في الحروب والمعارك الكبرى دائمًا يقف جنود في المواجهة، وآخرون يقفون خلف الكواليس لن يتحقق الانتصار بدونهم، الأطباء، أو الجيوش البيضاء، الكادر الطبي بأنواعه (أطباء – تمريض – عمال مستشفيات- فنيون معامل) يتصدرون الصفوف الأمامية، لمواجهة خطر فيروس كورونا المستجد، بينما يقف أبناء صاحبة الجلالة من صحفيين وإعلاميين، محاربين خلف الكواليس لنقل المعلومات والتوعية والإرشاد.
sss
وتسبب فيروس كورونا، الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية، أواخر العام الماضي في إصابة، 735 ألفاً، و839 حالة مؤكدة حول العالم، حتى ظهر اليوم الاثنين، توفى منهم 34 ألفاً، 851 حالة، وتعافى أكثر من 156 شخصا عقب تلقى العلاج.
وسجلت مصر أكثر من 609 حالات إصابة بالمرض، ووفاة 40 حالة، وتماثل آخرين للشفاء.
عشوائية وارتباك
وتسلط الصحفية منى، محررة ملف الصحة في إحدى الجرائد الخاصة، الضوء على نقص التنسيق بين وزارة الصحة والمحررين المعنيين بالملف في ظل الجائحة وتقول”قبل الإعلان عن سفر وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، بساعة ونصف إلى مستشفى العزل بمطروح التي استقبلت فيها العائدين من الصين، جرى إبلاغ محررين ملف الصحة بالجرائد والمواقع الإخبارية، لمرافقة الوزيرة والتغطية، في ساعة ونصف الساعة فقط علي تحضير أنفسهم، وترتيب أمورهم الحياتية وإبلاغ المؤسسة”.
وقال معزّ شقشوق، مساعد المديرة العامة لليونسكو لقطاع الاتصال والمعلومات، إن الحاجة ملحة في الوقت الحالي، لاتخاذ إجراءات تقي الصحفيين خاصة العاملين في الميدان من خطر الإصابة بكورونا”.
وقال شقشوق، في تصريح صحفي له،” دور الصحفيين في إعلام العامة وإبلاغهم بأحدث المستجدات خلال الأزمات هو دور محوري، من شأنه أن ينقذ الأرواح في حالات الطوارئ”.
وأضاف”تقع على عاتق الحكومات وأصحاب القرار مسؤولية ضمان سلامة الصحفيين عند تغطية أي أزمات صحية أو اجتماعية مترتبة على الوباء، وذلك بموجب المعايير الدولية المتعلقة بحرية التعبير.”
وتكمل الصحفية” عدم الترتيب المسبق وضعنا تحت ضغط الوقت الضيق ومهمتنا في عمل تغطية جيدة تفيد المواطنين، في ظل تكتم على المعلومات في بعض الأحيان وخاصة في بداية الأزمة”.
وتابعت”لم أقلق أثناء التغطية بمستشفى مطروح على نفي من الإصابة، كان الوضع وقتها مستقر نسبيا، ولا يوجد حالات بمصر رغم خوف من حولي ولومهم لي أنني أعرض حياتي للخطر، لكني شعرت بالقلق حقًا أثناء تغطية مؤتمر الوزارة الأخير في وسط الزحام واحتكاك العديد من الصحفيين وكوادر الوزارة وعدم تنظيم المؤتمر بشكل جيد، وخشيت من الإصابة بالكورونا وكنت قلقلة جدًا على أطفالي”.
نقص معلومات
“وفي وسط تحفظ المصادر والوزارة على المعلومات”، حسب رؤية المحررة، “هناك معاناة حقيقة في العمل طوال اليوم لتحديث الأرقام أول بأول، خاصة أن القضية حساسة والدقة فيها واجبة ونسبة الخطأ تؤدي للبلبلة وشائعات لا حصر لها”.
وقالت،”هناك تعتيم على المعلومات والمصادر لا تؤكد ولا تنفي معلومة، وبعد ذلك يهاجمنا الجميع سواء من الوزارة أو المجلس الأعلى للإعلام الذي يلزمنا بنشر البيانات الرسمية فقط، وأحيانا التشكيك من المواطنين في الإعلام”.
ويقول صحفي أخر مسئول عن ملف الصحة بموقع إخباري، رفض ذكر اسمه،”هناك صعوبات في التغطية، نظرًا للخطر الناتج من التواجد في مستشفيات الحميات والمعامل، خاصة أنها المرة الأولى لتغطية هذه النوعية من القضايا والتعامل مع وباء جديد، معبرا عن قلقه من أن يكون سبب في انتقال عدوى لأحد من أقاربه أو أصدقائه بسبب تردده على أماكن المصابين”.
