يقع العالم الآن تحت وطأة فيروس كورونا المستجد، وهناك العديد من المخاوف التي عبرت عنها بعض المؤسسات الحقوقية في ظل الظروف الاستثنائية المتعلقة بالعزل الصحي في المنازل وفرض التجوال، وتوقعات بارتفاع معدل العنف ضد النساء والأطفال، وفي الوقت الذي يُنصح فيه بإتباع إرشادات البقاء في المنزل من أجل السلامة العامة والأمان، هناك نساء وأطفال يشكل لهم هذا الوضع نتائج عكسية، ومن الممكن أن يمس أمانهم وسلامهتم.
sss
توقعات بزيادة معدل العنف ضد النساء
وتوقعت المحامية الحقوقية انتصار السعيد، أن يرتفع معدل العنف ضد النساء في هذه الفترة التي يطبق فيها حظر التجوال، وخصوصاً أن الدولة كرست جهودها وأجهزتها نحو السيطرة على انتشار كورونا.
وأشارت السعيد إلى أن المؤسسة أطلقت حملة لرصد وتوثيق حالات العنف التي ستقع ضد النساء خلال الفترة القادمة.
“ونشرت المؤسسة أرقاما خاصة بخط الشكاوى عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك”.
وأكدت المحامية على أن الفترة القادمة ستشهد طفرة في معدل العنف ضد النساء، وخصوصا هذه الفترة التي يتواجد أفراد الأسرة مع بعضهم لوقت طويل.
وأوضحت المحامية الحقوقية، أن جرائم العنف ضد النساء تحدث بالتوازي مع عدم صدور قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء، وعدم وجود مواد صريحة في قانون العقوبات مختصة بتجريم العنف المنزلي، وفى ظل نص المادة 60 من قانون العقوبات المصري التي تنص على: “لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة”، وتكون الحوادث المبنية على النوع الاجتماعي بشكل دائم مبررة بأنها من أجل “تأديب” المرأة سواء من أسرتها أو من زوجها أو من البيئة لهذا قد يمثل العزل الصحي المنزلي خطرًا على الناجيات من العنف إذا لم تتوفر لهن سبل الحماية الكافية.
وكانت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون قد أصدرت ورقة توصيات بشأن كيفية التعامل مع آثار جائحة كورونا على الناجيات من العنف، وتضمنت تلك التوصيات التي نشرت على صفحة المؤسسة الآتي:” تجهيز البيوت الآمنة للنساء، التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لاستقبال الناجيات من العنف، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني في تدريب العاملات بهذه البيوت على كيفية التعامل مع الناجيات”.
بالإضافة إلى:” التوسع في الإعلان عبر وسائل الإعلام المختلفة عن الخط الساخن المجاني التابع للمجلس القومي للمرأة رقم 15115، والخطوط الساخنة التابعة لوحدة مكافحة العنف ضد النساء بوزارة الداخلية وأرقام الشكاوى الخاصة بها، بالإضافة إلى الأرقام الخاصة بوزارة التضامن الاجتماعي والتابعة لأماكن استضافة الناجيات من العنف، وإعداد خطة تعاون مشترك ما بين وزارة الداخلية، المجلس القومي للمرأة، المجلس القومي للأمومة والطفولة في التصدي للعنف المنزلي ضد النساء والأطفال في ظل الأزمة الراهنة”.
وأشارت المؤسسة إلى ضرورة:” توفير خدمات الدردشة الفورية للدعم النفسي للناجيات من العنف، وتوفير خدمة الرسائل الفورية مع تحديد الموقع الجغرافي من قبل وحدة مناهضة العنف ضد النساء بوزارة الداخلية”.
إقرأ أيضا: ضحايا وجناة .. “العنف المنزلي” يشتتهم .. و” العزل الذاتي” يجمعهم
النساء يدفعن ثمن عدم الأمان الاقتصادي
ترى إلهام عيداروس الناشطة النسوية، أن الأسر المترابطة والتي تأبى العنف سوف ترى في هذه الفترة من العزل الصحي المفروض فرصة للتقارب والتواصل، وإنما الأسر التي بها بذور عنف سيزداد العنف فيها على النساء خلال هذه الفترة، واستندت إلى ارتفاع نسبة العنف ضد النساء في فرنسا لــ 32% خلال العزل الصحي.
