أكثر من 10 ملايين مصري، يصنفون بأنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، يترقبون تنفيذ القانون 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، الذي طال انتظاره، رغم إصداراللائحة التنفيذية الخاصة به، متسائلين: عن أسباب التأخر وعدم الانتهاء من قاعدة البيانات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، التي من المفترض أن تستخدم في تخطيط وتنفيذ ومتابعة تقديم الخدمات الصحية المختلفة، لاسيما وأن 90% من الحقوق المنصوص عليها في التشريع مرتبطة ارتباطا وثيقا بضرورة استخراج بطاقة الخدمات التي لن تخرج قبل الانتهاء من قاعدة البيانات فى المقام الأول.
sss
الأمر استدعى قيام عدد من النواب، ومنهم النائب خالد حنفي، بتقديم طلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرتي الصحة والتضامن، بشأن سرعة الانتهاء من قاعدة البيانات اللازمة، حتى يتسنى للقائمين على تفعيل القانون تطبيقه بالشكل اللازم على أرض الواقع، وحصول ذوي الاحتياجات الخاصة على حقوقهم المكتسبة التي وردت في القانون.
ووفقا لنتائج التعداد السكاني الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في عام 2017، فإن ذوى الاحتياجات الخاصة في مصر، يشكلون 10.67% من إجمالي عدد السكان. وبدءا من عمر 5 سنوات فأكثر، يبلغ عدد ذوي الاحتياجات نحو 10.1 مليون مواطن من إجمالي عدد السكان خلال عام 2017 ، والبالغ 94.8 مليون نسمة.
بلغ عدد ذوي الاحتياجات 10.1 مليون مواطن وفقا لنتائج التعداد السكاني الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
لسنوات طويلة ظل ملف ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني من التجاهل، نظرا لغياب تقاليد مستقرة في هذا المجال، ورغم جهود الدولة الحثيثة في هذا الملف الإنساني الحديث نسبيا، إلا أنها لم تحقق الطموحات والمطالب المرجوة، هذه المطالب والطموحات التي كانت تواجه بتحديات كبيرة، في صدارتها عدم وجود تقديرات صحيحة للأعداد.
أرقام وإحصائيات
وفي السنوات الأخيرة بدأت عقبة الارقام والإحصائيات في الزوال. ليبدأ فاصل جديد من المكاشفة والشفافية الرقمية لتشكل الخطوة الاساسية على طريق وضع الحلول وحل مشاكل السنين والإهمال القديم.
وتظهر الإحصائيات أن الأشخاص من ذوى إعاقة “المشى أو الصعود” يشغلون المركز الأول من جملة أصحاب الإعاقات، إذ تبلغ النسبة 6.32 %.
ويأتى أصحاب إعاقة “فهم الآخرين والتواصل معهم” فى المرتبة الأخيرة من حيث انخفاض نسبتهم إذ يشكلون 2.78% من جملة الأشخاص ذوى الإعاقة على مستوى الجمهورية.
وتبلغ نسبة ذوى إعاقة “السمع” 3.59%، و3.65% هى نسبة من يعانون من صعوبة فى التذكر والتركيز “الزهايمر”.
أما من لديهم صعوبة فى رعاية أنفسهم، فتبلغ نسبتهم 2.94% من إجمالى الأشخاص ذوى الإعاقة بالدولة .
ويزيد عدد “المعاقين” بالحضر عن الريف، حيث تمثل نسبة ذوى الإعاقة فى حضر الجمهورية 12.2% من العدد الإجمالى للسكان “5 سنوات فأكثر”، مقابل 9.71% بالريف .
وعلى مستوى المحافظات، تحتل محافظة المنيا، المركز الأول، من حيث ارتفاع أعداد المعاقين بها من إجمالى عدد سكان المحافظة، إذ تبلغ نسبة ذوى الإعاقة فى المنيا 3.14 %.
