي هي أنه لاعب مزاجي، ولا يمكنك ضمان استمرار مستواه طوال الموسم أو المراهنة عليه، بل يمكنك أن تلاحظ أنه في مباراة واحدة يمكنه الظهور بأكثر من شكل ومستوى.
قد يكون عثمان قد تسبب في هدف التعادل الملغي لبرشلونة، وهذه حقيقة، لكنه أضاع 66 دقيقة قبلها في خسارة الكرة والتصرفات الفردية العشوائية التي لا تليق بمستواه.
وبالتالي فالفريق أمام مشكلة حلها الوحيد عند عثمان، أما التطور في العقلية وتحسن تلك الجوانب بقرار اللاعب نفسه، أو عدم المراهنة عليه والاعتماد على لاعب آخر يكون بديلًا له في أوقاته المتواضعة لحين انتهاء الموسم.
برشلونة بلا شخصية قارية
لا شك أن أداء الفريق الكتالوني يتحسن يوم بعد يوم، ويمكن معرفة ذلك من العروض الرائعة التي يقدمها البارسا في بطولة الدوري الإسباني.
كما هو الحال أيضًا في دوري الأبطال، فكان برشلونة رائعًا للغاية أمام بايرن على الرغم من الخسارة، وفي الانتصار أمام فيكتوريا بلزن.
سقوط اليوم لا يقول إن هناك كارثة، ولكن يوضح للكل أن برشلونة لا يزال يحتاج للوقت لبناء شخصية قارية كبيرة، نعلم أن مثل هذه العبارات قد استهلكت، وأن جملة “شخصية البطل” قد وضعت في غير موضعها لسنوات طويلة وبرر بها فوز العديد من الفرق لمنافسات لم يستحقوها.
ولكنها حقيقة مع البلوجرانا، نحن أمام فريق يفتقد إلى شخصية قوية تجعله متماسكًا في مواجهات الأبطال، خصوصًا خارج الديار.
الفشل أمام ميونخ جاء في دقائق معدودة بسبب خطأ في التمركز كلف الفريق حالة من التوهان استمرت لفترة قليلة سجل فيها هدفين في شباك شتيجن، وأمس فشلت عناصر برشلونة أيضًا في التماسك أمام الضغط القوي من جماهير النيراتزوري في ملعب تاريخي مثل “جوزيبي مياتزا”.
وبالتالي فإن الحقيقة تشير إلى تراجع قوة الفريق القارية، وعلى تشافي إدراك ذلك، عليه معرفة وضعية عناصره ومدى تأثرهم بالضغوطات حتى يتعامل مع الموقف بأفضل صورة، تشافي خسر مباراة وقد يخرج من البطولة، ولكن عليه أن يكسب فريق.