ويتفق الصحفي، أحمد محرر ملف الصحة، بإحدى الجرائد القومية، مع مخاوف زملائه في نقل العدوي لأسرهم، واصفا الإجراءات الوقائية “بالضعيفة في أماكن التغطية الميدانية مثل وزارة الصحة والمعامل والمستشفيات خاصة الحميات التي تكون عرضة أكبر للإصابة، مشيرًا إلى أن أدوات التعقيم والحماية لا توفرها المؤسسات الصحفية، وانما يقوم الصحفي بتوفيرها لنفسه وعلى حسابه الشخصي”.
ويقول أحمد ” صحفيو الملف لم يتلقو تدريب حول السلامة المهنية، أو أساليب التغطية لكورونا، لافتا إلى أن العدوى ليست المخاوف الوحيدة للمحررين إنما العمل تحت ضغط الوقت والدقة وظهور أخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، تضعهم في ضغط نفسي وعصبي، خاصة في ظل غياب تعاون مصادر وزارة الصحة مع المحررين لإثبات أو نفي المعلومات المترددة”.
نائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيات وعضو مجلس نقابة الصحفيين سابقا، عبير سعدي ، تؤكد في تصريحات خاصة، لمصر 360، على ضرورة مراعاة المحررين المكلفين بتغطية تباعات وباء كورونا لسلامتهم المهنية، واتخاذ إجراءات وقاية من وضع كمامات وقفزات وكحول”.
وأوصت”سعدي”، بضرورة وتعقيم أدوات الصحفي في حالة اصطحاب كاميرا، فضلا عن مراعاة المسافة بين الصحفي وبين الأشخاص المحيطين به والتقليل من اللقاءات المباشرة قدر الإمكان واستبدالها بلقاءات عبر التليفون ووسائل التواصل الإلكترونية الأخرى، مستنكرة ما حدث بالمؤتمر الأخير لوزيرة الصحة من تكدس وعدم تنظيم.
وشددت” سعدي”، على وجود تصاريح في أماكن التغطية المتواجد فيها مصابين بالمرض لتسهيل عمل الصحفي، فضلا عن التصاريح اللازمة وتوفير وسيلة انتقال من المؤسسة في حال تواجده بأوقات حظر التجوال، مضيفة “لا تخاطر بنفسك إذا كان النزول في أوقات الحظر سيسبب لك المشكلات فسلامتك أولا، والتحرك من موقع التغطية يكون بوقت كاف قبل الحظر حتى لا تكون عرضة للزحام الشديد”.
وطالبت بمراعاة عدم إثارة الصحفي الرعب والبلبلة وتطبيق قاعدة (لا تهويل ولا تهوين)، مؤكدة في الوقت نفسه على مراعاة السلامة النفسية للصحفي من خلال نشاطات بعيدة عن العمل الصحفي لتصفية الذهن، لاسيما أن الصحفي يحتك خلال عمله بمصابين ومشاعر حزن المرضى والأهالي وقلق وتوتر، مطالبة المؤسسات الصحفية بتكليف أكثر من شخص لمتابعة الأزمة وألا يكون الضغط على محرر واحد لمراعاة صحتهم النفسية.
ووجه عضو مجلس نقابة الصحفيين محمود كامل، رسالة لصحفي ملف الصحة والمكلفين بتغطية أزمة كورونا مفادها “سلامتك أولا، لأنك إن لم تحافظ عليها لن تتمكن من القيام بعملك الصحفي، ولفت إلي أن أي صحفي يتم إجباره على العمل في ظل ظروف غير ملائمة عليه أن يبلغ النقابة وسنتحرك فورا لمساندة الزميل”.
“كلنا نعيش في ظرف مجتمعي على البلد كلها وعلينا أن تتكاتف للعبور من الأزمة”.
وتابع كامل “على أي صحفي ألا يقوم بمهام عمله وتغطيته الصحفية إلا إذا كان المكان آمن وألا يرضخ لأي ضغوطات من قبل المؤسسة” متابعا “قبلنا العمل تحت ضغوطات مادية سابقة بسبب أحوال المهنة لكن هذه المرة فهو تعريض حياة الصحفيين للخطر”.
“كان من المفترض أن تقدم النقابة الدعم سواء في توفير أدوات الوقاية للزملاء الصحفيين، مثلما فعلت من قبل في توفير سترات وخوذات أثناء تغطية الاشتباكات، لكن لضيق الوقت وتطور الأحداث وإصدار قرارات بمنع التجمعات وغلق النقابة لم نتمكن من ذلك” بحسب عضو المجلس، مشيرا إلى أنه سيطرح على لجنة التدريب عمل دورات حول التغطية المهنية وطرق السامة عبر الإنترنت.
وطالب كامل الصحفيين بالتزام الدقة والمسئولية في نقل الأخبار والبيانات الرسمية، لعدم إثارة البلبلة، وفي حالة امتلاك الصحفي معلومات مخالفة للإعلانات الرسمية عليه توثيقها من أكثر من مصدر.
كما طالب أيضا بصرف مرتبات الصحفيين بشكل منظم في ظل الأوضاع الحالية خاصة الصحف الخاصة وملاكها من رجال الأعمال والالتزام بمسئوليتهم المجتمعية تجاه الأزمة.