تليها محافظة القاهرة بنسبة 3.05% من إجمالى سكان “العاصمة”، وفى المركز الثالث، جاءت محافظة أسيوط بـ 2.86%، ثم محافظة كفر الشيخ بنسبة 2.85 %. وبحسب البيانات الإحصائية، بلغت نسبة ذوى الإعاقة فى محافظة الإسكندرية 2.83% من إجمالى سكان المحافظة، فى حين بلغت بمحافظة البحيرة 2.77%، أما فى باقى محافظات مصر تتراوح النسبة بين (1.36% – 2.73%).
11 مادة في الدستور ..وامتيازات بالقانون 10 لسنة 2018
على الجانب التشريعى فى مصر، لم تغفل حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ورعايتهم، لذلك أصبح لذوى الإعاقة 11 مادة واضحة وصريحة فى دستور 2014، منها المادة 53 التى تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم،وهناك المادة 60 من الدستور ذاته والخاصة بالأطفال، حيث تم وضع فقرة خاصة برعاية الأطفال ذوى الإعاقة، وكذلك، المادة 37 الخاصة بالتمييز، علاوة على المادة 81 والتى تلتزم الدولة بموجبها بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وبذلك يضمن الدستور لهذه الفئة الحقوق والحريات وتوفير فرص العمل من المساواة مع غيرهم ودمجهم فى التعليم.
يضمن الدستور لهذه الفئة الحقوق والحريات وتوفير فرص العمل من المساواة مع غيرهم ودمجهم فى التعليم
جهود حثيثة
وبالفعل هناك جهود حثيثة تقوم بها الحكومة المصرية لخدمة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، كانت البداية خلال افتتاح فعاليات الدورة الثامنة للألعاب الإقليمية لأولمبياد المعاقين في 5 ديسمبر 2014، إذ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي إنشاء 4 مدن لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وفى 2015 التقى بالقائمين على مشروع إنشاء “مراكز للرعاية الشاملة لذوى الاحتياجات الخاصة فكريًا “.
وفي أواخر عام 2017 أعلن الرئيس السيسي أن عام 2018، هو عام “ذوي الاحتياجات الخاصة”، وما تبعه من إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كافلاً حقوقهم السياسية والصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية والرياضية، وذلك من خلال النص على العديد من الامتيازات التي كان من أهمها تخصيص نسبة لا تقل عن 5% من المقبولين في المؤسسات التعليمية، وتخصيص ذات النسبة في كل جهة عمل تستخدم 20 عاملاً فأكثر .
وفي مطلع عام 2019 صدر القانون رقم 11 لسنة 2019 بشأن “المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة” الذى منح المجلس الاستقلال الفني والمالي والإداري، والحق في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عمله .
ومن خلال أجندة التنمية المستدامة 2030 وأهدافها بدايةً من الحق في التعليم، تم الاهتمام بالتعليم الدمجي وتطورات القرارات التابعة له وصولاً لصدور القرار الوزاري رقم 42 لسنة 2015 المعني بتطبيق التعليم الدمجي للتلاميذ ذوي الإعاقة البسيطة بالفصول النظامية بالمدارس.
توسيع قاعدة الحقوق شملت الاستجابة إلى العديد من المطالب، أبرزها إصدار قانون مجلس النواب، متضمناً تخصيص عدد من المقاعد في كل قائمة انتخابية لذوي الإعاقة، ليصل عدد المنتخبين والمعينين منهم بمجلس النواب إلى تسعة نواب (٨ منتخب + ١ معين).
قانون مجلس النواب خصص عدد من المقاعد في كل قائمة انتخابية لذوي الإعاقة
تلك الخطوات تبعها خطوة هامة عقب إصدار الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، عدد من نشرات التوعية للعاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة، بأهم مزاياهم في القانون الخاص بهم، المتفق مع بنود قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 للعامين بالحكومة، وقانون العمل رقم 3 لسنة 2012، المعمول به حاليا، فيما يخص أوضاع العاملين بالقطاع الخاص،ومن أبرزها تخفيض ساعات العمل في جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية، بواقع ساعة يوميًا مدفوعة الأجر للعاملين من ذوي الإعاقة.