وفسرت عيداروس أسباب زيادة العنف ضد النساء، في نقاط أبرزها، الضغوط وعدم الأمان الاقتصادي، التي ستقع على الأسر، التي فقدت مصدر رزقها، بعدما قامت بعض الشركات بفصل العمال خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى حالة التوتر الصحي بين الجميع في دول العالم، وأيضًا بعض الرجال يتعاطون المخدرات بكم كبير، فقبل الحظر كانوا يفعلون هذا خارج إطار المنزل وبالتالي ومع تشديد الحركة ليلا أصبح لا مفر من قيام هذا في المنزل وبالتالي من الممكن جدا أن يكون نتيجة هذا هو خروج الضيق والزهق في شكل عنف ضد النساء المتواجدات بالمنزل.
وتؤكد المؤشرات الإحصائية لنتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي للسيدات في الفئة العمرية (18-64سنة) الصادر عام 2015 فإنه بلغت نسبة النساء السابق لهن الزواج اللآتي تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الزوج%34.1، كما تعرض 9.8% من النساء السابق لهن الزواج لعنف بدني وجنسي ونفسي على يد أزواجهن.
بالإضافة إلى أن أكثر من ربع النساء المصريات (27.4%) قد تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة، و18% وهي نسبة النساء اللآتي تعرضن لعنف بدني وجنسي على يد أفراد العائلة والبيئة المحيطة منذ بلوغهن 18 سنة.
إقرأ أيضا: “المبادرة المصرية” وضعتها..ثلاثة محاور لحماية النساء في مواجهة كورونا
الأطفال الحلقة الأضعف.
من المتوقع أن يزداد العنف ضد الأطفال والذين يعتبرون الحلقة الأضعف في المنزل خلال هذه الفترة، وتتزايد وتيرة العنف الاسري لأسباب كثيرة فقد تواجه الاسرة ضغوط اقتصادية من جراء فقدان العمل أو مصدر دخل الأسرة، وكذلك الاضطراب وعدم الاستقرار في الدراسة بالنسبة للأطفال وقضاء وقت أطول معاً بلا أنشطة أو أعمال ما يؤدي إلى تنامي الشعور بالملل والضيق، حسبما ترى نيفين وليام الأخصائية النفسية.
وأضافت وليام أنه من البديهي أن يشعر الطفل بالانزعاج عندما يشاهد أحد الآباء يضرب الآخر أو أن الطفل نفسه يتعرض للسب أو التعنيف اللفظي والاستهزاء أو التحقير منه والأصعب أن يتم ضربه أو حبسه وتحجيم حركته، خاصة أن هذا العنف يقع من الآباء الذي يعتقد الطفل أنهم مصدر للحماية، مشيرة إلى أنه عادة ما يصب الكبار ما يشعرون به من ضغط قلق وخوف على من هم أضعف منهم أو من يظنون أنهم لديهم القدرة على التحكم فيهم، وبالتأكيد الجميع يحتاج إلى تفريغ طاقة الغضب وخروج الضغوط النفسية التي يشعر بها، لكن علينا الانتباه للطريق التي نفرغ بها هذه الطاقة السلبية.
وأكدت الأخصائية النفسية على أن للعنف الأسري ضد الأطفال آثار جسيمة، كالتالي:” إصابة الأطفال بالقلق، وبعضهم يعانى التبول الليلى، وصعوبة النوم مع حدوث كوابيس أثناء النوم ويبدأ في التصرف بنفس السلوكيات التي يتبعها الأهل معه بما في ذلك نوبات الغضب أو العناد، ويميل البعض للانعزال عن الناس والابقاء على مشاكلهم في داخلهم وتظهر عليهم علامات القلق والاكتئاب ويعانون من شكاوى جسدية مختلفة وتظهر أعراض اضطراب نظام غذائهم، وقد يؤثر هذا على سلوكهم خارج إطار المنزل بعد ذلك”.
وفي تقرير عن “اليونيسيف” الصادر في عام 2016، وصلت نسبة العنف الجسدي ضد الأطفال في مصر لـ 93%، يتعرضون للتعنيف الجسدي سواء عن طريق الأسر أو حتى دور الرعاية، أما العنف النفسي في مصر فتتراوح هذه النسبة ما بين 40 و50% من الأطفال معرضين لهذا النوع من العنف.
ونصحت الأخصائية النفسية ريهام خليل بضرورة تفعيل مبادرات وحملات توعية إعلامية للحد من العنف ضد الأطفال ومنها حملة التضامن الاجتماعي مع عدد من الهيئات الدولية، بعنوان” نربي بأمانة مش بالإهانة” للتوعية من مخاطر ممارسة العنف مع الأطفال، مؤكدة علي ضرورة التفاعل مع الخدمة التي بدأت وزارة الصحة في تقديمها للجمهور من خلال الأمانة العامة للصحة النفسية بعنوان ” احمي النفسية” والتي تهدف إلى حماية الصحة النفسية من الضغوط التي تمارس على المواطنين خلال فترة العزل الصحي.