في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت منصة مصر للتعليم التي أنشئت باتفاقية بين صندوق مصر السيادي والمجموعة المالية “هيرميس” ومجموعة جيمس الإماراتية، الاستحواذ على نسبة 56% من العلامة التجارية “سلاح التلميذ”، والتي تعدّ واحدة من أقدم الشركات التي تقدم كتبا ومراجع وملخصات للطلاب المصريين.
منصة مصر للتعليم EEP أنُشئت بموجب اتفاقية تعاون بين مكوناتها الثلاثة في عام 2018، والهدف منها الاستثمار في قطاع التعليم الأساسي في مصر. وهو العام نفسه الذي شهد تأسيس الشركة الإماراتية فرعًا لها في مصر. وهي جيمس مصر للخدمات التعليمية المملوكة، وكانت نتيجة شراكة بين صندوق التعليم المصري الذي تُديره المجموعة المالية هيرميس ومجموعة جيمس العالمية ومقرها دولة الإمارات.
اقرأ أيضًا: استحواذ وليس استثمارا.. الخليج يبتلع شركات مصر الرابحة
بداية الحكاية
في مايو/أيار من عام 2018، كشفت المجموعة المالية هيرميس، عن خبر يُفيد بدخولها في شراكة حصرية مع مجموعة جيمس التعليمية، وهي أكبر شركة استشارات وإدارة تعليمية خاصة في العالم مركزها الإمارات.
طبقًا لتلك الشراكة استحوذت هيرميس على مجموعة من المدارس المصرية، على أن تُديرها شركة التعليم الإماراتية. وقد أعلنت عن استثمار ما يصل إلى 300 مليون دولار أمريكي في الاستحواذ على مجموعة كبيرة من المدارس الوطنية والدولية الخاصة عبر المدن والمحافظات الرئيسية في مصر. ذلك على مدى السنوات الخمس المقبلة. على أن يتم تشغيلها حصريًا بواسطة جيمس الإماراتية.
لكن لم يكن هذا المشروع أول خطوة للإمارات في سوق التعليم المصري. ففي عام 2015، أعلنت أبو ظبي التزامها تأسيس 100 مدرسة جديدة في مصر، دون الإعلان عن تفاصيله.
ثم في العام نفسه 2018، وتحديدًا في ديسمبر/ كانون الأول، كشفت جيمس الإماراتية عن استحواذها على 50% من 4 مدارس، هي: المدرسة البريطانية الدولية بمدينتي، ومدرسة مدينتي بفرعيها المتكاملة وللغات، والمدرسة البريطانية في الرحاب.
وفي 2019، استحوذت منصة مصر للتعليم EEP على أكاديمية حياة الدولية. ذلك بعد استحواذها على شركة Option Travel العاملة بقطاع النقل الخاص، وستكون الذراع الخاص للشركة الإماراتية في تقديم خدمات النقل للطلاب.
صندوق مصر السيادي
منذ إنشاء صندوق مصر السيادي عام 2018، ولديه اهتمام بالاستثمار في قطاع التعليم. وقد ساهم الصندوق بنحو 250 مليون جنيه، في صندوق التعليم المصري الذي أنشأه بالتعاون مع المجموعة المالية هيرميس. وبعد أقل من ثلاثة أعوام، تحديدًا في يونيو/ حزيران 2021، حصلت منصة مصر للتعليم EEP على التراخيص اللازمة للبدء في مشروعاتها المشتركة مع صندوق مصر السيادي بمنطقة القرية الكونية بمدينة السادس من أكتوبر.
وتقرّر إنشاء مدرستين على مساحة 30 ألف متر مربع بتكلفة مبدئية قُدرت بحوالي 550 مليون جنيهًا. على أن يتم تشغيلهما فعليًا بحلول سبتمبر/ أيلول 2023. وتكون الطاقة الاستيعابية لهما حوالي 2000 طالب بكل مدرسة، وفقًا لأحمد وهبي، الرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس مصر.
حاليًا، ووفقًا لموقعها الإلكتروني، فإن منصة مصر للتعليم EEP تمتلك 19 أصلًا في محافظتي القاهرة والإسكندرية، منها 11 مدرسة في مراحل مختلفة من التطوير. ذلك بسعة مجمعة تصل إلى حوالي 20 ألف طالب، و8 فروع لمرحلة ما قبل المدرسة، بسعة مجمعة تقترب من 1000 طالب.
وتعمل منصة مصر في 5 قطاعات وأسماء تجارية مختلفة بالسوق المصري. بما فيها مدارس جيمس الدولية، ومدارس حياة، ومدارس برايم الوطنية، ومدارس تريليوم بريسكولز. إلى جانب الاستثمارات في الخدمات المجاورة، مثل نقل الطلاب. ويتم تقديمها عبر المنصة المملوكة لشركة Option Travel.
تعديل قانوني لصالح الإمارات
حتى العام 2018، لم يكن دخول الإمارات إلى قطاع التعليم في مصر مطابقًا للقانون. إذ اشترت شركة جيمس الإماراتية حصة 50% في أربع مدارس في مصر، في حين كان قرار وزارة التربية والتعليم الصادرة في عام 2019 يقيد ملكية الأجانب في المدارس الخاصة بحوالي 20% فقط من قيمة أسهم الشخصية الاعتبارية المالكة للمدرسة الدولية.
لكن بعد أقل من عامين، وتحديدًا في يناير/ كانون الثاني 2021، أفسحت وزارة التربية والتعليم المجال للأجانب في تملّك المدارس الخاصة، عبر قرارها رقم 237 بالسماح للأجانب بتملّك المدارس الدولية والخاصة دون حد أقصى. ووفقا للقرار الجديد، يجب أن تكون ملكية المدارس لشركة مسجلة في مصر. ولكن يمكن أن يتملك تلك الشركة شركات أو صناديق أو أفراد يحملون أي جنسية.
يرى الباحث عمرو خلف -الحاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية- أن إعلان الشركة الإماراتية عن خطة لإنشاء حوالي 30 مدرسة في مصر خلال العامين المقبلين عبر استثمار أكثر من مليار جنيهًا، يُثير الكثير من التساؤلات. خاصة إذا علمنا أن الإمارات تمتلك وحدها 35 مدرسة دولية في مصر. ذلك بنسبة 16% من عدد المدارس الدولية في مصر، البالغ عددها حوالي 217 مدرسة.
يقول في دراسة بعنوان “الإمارات وأبعاد التوغل في التعليم المصري”، إن هذا النهج يكشف مدى توسع الإمارات في عمليات وإنشاء وإدارة المدارس الدولية والخاصة. فضلًا عن الخدمات المُرتبطة بها مثل البرمجيات والكتب والمواد التعليمية وعمليات نقل الطلاب.
والمدارس الدولية هي مدارس تُطبق مناهج ذات طبيعة خاصة، إذ تدرس كل منشأة تعليمية غير حكومية المناهج الأجنبية، وفقًا لاتفاقية تعاونية مع الجهة المانحة بعد معادلتها بالمناهج المصرية، وتمنح طلابها شهادات مُتعارف عليها دوليًا، مع الالتزام بتدريس اللغة العربية والتربية الدينية.
وتُقدر حصة المدارس الدولية 1% من إجمالي أعداد المدارس في مصر، وفقًا للكتاب الإحصائي الصادر عن وزارة التربية والتعليم. وتستهدف المدارس الدولية والخاصة فئات اجتماعية ذات دخول عالية ومتوسطة. لذا تتواجد أغلب تلك المدارس الخاصة في القاهرة الكبرى والإسكندرية، ثم تقّل في محافظات الدلتا والصعيد، وفقًا لدراسة صادرة عن منصة العدالة الاجتماعية.
اقرأ أيضًا: “خلجنة الثقافة العربية”.. “الاستحواذ” من الشركات للريحاني وأم كلثوم
النموذج الإماراتي
والتعلم هو أهم أدوات دولة الإمارات في دعم القوة الناعمة لها وتنفيذ استراتيجيات ثقافية ودبلوماسية واقتصادية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي، والتي تُرّوج للنموذج الإماراتي في المنطقة.
وقد احتلت الإمارات المرتبة رقم 18 دوليًا في مؤشر القوة الناعمة العالمية. وهي تستغل استعداد الشرائح العليا من المجتمع المصري لإنفاق المزيد من الأموال على التعليم للحصول على شهادات دولية تُيسر لهم الحصول على المنح التعلمية، كما يقول “خلف” في دراسته.
ذلك أن المدارس المملوكة للإمارات تطرح خدماتها بمقابل ليس في متناول قرابة الـ90% من المجتمع المصري. إذ تتراوح أسعار تلك المدارس بين 71 ألف إلى 150 ألف جنيهًا. وهذا لا يشمل خدمات النقل التي تعدّ اختيارية. وهي بمقابل مادي يتراوح بين 13 ألف إلى 18 ألف جنيهًا سنويًا، وفقًا لدراسة عمرو خلف.
“هناك حالة انبهار بنموذج التعليم الإماراتي الذي يتم الترويج له من جانب البعض في مصر، اعتمادًا على المؤشرات المعتمدة من تقييمات منتدى دافوس العالمي”؛ يختتم “خلف”.